كوشنر يكشف كواليس الأزمة القطرية: شعرنا بخيانة إسرائيل وهذا كان رد فعل ترامب

كشف جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وصهره، في مذكراته التي صدرت مؤخرًا، عن تفاصيل جديدة حول الأحداث التي دارت خلف الكواليس خلال الأزمة الدبلوماسية الخليجية عام 2017. ويسلط كوشنر الضوء على شعور الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت بما وصفه بـ "الخيانة" من جانب إسرائيل، كما يروي ردود فعل الرئيس ترامب المتغيرة تجاه حصار قطر.

خلفية الأزمة الدبلوماسية

اندلعت الأزمة الخليجية في يونيو 2017، عندما أعلنت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وفرض حصار بري وبحري وجوي عليها. بررت الدول الأربع إجراءاتها باتهام قطر بدعم الإرهاب والتدخل في شؤونها الداخلية، بالإضافة إلى علاقاتها الوثيقة مع إيران، وهي اتهامات نفتها الدوحة باستمرار.

مثلت الأزمة تحديًا كبيرًا للسياسة الخارجية الأمريكية، حيث تعتبر جميع الدول المعنية حلفاء استراتيجيين للولايات المتحدة. وتكمن أهمية قطر بشكل خاص في استضافتها لقاعدة العديد الجوية، وهي أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط وتعد مركزًا حيويًا للعمليات العسكرية في المنطقة.

رواية كوشنر عن "الخيانة" ودور حماس

وفقًا لما ورد في كتاب كوشنر "تاريخ محطم: مذكرات البيت الأبيض"، فإنه كان يعتمد على رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، بنيامين نتنياهو، للمساعدة في تهدئة التوترات بين الحلفاء الخليجيين. ويوضح كوشنر أنه فوجئ عندما لم يقدم نتنياهو الدعم المتوقع، وشعر بأن إسرائيل كانت تقف موقفًا أقرب إلى دول الحصار، وهو ما اعتبرته إدارة ترامب بمثابة خذلان.

ويتناول كوشنر أيضًا مسألة تبرير الحصار، حيث ذكر أن قضية دعم قطر المزعوم لحركة حماس استُخدمت كذريعة أساسية في بداية الأزمة. لكنه لاحظ أن هذا التبرير "اختفى" لاحقًا من قائمة المطالب الرئيسية التي قدمتها دول الحصار، والتي تضمنت 13 مطلبًا واسع النطاق، مثل إغلاق قناة الجزيرة وتقليص العلاقات مع إيران. وقد أشار هذا التحول، من وجهة نظره، إلى أن الدوافع الحقيقية وراء الحصار كانت أكثر تعقيدًا من مجرد قضية حماس.

موقف ترامب المتغير

يقدم كوشنر صورة معقدة لرد فعل الرئيس ترامب. في بداية الأزمة، بدا أن ترامب يؤيد علنًا إجراءات دول الحصار، وهو ما عكسه في تغريدات على موقع تويتر ربط فيها قطر بتمويل الإرهاب. لكن كوشنر يكشف أن موقف الرئيس تغير بشكل كبير عندما أدرك التبعات الاستراتيجية للحصار، خصوصًا الخطر المحتمل على قاعدة العديد الجوية.

ويصف كوشنر كيف أصبح ترامب غاضبًا وشعر بأنه تم تضليله من قبل بعض القادة في المنطقة، مما دفعه إلى الضغط من أجل إيجاد حل دبلوماسي. وأدى هذا التحول إلى توجيه أوامر لوزير خارجيته آنذاك، ريكس تيلرسون، بالعمل على الوساطة لإنهاء النزاع، وهو ما أظهر وجود رؤى متباينة داخل الإدارة الأمريكية حول كيفية التعامل مع الأزمة.

الأهمية في سياقها التاريخي

تكتسب شهادة كوشنر أهميتها من كونها تقدم رؤية من الداخل لأحد أبرز الأحداث الدبلوماسية في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي. فهي تكشف عن ديناميكيات العلاقات المعقدة بين واشنطن وحلفائها في المنطقة، وتسلط الضوء على التوترات التي كانت قائمة حتى بين الإدارات التي تبدو متوافقة ظاهريًا، مثل إدارة ترامب وحكومة نتنياهو.

تأتي هذه المذكرات في سياق أوسع، حيث يسعى كوشنر إلى توثيق دوره كمهندس لسياسات ترامب في الشرق الأوسط، بما في ذلك اتفاقيات أبراهام للتطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. ويذكر أن الأزمة الخليجية قد انتهت رسميًا في يناير 2021 بالتوقيع على "بيان العلا"، الذي أعاد العلاقات الدبلوماسية بين قطر والدول المقاطعة لها، وذلك قبل أيام قليلة من مغادرة ترامب للبيت الأبيض.