رئيسة وزراء اليابان الجديدة تكشف عن خطة تحفيز اقتصادي واسعة لمكافحة التضخم

في خطوة تعد الأولى من نوعها في تاريخ اليابان السياسي، أعلنت رئيسة الوزراء المنتخبة حديثًا، ساناى تاكايتشي، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب، عن عزم حكومتها إطلاق حزمة تحفيز اقتصادي ضخمة لمواجهة الضغوط التضخمية المتزايدة وتخفيف العبء عن كاهل الأسر والشركات. جاء هذا الإعلان خلال مؤتمر صحفي عقد في طوكيو في وقت سابق من هذا الأسبوع، حيث تم تحديد الملامح الرئيسية للخطة التي تهدف إلى إنعاش ثالث أكبر اقتصاد في العالم.

خلفية اقتصادية معقدة

يأتي هذا التحرك الحكومي في ظل ظروف اقتصادية صعبة تواجهها اليابان. فقد شهد الاقتصاد الياباني خلال الأشهر الماضية تحديات متزامنة، أبرزها ضعف الين إلى أدنى مستوياته منذ عقود، مما أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف استيراد الطاقة والمواد الخام والغذائية. هذا الوضع فاقم من الضغوط التضخمية التي بدأت تؤثر بشكل مباشر على القوة الشرائية للمواطنين، في وقت ظل فيه نمو الأجور بطيئًا نسبيًا، مما زاد من صعوبة مواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة.

وقد شكلت هذه البيئة الاقتصادية تحديًا كبيرًا لواضعي السياسات، بما في ذلك بنك اليابان المركزي، الذي حافظ على سياسته النقدية شديدة التساهل على عكس البنوك المركزية الكبرى الأخرى حول العالم. وتهدف حزمة التحفيز الجديدة إلى معالجة الآثار السلبية لهذه السياسات على المواطنين دون إحداث تغيير جذري فوري في التوجه النقدي العام للبلاد.

أبرز ملامح حزمة التحفيز

أوضحت رئيسة الوزراء تاكايتشي أن الحزمة المقترحة، والتي تقدر قيمتها الأولية بحوالي 29 تريليون ين ياباني (ما يعادل 200 مليار دولار أمريكي)، سترتكز على عدة محاور أساسية لمعالجة الأزمة من جوانب متعددة. تشمل الخطة ما يلي:

دعم الأسر: تخصيص جزء كبير من الميزانية لتقديم إعانات مباشرة للأسر لتخفيف فواتير الكهرباء والغاز المرتفعة، بالإضافة إلى تقديم مساعدات نقدية للأسر ذات الدخل المنخفض والأكثر تضررًا.
مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة: توفير قروض ميسرة ودعم مالي للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تكافح من أجل تحمل تكاليف الطاقة والمواد الخام المرتفعة، بهدف الحفاظ على استمرارية أعمالها وتجنب تسريح العمالة.
تشجيع زيادة الأجور: تتضمن الحزمة حوافز ضريبية للشركات التي ترفع أجور موظفيها بوتيرة تتناسب مع معدلات التضخم، في محاولة لكسر حلقة الركود التي لازمت الأجور لعقود.
تعزيز الاستثمار المحلي: دعم المشاريع التي تهدف إلى تعزيز أمن الطاقة في البلاد وتقليل الاعتماد على الواردات، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والتحول الرقمي.

الأهمية السياسية والتوقعات المستقبلية

تكتسب هذه الخطوة أهمية سياسية كبرى، كونها أول مبادرة اقتصادية كبرى لحكومة تاكايتشي، مما يضعها في اختبار حقيقي لقدرتها على إدارة الملفات الاقتصادية المعقدة. يرى محللون أن نجاح هذه الحزمة في تحقيق أهدافها سيعزز من شعبيتها ومكانتها السياسية، بينما قد يؤدي أي تعثر إلى انتقادات واسعة من المعارضة والشارع الياباني.

ورغم الترحيب المبدئي من بعض القطاعات الاقتصادية، أبدى خبراء اقتصاديون مخاوفهم بشأن التأثير المحتمل لهذه الحزمة على الدين العام الضخم لليابان، والذي يعد الأعلى بين الدول المتقدمة. ويشير هؤلاء إلى أن التحدي الأكبر يكمن في تحقيق التوازن بين تحفيز الاقتصاد على المدى القصير وضمان الاستدامة المالية على المدى الطويل. وستبقى الأنظار متجهة نحو كيفية تمويل هذه الحزمة وتأثيرها الفعلي على معدلات النمو والتضخم خلال الأشهر القادمة.