تواصل القصف الجوي بالمسيرات على العاصمة السودانية لليوم الرابع

شهدت العاصمة السودانية الخرطوم وأجزاء من مدينتي أم درمان وبحري المجاورتين، خلال الأيام القليلة الماضية، تصعيدًا ملحوظًا في العمليات العسكرية، حيث استمر القصف المتبادل بالطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة لليوم الرابع على التوالي. تأتي هذه التطورات في سياق الصراع المستمر منذ أكثر من عام بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي".

تفاصيل التطورات الميدانية الأخيرة

تركزت أحدث الغارات الجوية، التي أفاد سكان محليون بسماع دويها بشكل عنيف، على مناطق متفرقة في مدن العاصمة الثلاث. استهدفت طائرات مسيرة تابعة للجيش السوداني تجمعات ومواقع يعتقد أنها تابعة لقوات الدعم السريع، خاصة في الأحياء الجنوبية والشرقية من الخرطوم، بالإضافة إلى مناطق في أم درمان القديمة وشرق النيل. وبحسب شهود عيان، تصاعدت أعمدة الدخان من عدة مواقع عقب الغارات، التي وصفت بأنها الأعنف منذ أسابيع. في المقابل، ردت قوات الدعم السريع بقصف مدفعي استهدف مواقع تابعة للجيش، بما في ذلك محيط القيادة العامة وسلاح المدرعات جنوبي الخرطوم.

يعد استخدام الطائرات المسيرة، وخاصة الإيرانية الصنع التي حصل عليها الجيش مؤخرًا، نقطة تحول تكتيكية في هذا الصراع، حيث منحت الجيش تفوقًا جويًا نسبيًا في سماء العاصمة، مكنه من استهداف خطوط إمداد وتحركات قوات الدعم السريع بدقة أكبر، بعد أن كانت الأخيرة تسيطر على معظم أنحاء الخرطوم.

الخلفية والسياق

اندلع النزاع الحالي في 15 أبريل 2023 نتيجة تصاعد التوترات بين الجيش والدعم السريع حول خطط دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وهو بند أساسي في اتفاق الانتقال إلى الحكم المدني. سرعان ما تحول الخلاف إلى حرب شاملة، تركزت في البداية في الخرطوم قبل أن تمتد إلى مناطق أخرى، أبرزها إقليم دارفور وولايات كردفان والجزيرة. تحولت العاصمة، التي كانت يومًا مركزًا للحياة السياسية والاقتصادية، إلى ساحة حرب مدمرة، حيث أصبحت الأحياء السكنية والمنشآت الحيوية جزءًا من خطوط المواجهة.

التأثير على المدنيين والوضع الإنساني

أدت جولات القصف المكثفة الأخيرة إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المروعة التي يعيشها السكان الذين ما زالوا عالقين في العاصمة. أفادت مصادر طبية ولجان مقاومة محلية بسقوط عشرات الضحايا المدنيين بين قتيل وجريح نتيجة القصف العشوائي الذي طال منازلهم وأسواقًا شعبية. كما تسببت الغارات في دمار واسع للبنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والمرافق الصحية، مما يزيد من صعوبة الحصول على الخدمات الأساسية.

نزوح الملايين: أدت الحرب إلى واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، حيث فر الملايين من منازلهم إلى ولايات أكثر أمانًا أو دول الجوار.
انهيار النظام الصحي: معظم مستشفيات العاصمة خرجت عن الخدمة بسبب القصف المباشر أو نقص الكوادر والمستلزمات الطبية.
خطر المجاعة: حذرت منظمات دولية من أن الملايين في السودان يواجهون خطر الجوع الشديد مع تعطل الإنتاج الزراعي وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية.

يبقى الوضع في الخرطوم متقلبًا وخطيرًا، مع استمرار الطرفين في حشد قواتهما واستخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان، مما ينذر باستمرار المعاناة الإنسانية في ظل غياب أي أفق لحل سياسي قريب ينهي الصراع المدمر.