التحديات السياسية لماريا كورينا ماتشادو في فنزويلا

تواجه الساحة السياسية في فنزويلا فترة حاسمة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 يوليو 2024. وفي قلب هذا المشهد تبرز شخصية المعارضة الرئيسية، ماريا كورينا ماتشادو، التي على الرغم من فوزها الكاسح في الانتخابات التمهيدية للمعارضة، تجد نفسها في مواجهة مباشرة مع سلسلة من العقبات التي وضعتها حكومة الرئيس نيكولاس مادورو لمنعها من الترشح، مما يثير تساؤلات جدية حول نزاهة العملية الانتخابابية برمتها.

خلفية الصراع: من الفوز في الانتخابات التمهيدية إلى الحظر السياسي

في أكتوبر 2023، حققت ماريا كورينا ماتشادو انتصارًا ساحقًا في الانتخابات التمهيدية التي نظمها تحالف المعارضة الرئيسي "المنصة الوحدوية"، حيث حصلت على أكثر من 90% من الأصوات. هذا التفويض الشعبي الواسع وضعها كمرشحة لا يمكن إنكارها لمواجهة مادورو، لكن مسارها نحو الرئاسة سرعان ما اصطدم بعقبة قانونية كبيرة.

في يناير 2024، أيدت المحكمة العليا في فنزويلا، التي يعتبرها الكثيرون موالية للحكومة، قرارًا سابقًا يمنع ماتشادو من تولي أي منصب عام لمدة 15 عامًا. استند القرار إلى اتهامات تشمل الفساد ودعم العقوبات الاقتصادية الأمريكية على البلاد، وهي تهم تصفها ماتشادو والمعارضة بأنها ذات دوافع سياسية ومصممة لإقصائها من المشهد السياسي.

تصاعد الضغوط: اعتقالات ومحاولات لتقديم بديل

لم تتوقف الضغوط عند الحظر القانوني، بل امتدت لتشمل حملة مضايقات واعتقالات استهدفت فريق حملة ماتشادو. تم القبض على العديد من مساعديها الرئيسيين، وصدرت مذكرات اعتقال بحق آخرين، في خطوة وصفتها منظمات حقوق الإنسان بأنها محاولة لشل قدرة المعارضة على التنظيم والحشد. في مواجهة استحالة ترشحها، سعت ماتشادو إلى تقديم مرشحة بديلة، وهي الأكاديمية البالغة من العمر 80 عامًا، كورينا يوريس.

رغم عدم وجود أي عوائق قانونية ضد يوريس، واجهت محاولاتها للتسجيل كمرشحة حصارًا إلكترونيًا، حيث تعذر عليها وعلى تحالف المعارضة الوصول إلى نظام التسجيل عبر الإنترنت الخاص بالمجلس الوطني الانتخابي قبل الموعد النهائي. وقد أثارت هذه الحادثة إدانة دولية واسعة، حيث اعتبرت دليلاً إضافيًا على سعي الحكومة للتحكم في نتائج الانتخابات.

مرشح الإجماع: إدموندو غونزاليس أوروتيا كخيار موحد

في خضم حالة عدم اليقين وقبل دقائق من إغلاق باب الترشيحات، تمكنت المعارضة من تسجيل مرشح مؤقت، هو الدبلوماسي السابق إدموندو غونزاليس أوروتيا، لتجنب البقاء خارج السباق تمامًا. بعد مفاوضات مكثفة داخل صفوف المعارضة، تم الإعلان رسميًا عن غونزاليس كمرشح الإجماع، وحصل على دعم كامل من ماريا كورينا ماتشادو وتحالف "المنصة الوحدوية". ومنذ ذلك الحين، أصبحت ماتشادو الوجه الأبرز في حملة غونزاليس، مستخدمة شعبيتها لحشد الدعم للمرشح البديل.

السياق الدولي وتداعياته

أدت هذه التطورات إلى تفاعلات دولية مهمة. ردًا على إقصاء مرشحي المعارضة، أعادت الولايات المتحدة فرض مجموعة من العقوبات على قطاع النفط والغاز الفنزويلي، والتي كانت قد خففتها سابقًا كجزء من "اتفاق باربادوس" الذي يهدف إلى ضمان انتخابات حرة ونزيهة. كما عبرت دول في أمريكا اللاتينية، من بينها البرازيل وكولومبيا، عن قلقها المتزايد إزاء القيود المفروضة على العملية الديمقراطية في فنزويلا.

تشكل الانتخابات الرئاسية المقبلة منعطفًا حاسمًا لمستقبل فنزويلا. وبينما تواصل الحكومة استخدام أدواتها القانونية والإدارية لتقييد المنافسة، تراهن المعارضة الموحدة على قدرتها على ترجمة السخط الشعبي إلى تغيير سياسي، مما يجعل الأشهر المتبقية فترة مليئة بالترقب والتوتر.