مصطفى بكري يطالب علاء مبارك بإعادة أموال مزعومة من سويسرا في سجال متصاعد

شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية تصعيدًا جديدًا في الخلاف العلني بين الإعلامي وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، ونجل الرئيس المصري الأسبق علاء مبارك. تركز السجال الأخير حول مطالبة بكري لعلاء مبارك بإعادة مبلغ ضخم يُقدر بـ 20 مليار جنيه، يزعم أنه موجود في بنوك سويسرية، مهددًا بكشف "وقائع" قد تكون مزعجة لنجل الرئيس الأسبق.

تفاصيل وجذور الخلاف الأخير

اندلع التراشق الكلامي الأخير عبر تغريدات على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، حيث وجه مصطفى بكري اتهامات مباشرة لعلاء مبارك تتعلق بثروة أسرته. وفي تصريحاته، أشار بكري إلى أنه يمتلك معلومات و "وقائع" لم يكشف عنها بعد، مستخدمًا عبارة "حتزعلك" كتهديد ضمني بالكشف عن تفاصيل حساسة. جاءت مطالبته باسترداد مبلغ 20 مليار جنيه كذروة لهذا السجال، وهو ما أعاد إلى الأذهان الجدل القديم حول أموال أسرة مبارك في الخارج.

من جهته، لم يصمت علاء مبارك، الذي ينشط بشكل ملحوظ على مواقع التواصل الاجتماعي، ورد على اتهامات بكري بسلسلة من التغريدات التي حملت طابعًا تهكميًا، نافيًا هذه الادعاءات ومشككًا في مصداقية بكري ودوافعه. غالبًا ما تتضمن ردود مبارك تلميحات إلى مواقف بكري السياسية المتقلبة، حيث كان من مؤيدي نظام والده قبل أن يصبح من أبرز الداعمين للسلطة الحالية.

خلفية قضية الأموال المصرية في سويسرا

تعود قضية الأموال المهربة المنسوبة لمسؤولين في نظام مبارك إلى أعقاب ثورة 25 يناير 2011. في ذلك الوقت، أعلنت الحكومة السويسرية تجميد أصول تعود للرئيس الأسبق حسني مبارك وعدد من المقربين منه، استجابة لطلب من السلطات المصرية الجديدة. قدرت هذه الأصول بمئات الملايين من الفرنكات السويسرية، وبدأت مسيرة طويلة من الإجراءات القانونية بين البلدين لمحاولة استردادها.

على مدار السنوات التالية، خاضت الدولة المصرية معارك قضائية معقدة لاستعادة هذه الأموال. إلا أن معظم هذه المحاولات واجهت صعوبات قانونية، حيث اشترطت السلطات السويسرية صدور أحكام قضائية نهائية وباتة بالإدانة في قضايا فساد مالي ضد أصحاب هذه الأموال. ومع حصول العديد من رموز نظام مبارك، بمن فيهم نجليه علاء وجمال، على أحكام بالبراءة في معظم القضايا المالية التي واجهوها، أصبح المسار القانوني لاسترداد الأموال أكثر تعقيدًا. وفي عام 2017، أعلنت سويسرا إلغاء تجميد أموال مرتبطة ببعض رموز النظام السابق، واستمر التعاون القضائي في حالات أخرى، لكن القضية ظلت محل جدل شعبي وسياسي واسع في مصر.

دلالات وأهمية السجال الحالي

يكتسب هذا الخلاف أهميته من كونه يتجاوز حدود المشادة الشخصية بين شخصيتين عامتين، ليمس قضايا ذات حساسية وطنية، أبرزها:

الذاكرة الشعبية والعدالة الانتقالية: لا تزال قضية ثروة مبارك واسترداد الأموال المنهوبة مطلبًا رئيسيًا لدى قطاع كبير من المصريين، ويمثل هذا السجال تذكيرًا بملف لم يُغلق بالكامل في الوعي العام.
استخدام الإعلام كساحة للصراع السياسي: يعكس الخلاف الدور المتزايد لمنصات التواصل الاجتماعي كأداة للمعارك السياسية وتصفية الحسابات، حيث يمكن للشخصيات العامة حشد الرأي العام والتأثير فيه بعيدًا عن القنوات الرسمية.
الاستقطاب السياسي المستمر: يظهر السجال استمرار حالة الاستقطاب بين مؤيدي ومنتقدي حقبة مبارك، وكذلك التيارات السياسية المختلفة في مصر ما بعد 2013.

في الختام، يمثل الجدل الدائر بين مصطفى بكري وعلاء مبارك حلقة جديدة في مسلسل طويل من النقاشات حول إرث فترة حكم مبارك، مستحضرًا ملفًا شائكًا يمزج بين السياسي والقانوني والشعبي. ورغم أن الاتهامات المتبادلة تظل في إطار التراشق الإعلامي دون تقديم أدلة ملموسة للرأي العام، فإنها تنجح في إثارة اهتمام واسع وتسليط الضوء مجددًا على قضايا لم تجد طريقها إلى حلول نهائية.