تفاصيل قرار رئيس الوزراء الجديد بشأن التصالح في مخالفات البناء

أصدر رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، قرارًا جديدًا ومهمًا بشأن آليات التصالح على مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، والذي من المتوقع أن يكون له تأثير واسع على قطاع العقارات والمواطنين في مصر. وقد نشرت الجريدة الرسمية هذا القرار، الذي يحمل الرقم 3766 لعام 2025، في عددها رقم 42 (مكرر)، ليضع بذلك إطارًا تنظيميًا جديدًا لمعالجة هذه القضية الشائكة التي طالما مثلت تحديًا كبيرًا أمام الدولة والمواطنين على حد سواء. يأتي هذا القرار في سياق جهود الدولة المستمرة لضبط العمران وتنظيم البناء.

خلفية وأهمية ملف التصالح في مخالفات البناء

يُعد ملف مخالفات البناء من القضايا المحورية في مصر، نتيجة للتوسع العمراني غير المخطط ونمو التجمعات السكنية العشوائية على مدار عقود. وقد أدت هذه المخالفات إلى تشوهات بصرية، وتحديات بيئية، وتأثيرات سلبية على البنية التحتية، فضلاً عن المخاطر المحتملة على سلامة الأرواح والممتلكات. وللتعامل مع هذا الواقع، كانت الحكومة قد أصدرت قوانين سابقة للتصالح وتقنين الأوضاع، أبرزها القانون رقم 17 لسنة 2019 وتعديلاته اللاحقة. ومع ذلك، واجهت هذه القوانين تحديات في التطبيق، سواء من حيث الإجراءات المعقدة أو عدد الطلبات الكبير الذي لم يتم البت فيه بالكامل، أو الحاجة إلى تكييفها مع المتغيرات المستمرة على أرض الواقع. لذا، فإن القرار الجديد يمثل محاولة لتجاوز تلك العقبات وتقديم حلول أكثر فعالية وشمولية.

أبرز ملامح القرار الجديد ومجالات التطبيق

يهدف القرار رقم 3766 لسنة 2025 إلى تبسيط إجراءات التصالح وتقديم حلول عملية للمواطنين المخالفين، مع الحفاظ على المصلحة العامة ومتطلبات السلامة. وعلى الرغم من أن النص الكامل للقرار يوضح كافة التفاصيل، إلا أن القرارات المماثلة عادة ما تتضمن محاور أساسية مثل:

تحديد أنواع المخالفات المسموح بالتصالح عليها: ويشمل ذلك غالبًا المخالفات التي لا تمثل خطرًا جسيمًا على السلامة الإنشائية أو لا تتعارض مع قوانين التخطيط العمراني بشكل أساسي.
آلية تقديم الطلبات: تحديد الجهات المختصة بتلقي الطلبات، المستندات المطلوبة، والمدد الزمنية المحددة للتقديم.
لجان المعاينة والبت: تشكيل لجان فنية وهندسية متخصصة لمعاينة المخالفات وتقييمها، وتقدير قيمة رسوم التصالح.
قيمة رسوم التصالح: وضع معايير واضحة لتحديد هذه الرسوم بناءً على نوع المخالفة، موقع العقار، وقيمته. غالبًا ما يتم تحديد حد أدنى وأقصى للرسوم.
مدة سداد الرسوم: توفير مرونة في السداد، سواء بالدفع الفوري أو على أقساط، لتخفيف العبء عن المواطنين.
المخالفات المستثناة: عادة ما تستثنى بعض المخالفات الجسيمة من التصالح، مثل تلك المتعلقة بالسلامة الإنشائية للمباني، أو التعدي على أملاك الدولة والآثار، أو المخالفات الخاصة بالقيود الارتفاعية المقررة من الدفاع الجوي.

من المتوقع أن يركز القرار على تيسير الإجراءات وتقليل البيروقراطية لضمان سرعة إنجاز ملفات التصالح.

الأهداف المرجوة من القرار وتأثيره المحتمل

يتطلع القرار الحكومي الجديد إلى تحقيق عدة أهداف استراتيجية، منها:

تقنين أوضاع الملايين من العقارات: إضفاء الشرعية القانونية على وحدات سكنية وتجارية كثيرة، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين.
تحصيل موارد مالية للدولة: تسهم رسوم التصالح في دعم ميزانية الدولة وتوجيهها نحو مشروعات تنموية وخدمية.
ضبط منظومة العمران: الحد من انتشار البناء العشوائي وغير المخطط في المستقبل، وتطبيق معايير البناء السليمة.
تحقيق العدالة الاجتماعية: منح فرصة للمواطنين لتصحيح أوضاعهم بدلاً من اللجوء إلى إجراءات قانونية طويلة ومعقدة أو هدم الممتلكات.
تحسين جودة الحياة: من خلال معالجة المخاطر الإنشائية المحتملة وتطوير البنية التحتية في المناطق المتأثرة.

يشير صدور هذا القرار في عام 2025 إلى استمرارية جهود الحكومة المصرية في معالجة إحدى أبرز التحديات العمرانية، سعيًا نحو تحقيق التنمية المستدامة وتنظيم المشهد الحضري للبلاد. ومن المنتظر أن تبدأ الجهات المعنية بتطبيق بنوده فور دخوله حيز التنفيذ، مع أهمية تفعيل حملات توعية مكثفة للمواطنين لشرح تفاصيله والإجراءات المطلوبة.