الأمير أندرو على خطى إدوارد الثامن: عزلة ملكية جديدة تلوح في الأفق

تتصاعد المقارنات بين الوضع الحالي للأمير أندرو، دوق يورك، والمصير الذي واجهه عمه الأكبر الملك إدوارد الثامن قبل نحو قرن، حيث يجد الأمير نفسه معزولاً بشكل متزايد عن الحياة الملكية الرسمية. ويأتي هذا التشبيه في ظل ضغوط مستمرة من شقيقه الملك تشارلز الثالث، والتي تهدف إلى تقليص دور أندرو وممتلكاته، مما يعيد إلى الأذهان قصة التنازل عن العرش الشهيرة التي هزت بريطانيا في عام 1936.

خلفية أزمة الأمير أندرو

بدأت مشاكل الأمير أندرو تتفاقم بشكل كبير بعد ارتباط اسمه برجل الأعمال الأمريكي المدان بجرائم جنسية، جيفري إبستين. وبلغت الأزمة ذروتها بعد مقابلة تلفزيونية كارثية مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في نوفمبر 2019، حاول فيها الأمير تبرئة ساحته لكنه فشل في إظهار أي تعاطف مع ضحايا إبستين، مما أثار غضباً شعبياً واسعاً.

على إثر هذه المقابلة، اضطر الأمير أندرو إلى التخلي عن واجباته الملكية العامة، وتوالت عليه الخسائر، حيث تم تجريده من ألقابه العسكرية ورعايته الملكية في يناير 2022. كما واجه دعوى قضائية مدنية في الولايات المتحدة من قبل فرجينيا جوفري، التي اتهمته بالاعتداء الجنسي عليها عندما كانت قاصراً. ورغم نفيه القاطع لهذه المزاعم، انتهت القضية بتسوية مالية كبيرة خارج المحكمة، مما زاد من تلطيخ سمعته وأدى إلى إبعاده بشكل شبه كامل عن الدائرة المقربة للعائلة المالكة.

التشابه التاريخي مع الملك إدوارد الثامن

تستدعي عزلة الأمير أندرو الحالية إلى الذاكرة أزمة تنازل الملك إدوارد الثامن عن العرش عام 1936. فقد اختار إدوارد التخلي عن التاج ليتزوج من المطلقة الأمريكية واليس سيمبسون، وهو قرار اعتبرته الحكومة البريطانية والكنيسة الأنجليكانية آنذاك غير مقبول دستورياً ودينياً. بعد التنازل، عاش إدوارد وزوجته، اللذان حملا لقب دوق ودوقة وندسور، حياة طويلة في المنفى بفرنسا، معزولين عن الواجبات الرسمية وعن قلب العائلة المالكة.

أوجه التشابه بين الحالتين تكمن في فكرة "العضو الملكي المنبوذ" الذي تسببت أفعاله الشخصية في إحداث أزمة دستورية أو أزمة سمعة للمؤسسة الملكية. فكما أن علاقة إدوارد بواليس سيمبسون كانت تهديداً لاستقرار التاج، فإن ارتباط أندرو بقضية إبستين يعتبر ضرراً بالغاً لصورة العائلة المالكة في العصر الحديث.

التطورات الأخيرة والضغط الملكي

تتمثل أحدث فصول أزمة الأمير أندرو في الخلاف الدائر حول مقر إقامته، "رويال لودج" في وندسور. تشير التقارير الصادرة خلال الأشهر الأخيرة إلى أن الملك تشارلز الثالث يمارس ضغوطاً متزايدة على شقيقه لمغادرة هذا القصر المكون من 30 غرفة والانتقال إلى مسكن أصغر، مثل "فروغمور كوتاج" الذي كان يقيم فيه الأمير هاري وميغان ماركل. ويأتي هذا التحرك في سياق خطة الملك لتحديث النظام الملكي وتقليص نفقاته.

يعتمد الملك في ضغطه على تخفيض الدعم المالي السنوي الذي كان يتلقاه أندرو من والدته الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، مما يجعل تكاليف صيانة وتشغيل "رويال لودج" الباهظة عبئاً يصعب على الأمير تحمله. ورغم مقاومة أندرو، الذي يتمسك بعقد إيجار طويل الأمد للمنزل، فإن مستقبله في القصر يبدو غير مؤكد على الإطلاق.

أهمية المقارنة وتأثيرها

تكمن أهمية هذه المقارنة في أنها تسلط الضوء على تطور تعامل المؤسسة الملكية مع الأزمات التي تهدد سمعتها. ففي حين أن أزمة إدوارد الثامن كانت دستورية بالدرجة الأولى، فإن أزمة أندرو هي أزمة أخلاقية وقانونية تتكشف في عصر الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم التدقيق في كل خطوة بشكل مكثف. إن إصرار الملك تشارلز على تهميش شقيقه يعكس فهماً عميقاً لضرورة حماية صورة التاج من أي سلوك يعتبر غير لائق، وهو نهج أكثر صرامة وحسماً مقارنة بالماضي. وهكذا، يبدو أن الأمير أندرو يسير بالفعل على درب عمه الأكبر نحو مصير من العزلة الدائمة، وإن كانت الأسباب والسياق التاريخي مختلفين.