الكشف عن محاولة نيمار للانتقال إلى الأندية الإيطالية قبل مسيرته الأوروبية

في أواخر عام 2011 وبدايات عام 2012، تصدر النجم البرازيلي الشاب نيمار دا سيلفا سانتوس جونيور عناوين الأخبار الرياضية العالمية، حيث كان يعتبر أحد أبرز المواهب الصاعدة في كرة القدم ومحط أنظار كبرى الأندية الأوروبية. وفي خضم التكهنات المحتدمة حول مستقبله، أشارت تقارير إعلامية إيطالية، في تلك الفترة، إلى أن ممثلي اللاعب، الذي كان حينها يبلغ من العمر 19 عاماً ويزهو في صفوف نادي سانتوس البرازيلي، قد عرضوا خدماته على ناديين إيطاليين عملاقين. هذا التطور ألقى الضوء على رغبة اللاعب في خوض تجربة احترافية في القارة العجوز، وحدد إيطاليا كوجهة محتملة في مساره المهني.

خلفية الوضع

كان نيمار في تلك الفترة قد أرسى لنفسه سمعة كواحد من أكثر اللاعبين إثارة في العالم. بمهاراته الفنية الاستثنائية وقدرته الفائقة على تسجيل الأهداف وصناعتها، بات يُلقب بـ "جوهرة البرازيل" و"خليفة بيليه" من قبل العديد من الخبراء والجماهير. كان عقده مع نادي سانتوس يقترب من نهايته، وتحديداً كان من المقرر أن ينتهي في ديسمبر 2012، مما جعله هدفاً جذاباً للغاية للأندية الأوروبية التي سعت للاستفادة من موهبته الفذة إما بصفقة انتقال في الصيف أو الشتاء اللاحقين، أو حتى بصفقة انتقال حر في حال انتهاء عقده.

هذا الوضع أثار حرب مزايدات خفية بين كبرى القوى الأوروبية، بما في ذلك عمالقة الدوري الإسباني ريال مدريد وبرشلونة، إلى جانب أندية إنجليزية غنية مثل تشيلسي ومانشستر سيتي. كان الجميع يدرك أن الاستثمار في نيمار يمثل استثماراً في مستقبل كرة القدم، وأن اللاعب يمتلك الإمكانات ليصبح أيقونة عالمية.

تفاصيل العرض الإيطالي

تفيد التقارير التي انتشرت حينها بأن وفداً من ممثلي نيمار، يرجح أنه والده ووكلاء أعماله، تواصل بشكل مباشر مع مسؤولي ناديي ميلان وإنتر ميلان، اللذين كانا من بين أبرز الأندية في إيطاليا وأوروبا آنذاك. لم يكن الأمر مجرد استفسار عابر، بل كان "عرضاً مباشراً لخدمات اللاعب"، مما يشير إلى رغبة قوية من جانب اللاعب وفريقه في الانضمام إلى أحد الأندية الإيطالية الكبيرة. وقد أشار المصدر إلى أن هذا العرض جاء في الوقت الذي كانت فيه الأندية الإيطالية نفسها مترددة بشأن إمكانية التعاقد معه، نظراً لعدة عوامل.

شملت أسباب التردد الأولية ارتفاع القيمة السوقية المتوقعة للاعب الشاب، بالإضافة إلى مطالبه المالية الشخصية المحتملة، والتي كانت تعتبر مرتفعة بالنسبة لمعايير الدوري الإيطالي في تلك الفترة، مقارنة بالقدرة الشرائية لبعض الأندية الأخرى في أوروبا. كما كانت هناك مخاوف بشأن قدرة نيمار على التكيف مع أسلوب اللعب الأكثر تكتيكية وصرامة في إيطاليا، فضلاً عن البيئة الثقافية المختلفة. ومع ذلك، فإن الأداء المتألق المستمر لنيمار في البرازيل، والذي كان يزداد لمعاناً يوماً بعد يوم، دفع هذين الناديين وغيرهما إلى إعادة تقييم موقفهما والنظر بجدية أكبر في إمكانية ضمه خلال فترة الانتقالات الشتوية في يناير 2013.

سياق السوق والانتقالات

كانت تلك الفترة تمثل نقطة تحول في سوق الانتقالات العالمية، حيث بدأت الأندية الإنجليزية والإسبانية في تعزيز هيمنتها الاقتصادية بشكل أكبر، مما أتاح لها القدرة على دفع رسوم انتقال ورواتب أعلى لجذب المواهب النادرة. بينما كانت الأندية الإيطالية، على الرغم من تاريخها العريق ونجاحاتها الأوروبية، تواجه تحديات مالية أثرت على قدرتها التنافسية في سوق الانتقالات على أعلى مستوى. كان ضم لاعب بحجم نيمار سيمثل إضافة نوعية ضخمة لأي نادٍ إيطالي، ليس فقط من الناحية الفنية، بل أيضاً من الناحية التسويقية والمالية.

كانت الصفقة المحتملة لنيمار معقدة بطبيعتها، حيث كانت تشمل حقوق الصور، وحصص الأطراف الثالثة التي كانت تمتلك جزءاً من بطاقة اللاعب، والمكافآت الضخمة التي تذهب لوكلاء الأعمال والأسرة. هذه العوامل زادت من صعوبة إتمام الصفقة لأي نادٍ، وخاصة الأندية التي كانت تسعى للحفاظ على هيكلها المالي.

التطورات اللاحقة والقرار النهائي

على الرغم من الاهتمام الإيطالي، إلا أن الصفقة لم تتم في نهاية المطاف. استمر نيمار في اللعب مع سانتوس حتى صيف عام 2013، بعد أن مدد عقده لفترة وجيزة. كانت المنافسة على توقيعه قد بلغت ذروتها، حيث قدم كل من ريال مدريد وبرشلونة عروضاً ضخمة ومغرية. في النهاية، حسم النجم البرازيلي قراره بالانتقال إلى نادي برشلونة الإسباني في صفقة أثارت الكثير من الجدل حول تفاصيلها المالية المعقدة.

كان اختيار نيمار لبرشلونة مدفوعاً بعدة عوامل، أبرزها رغبته في اللعب إلى جانب الأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي، والمشروع الرياضي الطموح للنادي الكتالوني، بالإضافة إلى العرض المالي الشامل الذي قدمه برشلونة، والذي تجاوز ما كانت الأندية الإيطالية قادرة أو راغبة في دفعه. وهكذا، انتهت محاولته المبكرة للانتقال إلى الدوري الإيطالي دون أن تتوج بالنجاح، ليفتح صفحة جديدة في مسيرته الكروية في إسبانيا.

الأهمية والتأثير

قصة عرض نيمار نفسه على الأندية الإيطالية تعتبر جزءاً مهماً من تاريخ انتقالات اللاعبين البارزين في العقد الماضي. لقد سلطت الضوء على طموح لاعب شاب للسعي وراء التحديات الأوروبية الكبرى، وعلى الدور المتغير للأندية الإيطالية في سوق الانتقالات العالمي. كما أبرزت هذه الواقعة التنافس الشرس بين الأندية الأوروبية الكبرى على ضم المواهب الاستثنائية، وكيف أن العوامل المالية والرياضية والثقافية تتداخل لتحديد وجهة اللاعبين الكبار.

بالنسبة للأندية الإيطالية، كانت هذه المحاولة بمثابة تذكير بالتحديات التي تواجهها في جذب والحفاظ على أفضل لاعبي العالم في ظل تزايد قوة أندية الدوريات الأخرى. ورغم أن نيمار لم يرتدِ قميص أي نادٍ إيطالي، إلا أن هذا الفصل من مسيرته يظل نقطة مرجعية في فهم كيفية تطور المشهد الكروي الأوروبي في مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة.