سجن سري تحت الأرض في حمص: سراديب بعمق 40 متراً ومنشأة للاعتقال الجماعي

كشفت تقارير حقوقية ومعارضة سورية عن وجود منشأة اعتقال سرية ضخمة تحت الأرض في ريف حمص الغربي، وُصفت بأنها "تادمر الجديد"، في إشارة إلى سجن تدمر الصحراوي سيئ السمعة. يُعتقد أن هذا السجن، الذي يمتاز بتصميمه الهندسي المعقد، يمثل فصلاً جديداً في منظومة الاعتقال القسري والإخفاء التي يديرها النظام السوري منذ سنوات.

تفاصيل الموقع والبنية التحتية

يقع السجن السري تحت أراضٍ زراعية في منطقة زيتا الغربية بالقرب من الحدود اللبنانية، وهو موقع استراتيجي يسهل عمليات نقل المعتقلين بعيداً عن الأنظار. وتشير المعلومات المستقاة من مصادر متعددة، بما في ذلك شهادات وصور أقمار صناعية، إلى أن المنشأة تمتد على عدة مستويات تحت الأرض، وتصل إلى عمق 40 مترًا. تم بناء الهيكل من الخرسانة المسلحة بهدف حمايته من أي استهداف جوي محتمل، وإخفائه عن أجهزة الرصد والمراقبة. تتكون المنشأة من شبكة واسعة من السراديب والزنازين المصممة لاستيعاب آلاف المعتقلين في ظروف قاسية ومعزولة تمامًا عن العالم الخارجي.

خلفية المشروع وأهدافه

بحسب التقارير التي ظهرت بشكل مكثف منذ أواخر عام 2021، بدأ العمل على بناء هذا السجن في عام 2016 تقريبًا، ويُعتقد أنه تم بالتعاون مع خبراء إيرانيين. الهدف الأساسي من إنشاء هذا المعتقل هو توفير موقع مركزي شديد التحصين لاحتجاز المعارضين السياسيين والشخصيات التي يعتبرها النظام تهديدًا لأمنه، ليحل محل أو يكمل دور السجون المعروفة بوحشيتها مثل سجن صيدنايا وسجن تدمر القديم. صُممت المنشأة لتكون "ثقباً أسود" يتم فيه إخفاء المعتقلين قسرياً لسنوات دون أي سجلات رسمية، مما يجعل تتبع مصيرهم شبه مستحيل.

الأهمية في سياق الأزمة السورية

يكتسب الكشف عن هذا السجن أهمية بالغة كونه دليلاً على استمرار النظام السوري في تطوير وتوسيع بنيته التحتية القمعية حتى في مراحل متقدمة من النزاع. يرى مراقبون أن وجود مثل هذه المنشأة يؤكد أن سياسات الاعتقال التعسفي والتعذيب الممنهج ليست ممارسات عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية أمنية راسخة ومستمرة. كما يسلط الضوء على حجم المأساة الإنسانية المتعلقة بملف المعتقلين والمختفين قسرياً في سوريا، والذي يعتبر أحد أكثر الملفات تعقيداً في أي تسوية سياسية مستقبلية. يمثل هذا المعتقل تجسيداً للخوف والسرية التي تحيط بملف السجون السورية، حيث يُعتقد أن مئات الآلاف من الأشخاص ما زالوا في عداد المفقودين داخل شبكة واسعة من مراكز الاعتقال الرسمية وغير الرسمية في جميع أنحاء البلاد.