الكشف عن ثغرة أمنية حرجة في أنظمة السيارات المتصلة تُهدد سلامة السائقين والركاب

مؤخرًا، وخلال فعاليات قمة محللي الأمن لعام 2025، التي نظمتها شركة كاسبرسكي الرائدة في مجال الأمن السيبراني، تم الكشف عن ثغرة أمنية بالغة الخطورة تؤثر على أنظمة السيارات المتصلة. تُشكل هذه الثغرة تهديدًا مباشرًا لسلامة السائقين والركاب، حيث تتيح لمخترقين محتملين الوصول غير المصرح به إلى جميع السيارات المتصلة التابعة لإحدى الشركات المصنعة الكبرى. يسلط هذا الاكتشاف الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجه صناعة السيارات في ظل الاعتماد المتنامي على التقنيات الرقمية والاتصال بالإنترنت.

تفاصيل الثغرة وتداعياتها

تكمن خطورة هذه الثغرة، التي لم يتم الكشف عن تفاصيلها التقنية الكاملة بعد لأسباب أمنية، في قدرتها على منح المهاجمين سيطرة محتملة على وظائف حيوية في المركبة. وبحسب تقرير كاسبرسكي، فإن الثغرة تسمح بالوصول غير المقيد إلى أنظمة المعلومات والترفيه، ووحدات التحكم الإلكترونية (ECUs)، وحتى أنظمة مساعدة السائق المتقدمة (ADAS). هذا النوع من الوصول يمكن أن يؤدي إلى:

التحكم عن بعد بالمركبة: إمكانية التلاعب بأنظمة التوجيه، الفرامل، أو التسارع، مما يعرض حياة الركاب والمشاة للخطر.
سرقة البيانات الحساسة: الوصول إلى بيانات الموقع، سجلات القيادة، المعلومات الشخصية المخزنة في نظام السيارة، والتي يمكن استغلالها لأغراض غير مشروعة.
التصنت والتتبع: تحويل السيارة إلى أداة للتجسس، تتبع تحركات السائق دون علمه.
تعطيل أنظمة السلامة: إيقاف الوسائد الهوائية، أو تعطيل أنظمة الفرامل المانعة للانغلاق (ABS)، مما يزيد من مخاطر الحوادث.
هجمات الفدية: قفل المركبة عن بعد والمطالبة بفدية لإعادة السيطرة إليها.

يُعد هذا الكشف بمثابة جرس إنذار للصناعة بأكملها، مشددًا على الحاجة الملحة لتعزيز التدابير الأمنية في تصميم وتطوير السيارات المتصلة.

السياق الأوسع لأمن السيارات المتصلة

شهدت السنوات الأخيرة طفرة هائلة في تطوير السيارات المتصلة والذاتية القيادة، التي تعتمد بشكل كبير على الاتصال بالإنترنت والشبكات اللاسلكية. توفر هذه التقنيات ميزات عديدة لتحسين تجربة القيادة، مثل الملاحة الذكية، تحديثات البرامج عبر الهواء (OTA)، وأنظمة المساعدة المتقدمة. ومع ذلك، فإن هذا الترابط المتزايد يجلب معه مجموعة جديدة من المخاطر الأمنية. فكل نقطة اتصال، سواء كانت عبر شبكة Wi-Fi، بلوتوث، شبكات الجيل الخامس (5G)، أو حتى منافذ USB، تمثل نقطة دخول محتملة للمهاجمين.

تعتبر السيارات الحديثة في جوهرها حواسيب عملاقة على عجلات، وتضم عشرات، إن لم تكن مئات، من وحدات التحكم الإلكترونية التي تدير كل شيء من المحرك وناقل الحركة إلى أنظمة الترفيه والمناخ. أي ثغرة في واحدة من هذه الوحدات، أو في البروتوكولات التي تربطها ببعضها البعض وبالشبكة الخارجية، يمكن أن تُستغل. وقد شهدت الأعوام الماضية عدة حوادث وتسريبات أمنية تسلط الضوء على هذه المخاطر، بدءًا من اختراق سيارات جيب شيروكي عام 2015 وصولًا إلى هجمات أكثر تعقيدًا استهدفت مصنعي السيارات. إن غياب معايير أمنية موحدة وصارمة في جميع مراحل دورة حياة السيارة، من التصميم إلى الاستخدام، يفاقم من هذه التحديات.

ردود الفعل والخطوات المستقبلية

عقب الكشف عن الثغرة، من المتوقع أن تبدأ الشركة المصنعة المعنية، بالتعاون مع كاسبرسكي وخبراء الأمن السيبراني، في العمل فورًا على تطوير وتوزيع تحديثات برمجية لسد هذه الفجوة الأمنية. يُعد التحديث عبر الهواء (OTA) أداة حاسمة في هذا الصدد، حيث يمكنه نشر التصحيحات الأمنية بسرعة لأسطول كبير من المركبات دون الحاجة لزيارة مراكز الصيانة.

على المدى الطويل، يتعين على صناعة السيارات تبني نهج "الأمن بالصميم" (Security by Design)، بحيث يتم دمج الاعتبارات الأمنية في كل مرحلة من مراحل تصميم وتصنيع المركبات، بدلاً من إضافتها كحلول لاحقة. كما يتوجب على الشركات المصنعة:

الاستثمار في البحث والتطوير الأمني: تخصيص موارد أكبر لاكتشاف الثغرات واختبار الاختراق قبل طرح المنتجات في السوق.
تعزيز التعاون: العمل المشترك بين مصنعي السيارات وشركات الأمن السيبراني والجهات التنظيمية لتبادل المعلومات حول التهديدات وتطوير أفضل الممارسات.
توفير تحديثات أمنية منتظمة: ضمان حصول المركبات على تحديثات مستمرة طوال عمرها الافتراضي لحمايتها من الثغرات المكتشفة حديثًا.
تثقيف المستهلكين: توعية السائقين بأهمية الحفاظ على تحديث أنظمة سياراتهم واتخاذ احتياطات الأمان الرقمي.

يُعد هذا الحادث تذكيرًا بأن الابتكار التكنولوجي يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع الالتزام الصارم بالأمن لضمان سلامة المستخدمين وحماية بياناتهم في عالم متزايد الترابط.

خاتمة

إن الكشف عن هذه الثغرة الأمنية في أنظمة السيارات المتصلة يؤكد على الضرورة القصوى لتعزيز الأمن السيبراني في قطاع النقل. فمع تزايد اعتمادنا على التكنولوجيا في حياتنا اليومية، وخاصة في وسائل النقل، يصبح ضمان سلامة هذه الأنظمة وحمايتها من التهديدات السيبرانية مسؤولية مشتركة تتطلب يقظة مستمرة وتعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية، بدءًا من المطورين والمصنعين وصولًا إلى السائقين أنفسهم والجهات التنظيمية.