وفاة زوجين اختناقًا بغاز السخان بحدائق العاصمة: التحقيقات تستبعد الشبهة الجنائية

أعلنت النيابة العامة في القاهرة، مؤخرًا، عن استبعاد وجود أي شبهة جنائية في حادث وفاة زوجين داخل شقتهما بمنطقة حدائق العاصمة. وأشارت نتائج التحقيقات الأولية إلى أن الوفاة جاءت نتيجة اختناق بغاز أول أكسيد الكربون المتسرب من سخان المياه، في حادث مأساوي يسلط الضوء على مخاطر الغاز الصامت.

خلفية الحادث

في الأيام القليلة الماضية، تلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا يفيد بالعثور على جثتي زوجين، يبلغان من العمر نحو الثلاثينات، داخل مسكنهما في منطقة حدائق العاصمة. وقد أثار عدم استجابتهما لفترة من الزمن قلق الجيران أو الأقارب، مما دفعهم لإبلاغ السلطات المختصة. تعد منطقة حدائق العاصمة من التجمعات السكنية الحديثة التي تشهد نموًا سريعًا، وتضم غالبًا وحدات سكنية ضمن مشاريع الإسكان الجديدة التي تستقطب الأسر الشابة. فور تلقي البلاغ، سارعت فرق الشرطة والإسعاف إلى الموقع، تلاها فريق متخصص من النيابة العامة برفقة خبراء من البحث الجنائي والأدلة الجنائية للوقوف على ملابسات الواقعة.

تفاصيل التحقيقات والنتائج

باشر فريق النيابة العامة إجراء معاينة شاملة ودقيقة لموقع الحادث داخل الشقة السكنية. وشملت المعاينة فحصًا مكثفًا للأبواب والنوافذ للتأكد من عدم وجود أي علامات لكسر أو اقتحام، كما تم فحص جثتي الزوجين بعناية. أكدت التقارير الأولية بعد الكشف الظاهري أن الجثتين لا تحملان أي آثار عنف أو إصابات خارجية تُشير إلى وجود فعل إجرامي. تركزت التحقيقات بشكل كبير على الأجهزة المنزلية الموجودة بالشقة، وبخاصة سخان المياه الذي يعمل بالغاز. أشارت المؤشرات الأولية إلى وجود خلل فني في السخان أو سوء في نظام التهوية المحيط به. وقد تم استدعاء خبراء فنيين متخصصين لمعاينة السخان وشبكة الغاز المحيطة به، حيث أكد تقريرهم الفني وجود تسرب لغاز أول أكسيد الكربون، وهو غاز يتميز بأنه عديم اللون والرائحة، مما يجعله خطيرًا بشكل استثنائي لأنه لا يمكن اكتشافه بالحواس. وبناءً على جميع هذه المعطيات والتقارير الفنية والجنائية، أصدرت النيابة العامة قرارًا حاسمًا باستبعاد الشبهة الجنائية في الواقعة، مرجحةً أن الوفاة كانت عرضية نتيجة استنشاق الغاز السام. تم تحرير محضر بالواقعة وأُحيل إلى الجهات المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية المعتادة.

دواعي الأهمية والتحذيرات

تُبرز هذه الواقعة الأليمة والمأساوية مرة أخرى المخاطر الجسيمة لغاز أول أكسيد الكربون، الذي يُطلق عليه عادةً لقب “القاتل الصامت” نظرًا لطبيعته الخفية. تُعد حوادث الاختناق بهذا الغاز دافعًا قويًا لزيادة الوعي العام بأهمية إجراءات السلامة المنزلية، وبخاصة تلك المتعلقة بسخانات المياه والأجهزة الأخرى التي تعمل بالغاز. لتجنب تكرار مثل هذه المآسي، يجب على الأفراد والمجتمعات اتخاذ تدابير وقائية صارمة:

التهوية الجيدة: من الضروري التأكد من وجود تهوية كافية ومستمرة في الأماكن التي تحتوي على أجهزة الغاز، مثل الحمامات والمطابخ، لضمان تبادل الهواء ومنع تراكم الغازات الضارة.
الصيانة الدورية: يجب فحص سخانات الغاز والأفران والمواقد بانتظام بواسطة فنيين متخصصين ومعتمدين. هذه الصيانة تضمن سلامة الأجهزة وخلوها من أي تسرب محتمل.
التأكد من التثبيت الصحيح: يجب التأكد من أن جميع وصلات الغاز مثبتة بإحكام وبشكل صحيح، وأن مداخن السخانات والمواقد غير مسدودة لضمان تصريف الغازات المحترقة خارج المنزل.
تركيب كاشف أول أكسيد الكربون: يُنصح بشدة بتركيب أجهزة كشف أول أكسيد الكربون في المنازل. هذه الأجهزة تُصدر إنذارًا صوتيًا قويًا عند رصد الغاز، مما يمنح السكان وقتًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
الوعي بالمخاطر: ينبغي على الجميع التعرف على أعراض التسمم بأول أكسيد الكربون، والتي قد تُشبه أعراض الأنفلونزا في بدايتها، مثل الصداع، والدوار، والغثيان، والضعف، والارتباك. الإدراك المبكر لهذه الأعراض يمكن أن ينقذ الأرواح.

تُعد هذه الحادثة بمثابة تذكير مأساوي بأهمية اليقظة والالتزام بالتدابير الوقائية اللازمة لتجنب وقوع مثل هذه المآسي في المستقبل والحفاظ على سلامة الأرواح في المنازل.