تصعيد إسرائيلي جديد: وزير الدفاع يهدد لبنان بعمل عسكري ومراجعة للاتفاق البحري

في تصعيد ملحوظ للخطاب السياسي والعسكري، وجه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، تحذيرات شديدة اللهجة إلى لبنان، محددًا نهاية العام الجاري كموعد نهائي لنزع سلاح حزب الله في جنوب البلاد. وتأتي هذه التهديدات في ظل استمرار المواجهات عبر الحدود منذ أشهر، وقد أضافت بعدًا جديدًا من خلال التلويح بإمكانية مراجعة اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية عام 2022.

تفاصيل التهديدات المزدوجة

تضمنت تصريحات الوزير الإسرائيلي شقين رئيسيين. الأول هو التهديد العسكري المباشر، حيث ربط عودة السكان الإسرائيليين الذين تم إجلاؤهم من شمال إسرائيل بضرورة إبعاد قوات حزب الله عن المنطقة الحدودية. وأوضح أنه في حال فشل الجهود الدبلوماسية في تحقيق هذا الهدف بحلول نهاية العام، فإن إسرائيل لن تتردد في "العودة إلى العمل العسكري" لضمان أمنها. أما الشق الثاني، فيتمثل في الضغط الاقتصادي والدبلوماسي عبر التهديد بإعادة تقييم اتفاق الحدود البحرية، وهو ما يُعد تحولاً في الموقف الإسرائيلي، حيث كان الاتفاق يُنظر إليه سابقاً كعامل استقرار.

السياق والتطورات الأخيرة

لا يمكن فصل هذه التصريحات عن سياق التوترات المستمرة على الحدود الإسرائيلية اللبنانية منذ 8 أكتوبر 2023. فقد أدت الاشتباكات اليومية بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين على جانبي الحدود، وأثارت مخاوف دولية من اندلاع حرب إقليمية واسعة النطاق. وتزامنت هذه التهديدات مع استمرار الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة وفرنسا لإيجاد حل يمنع تفاقم الصراع، حيث تركز هذه المساعي على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي يدعو إلى منطقة منزوعة السلاح جنوب نهر الليطاني.

دوافع التهديدات الإسرائيلية: تحليلات وتفسيرات

يراقب المحللون هذه التطورات ويقدمون عدة تفسيرات محتملة لدوافع وزير الدفاع الإسرائيلي، والتي قد لا تكون متعارضة بالضرورة:

الضغط الدبلوماسي: يُعتقد أن هذه التهديدات تهدف بشكل أساسي إلى زيادة الضغط على الحكومة اللبنانية والوسطاء الدوليين لتسريع التوصل إلى تسوية دبلوماسية تلبي المطالب الأمنية الإسرائيلية. ومن خلال رفع سقف التهديد، تسعى إسرائيل إلى تعزيز موقفها التفاوضي.
الاستعداد لعمل عسكري حقيقي: يرى البعض أن هذه التصريحات تعكس نفاد صبر المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تجاه المسار الدبلوماسي، وأنها قد تكون تمهيدًا لعملية عسكرية واسعة النطاق في حال لم تتحقق أهدافها، بهدف إنشاء منطقة عازلة بالقوة.
اعتبارات سياسية داخلية: لا يمكن إغفال دور السياسة الداخلية في إسرائيل، حيث يواجه أعضاء الحكومة اليمينية ضغوطًا كبيرة من الرأي العام، خاصة من سكان الشمال، لإظهار الحزم واستعادة الأمن. وبالتالي، قد تكون هذه اللغة المتشددة موجهة للاستهلاك المحلي وتعزيز صورة الحكومة.

أهمية الخبر وتداعياته المحتملة

تكمن أهمية هذه التطورات في أنها ترفع من مخاطر سوء التقدير الذي قد يؤدي إلى حرب شاملة ذات عواقب وخيمة على كلا البلدين والمنطقة بأسرها. كما أن التلويح بإعادة النظر في الاتفاق البحري يقوض أحد الإنجازات الدبلوماسية النادرة بين البلدين، مما قد يزيد من حالة عدم الاستقرار الاقتصادي في لبنان. وتبقى الأسابيع والأشهر القادمة حاسمة لتحديد ما إذا كانت هذه التهديدات ستدفع نحو حل دبلوماسي أم ستكون مقدمة لمواجهة عسكرية أوسع.