افتتاح المتحف المصري الكبير يثير إشادة عالمية واسعة ويُوصف بـ'المذهل والاستثنائي'

شهدت الأوساط الثقافية والسياحية العالمية مؤخرًا حدثًا تاريخيًا بارزًا بافتتاح المتحف المصري الكبير، وهو الصرح الحضاري الضخم الذي طال انتظاره لما يقارب عقدين من الزمان. وقد حظي الافتتاح بتغطية إعلامية عالمية واسعة النطاق، حيث أشادت به كبريات الصحف ووكالات الأنباء الدولية، واصفة إياه بـ"المذهل والاستثنائي". أبرزت هذه التغطيات دوره المحوري في إعادة تسليط الضوء على عظمة الحضارة المصرية القديمة، وتأكيد مكانة مصر الثقافية المتميزة على الساحة الدولية كمركز لا غنى عنه للتاريخ والآثار.

خلفية المشروع وأهميته التاريخية

يُعد المتحف المصري الكبير، المعروف اختصارًا بـGEM أو متحف الجيزة الكبير، مشروعًا قوميًا طموحًا وهدفًا ثقافيًا عالميًا. يقع هذا المعلم المعماري الفريد على بعد كيلومترين فقط من أهرامات الجيزة الخالدة، مما يوفر للزوار تجربة متكاملة تربط بين عراقة أقدم عجائب الدنيا السبع وإشراقة تصميم متحفي حديث. بدأت فكرة إنشاء المتحف في أوائل التسعينيات من القرن الماضي بهدف رئيسي هو توفير مساحة كافية لعرض المجموعة الأثرية الهائلة التي تمتلكها مصر، والتي كانت تعاني من قيود المساحة في المتحف المصري بالتحرير التاريخي. الهدف الأسمى للمتحف الجديد هو تقديم تجربة متحفية غامرة ومتكاملة للزوار، تعتمد على أحدث التقنيات في العرض التفاعلي والحفاظ على الآثار.

يستهدف المتحف عرض أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، منها كنوز ومقتنيات الملك الشاب توت عنخ آمون بالكامل، والتي تُعرض لأول مرة مجتمعة في مكان واحد منذ اكتشافها. هذا التركيز الحصري على الحضارة المصرية القديمة، مصحوبًا بتوظيف أساليب عرض مبتكرة ومعايير عالمية للحفاظ على الآثار، يجعله مركزًا بحثيًا وتعليميًا عالميًا لا يقدر بثمن لدراسة وفهم إحدى أقدم وأعرق الحضارات الإنسانية وأكثرها تأثيرًا.

على مدار سنوات البناء التي امتدت لعقدين تقريبًا، واجه المشروع تحديات هندسية ولوجستية ضخمة، خاصة فيما يتعلق بنقل وترميم القطع الأثرية الضخمة والحساسة. ومع ذلك، بفضل الجهود المصرية المتواصلة والدعم الدولي، تحول الحلم إلى واقع ملموس، يمثل طموح مصر في الحفاظ على إرثها الغني وتقديمه للعالم بأبهى صورة وفي بيئة عالمية المستوى.

تغطية إعلامية عالمية واسعة وإشادات دولية

عقب الافتتاح الرسمي للمتحف، الذي جذب اهتمامًا عالميًا كبيرًا، سارعت كبرى وسائل الإعلام الدولية إلى تسليط الضوء على هذا الإنجاز الضخم. وقد تباينت التغطيات في تركيزها، لكنها اتفقت جميعًا على الإشادة بحجم المشروع وطموحه وتأثيره المحتمل. وصفت صحف ومجلات عالمية مرموقة مثل الجارديان البريطانية ونيويورك تايمز الأمريكية ولوموند الفرنسية المتحف بأنه نقطة تحول ثقافية وسياحية لمصر، مشيدة بتصميمه المعماري المذهل الذي يمزج ببراعة بين الحداثة والعناصر الفرعونية الرمزية.

من أبرز نقاط الإشادة التي تناولتها وسائل الإعلام العالمية:

القدرة الاستيعابية الهائلة للمتحف، التي تتيح عرض كنوز لم تُعرض من قبل أو كانت مخزنة لسنوات.
التصميم المعماري للمبنى، وخاصة الواجهة الزجاجية الضخمة والدرج العظيم الذي يقود الزوار في رحلة زمنية عبر العصور المصرية.
التركيز على تجربة الزائر التفاعلية والتعليمية، باستخدام أحدث التقنيات الرقمية والوسائط المتعددة لتفسير القطع الأثرية.
البعد اللوجستي والعلمي لنقل وترميم عشرات الآلاف من القطع الأثرية بدقة وحرفية عالية، وهو ما اعتبر إنجازًا استثنائيًا.
أهمية المتحف كرمز للدولة المصرية الحديثة وقدرتها على تحقيق مشاريع عملاقة، وتأكيدًا على التزامها بصون تراثها الثقافي العالمي.

كما ركزت قنوات إخبارية عالمية على البُعد الاقتصادي والسياحي للمتحف، متوقعة أن يعزز بشكل كبير أعداد الزوار لمصر، وبالتالي ينشط قطاع السياحة الذي يُعد ركيزة أساسية للاقتصاد المصري. وأبرزت التقارير أن المتحف لا يمثل مجرد مبنى لعرض الآثار، بل هو وجهة ثقافية متكاملة تضم مكتبات ومراكز بحثية ومناطق ترفيهية.

الأثر الثقافي والاقتصادي المتوقع

يمثل المتحف المصري الكبير أكثر من مجرد معلم سياحي؛ فهو مركز ثقافي وتعليمي ضخم من شأنه أن يعيد تشكيل المشهد الثقافي والسياحي في مصر والمنطقة بأسرها. على الصعيد الثقافي، سيوفر المتحف منصة لا مثيل لها لدراسة الحضارة المصرية القديمة بعمق وتفصيل، مما يجذب الباحثين والعلماء من جميع أنحاء العالم لإجراء أبحاثهم وتبادل المعرفة. كما أنه سيعزز الوعي بالتراث المصري الغني لدى الأجيال الجديدة، سواء داخل مصر أو خارجها، من خلال برامجه التعليمية المتطورة وورش العمل المتخصصة، التي تهدف إلى إثراء الفهم التاريخي والفني.

أما على الصعيد الاقتصادي، فإن التوقعات تشير إلى أن المتحف سيكون محركًا قويًا للنمو المستدام. من المتوقع أن:

يجذب ملايين السياح الإضافيين سنويًا، مما سيرفع الإيرادات السياحية بشكل كبير ويوفر مئات الآلاف من فرص العمل الجديدة في قطاعات الضيافة والنقل والخدمات المرتبطة بالسياحة المباشرة وغير المباشرة.
يعزز مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية رائدة، لا تقتصر جاذبيتها على المواقع الأثرية التقليدية فحسب، بل تمتد لتشمل المتاحف الحديثة والمعارض المتطورة التي تقدم تجربة ثقافية عصرية.
يشجع على الاستثمار المحلي والأجنبي في البنية التحتية المحيطة بالمتحف، مثل الفنادق الفاخرة، والمراكز التجارية، والمرافق الخدمية الحديثة، مما يخلق بيئة اقتصادية نشطة ومستدامة حول منطقة الأهرامات.
يساهم في تنويع مصادر الدخل القومي ويقلل الاعتماد على القطاعات التقليدية، من خلال تطوير صناعة السياحة الثقافية الفاخرة.

باختصار، يُنظر إلى المتحف المصري الكبير على أنه ليس مجرد مبنى يضم قطعًا أثرية؛ بل هو رمز للطموح الوطني المصري، وجسر يربط بين عظمة الماضي التليد وإشراقة المستقبل الواعد، وشهادة حية على قدرة مصر على الإنجاز على نطاق عالمي، مما يجعله إضافة استثنائية للتراث الثقافي الإنساني.