الذهب يحطم الأرقام القياسية متجاوزاً 4300 دولار للأوقية بفعل تصاعد الحرب التجارية

في تطور لافت لأسواق السلع العالمية، قفزت أسعار الذهب خلال تداولات اليوم الجمعة لتسجل مستوى تاريخياً جديداً، حيث تجاوز سعر الأوقية حاجز 4300 دولار لأول مرة. ويأتي هذا الارتفاع الصاروخي في ظل تزايد قلق المستثمرين من تصاعد حدة الحرب التجارية العالمية، مما يدفعهم للجوء إلى الملاذات الآمنة وعلى رأسها المعدن الأصفر، الذي يتجه لتسجيل أفضل أداء أسبوعي له منذ أكثر من خمس سنوات.

خلفية المشهد: لماذا الذهب؟

لطالما اعتبر الذهب مخزناً للقيمة وملاذاً آمناً في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية. فعندما تهتز الثقة في العملات الورقية والأسواق المالية التقليدية مثل الأسهم، يتجه المستثمرون والبنوك المركزية على حد سواء إلى الذهب للحفاظ على ثرواتهم. وتعود جاذبية المعدن النفيس إلى ندرته وقيمته الجوهرية التي لا ترتبط بأداء حكومة أو شركة معينة، مما يجعله أداة تحوط فعالة ضد مخاطر التضخم وتقلبات الأسواق.

التطورات الأخيرة والمحفزات الرئيسية

جاءت موجة الصعود الأخيرة مدفوعة بمجموعة من العوامل المتشابكة التي أججت المخاوف في الأسواق. ويعتبر السبب الرئيسي هو وصول المفاوضات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى إلى طريق مسدود، أعقبه إعلان عن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية العقابية المتبادلة. وقد أدت هذه التطورات إلى تغذية حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل النمو الاقتصادي العالمي. ويمكن تلخيص المحفزات الأساسية في النقاط التالية:

انهيار المحادثات التجارية: فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات في تحقيق أي تقدم، مما أثار مخاوف من حرب تجارية طويلة الأمد.
فرض رسوم جمركية جديدة: أدى الإعلان عن تعريفات إضافية على سلع بمليارات الدولارات إلى تدهور العلاقات التجارية وزيادة التكاليف على الشركات والمستهلكين.
ضعف الدولار الأمريكي: انخفض مؤشر الدولار أمام سلة من العملات الرئيسية، وهو ما يجعل الذهب المقوم بالدولار أرخص ثمناً لحائزي العملات الأخرى، وبالتالي يزيد الطلب عليه.
مؤشرات على تباطؤ اقتصادي: أظهرت بيانات اقتصادية حديثة من عدة دول علامات على تباطؤ النمو، مما عزز من احتمالية حدوث ركود عالمي ودفع المستثمرين نحو الأصول الدفاعية.

التأثير على الأسواق العالمية

لم يقتصر تأثير هذه التطورات على سوق الذهب فقط، بل امتد ليحدث موجات صادمة في مختلف الأسواق المالية. فقد شهدت أسواق الأسهم العالمية تراجعات حادة، حيث انخفضت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت وأوروبا وآسيا بشكل ملحوظ. في المقابل، ارتفع الطلب على السندات الحكومية الآمنة، مثل سندات الخزانة الأمريكية، مما أدى إلى انخفاض عوائدها. يعكس هذا التحول الواسع في محافظ المستثمرين حالة الهروب إلى الأمان التي تسيطر على الأسواق حالياً.

ردود فعل المحللين وتوقعات المستقبل

يرى محللون اقتصاديون أن وصول الذهب إلى هذا المستوى القياسي يعكس عمق القلق السائد في الأسواق العالمية. ويشير الخبراء إلى أنه طالما استمرت حالة عدم اليقين التجاري والسياسي، فمن المرجح أن يواصل الذهب زخمه الصعودي. ومع ذلك، يحذر البعض من أن الأسعار قد تكون عرضة لتقلبات حادة وعمليات جني أرباح في حال ظهور أي بوادر إيجابية على صعيد المفاوضات التجارية أو تحسن البيانات الاقتصادية. وتبقى الأنظار موجهة الآن نحو اجتماعات البنوك المركزية القادمة وقراراتها بشأن أسعار الفائدة، والتي سيكون لها تأثير مباشر على تكلفة حيازة الذهب ومستقبل اتجاهه السعري.