الهيئة السعودية للأفلام تختتم مؤتمر النقد السينمائي الدولي في الرياض تحت شعار "السينما فن المكان"

تستعد الهيئة السعودية للأفلام لاختتام فعاليات مؤتمر النقد السينمائي الدولي، الذي يُعد مبادرة رائدة لتعزيز الحراك النقدي والفكري في المشهد السينمائي المحلي والإقليمي. تصل هذه الرحلة الثقافية إلى محطتها الأخيرة في العاصمة الرياض خلال الفترة من 7 إلى 9 نوفمبر 2025، بعد جولة ناجحة شملت عدة مدن سعودية. سيُقام المؤتمر في قصر الثقافة بالحي الدبلوماسي، وسيركز على شعار مميز وهو "السينما فن المكان"، الذي يعكس البعد الجغرافي والثقافي العميق لتأثير السينما.

خلفية المؤتمر: رحلة عبر مدن المملكة

لم يكن مؤتمر النقد السينمائي الدولي مجرد حدث يُقام في مكان واحد، بل صُمم ليكون رحلة متكاملة تجوب أرجاء المملكة، بادئًا من أبها ووصولاً إلى القطيف قبل أن يستقر في محطته الختامية بالرياض. تهدف هذه الجولة إلى إشراك أكبر شريحة ممكنة من النقاد والسينمائيين والجمهور المهتم بالسينما في مختلف المناطق، مما يضمن تمثيلاً أوسع للرؤى والأفكار ويُسهم في إثراء الحوار النقدي على مستوى وطني. وقد ساعدت هذه المحطات المتعددة في استكشاف خصوصية كل منطقة وعلاقتها بالصورة السينمائية، وهو ما يمهد لمناقشات أعمق حول شعار المؤتمر المركزي.

الأهداف والأهمية

يأتي هذا المؤتمر ضمن جهود هيئة الأفلام لدعم وتطوير صناعة السينما في المملكة، وذلك من خلال الارتقاء بالمستوى النقدي والفني. تكمن أهميته في:

إثراء المشهد النقدي: توفير منصة للنقاد والأكاديميين لتبادل الخبرات والأفكار حول أحدث النظريات والممارسات في النقد السينمائي.
تعزيز الحوار السينمائي: خلق مساحة للنقاش البناء حول القضايا والتحديات التي تواجه صناعة السينما السعودية والعالمية.
التركيز على "السينما فن المكان": استكشاف كيفية تأثير البيئة والموقع الجغرافي والثقافة المحلية في السرد السينمائي وفي تجربة المشاهدة، وتسليط الضوء على قدرة السينما على تجسيد روح المكان وذاكرته.
دعم المواهب المحلية: تقديم فرص للمواهب الشابة في مجال النقد السينمائي للاستفادة من خبرات المتخصصين والخبراء.
بناء جسور ثقافية: فتح آفاق للتعاون وتبادل المعرفة مع المؤسسات والخبراء الدوليين في مجال النقد السينمائي.

يُعد المؤتمر خطوة استراتيجية نحو ترسيخ مكانة المملكة كمركز ثقافي وفني في المنطقة، ويسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030 التي تولي اهتمامًا كبيرًا لتنمية القطاعات الثقافية والإبداعية.

المحطة الختامية في الرياض: تفاصيل ومحاور

من المتوقع أن تشهد المحطة الختامية للمؤتمر في الرياض، والتي تمتد لثلاثة أيام، برنامجًا حافلاً يضم جلسات نقاشية معمقة، وورش عمل متخصصة، وعروضًا تقديمية يشارك فيها نخبة من النقاد السينمائيين والأكاديميين من داخل المملكة وخارجها. ستُركز الأوراق البحثية والمحاضرات على تحليل مفهوم "السينما فن المكان" من زوايا متعددة، بما في ذلك:

تأثير التضاريس الجغرافية والبيئة الحضرية على جماليات الصورة السينمائية.
دور الأماكن التراثية والثقافية في بناء السرد السينمائي وتأصيل الهوية.
كيفية استخدام المخرجين للمكان كعنصر فاعل في القصة بدلاً من مجرد خلفية.
دراسات حالة لأفلام سعودية وعالمية نجحت في تجسيد روح المكان.

يهدف هذا التركيز إلى تعميق فهم العلاقة الجدلية بين الفن السابع والمساحة التي يُعرض فيها أو يُصور داخلها، وكيف يمكن لهذه العلاقة أن تشكل رؤى جديدة للنقد والإنتاج السينمائي.

السياق الأوسع والأثر المستقبلي

يأتي إطلاق واختتام هذا المؤتمر في ظل نهضة سينمائية تشهدها المملكة، مدعومة بإصلاحات واسعة ورؤية طموحة تهدف إلى تنمية القطاعات الثقافية والإبداعية. تعمل هيئة الأفلام، منذ تأسيسها، على دعم صناعة السينما من خلال توفير البنية التحتية، وتحفيز الإنتاج، وتطوير الكفاءات، وتهيئة بيئة خصبة للإبداع. يُتوقع أن يُسهم مخرجات هذا المؤتمر في:

تطوير منهجيات نقدية جديدة تتناسب مع خصوصية السينما السعودية.
إلهام صناع الأفلام لتوظيف الأبعاد المكانية والثقافية المحلية في أعمالهم.
تعزيز مكانة المملكة كمركز للثقافة السينمائية والفكر النقدي.
بناء أرشيف معرفي يخدم الباحثين والطلاب في مجال السينما.

إن نجاح المؤتمر في جولته ثم في محطته الختامية يؤكد التزام الهيئة بتعزيز ثقافة النقد السينمائي، الذي يُعد ركيزة أساسية لنمو أي صناعة فنية، مما يضمن تطورًا مستدامًا للسينما في المملكة العربية السعودية.