تحديات متزايدة للقوات الأوكرانية في دونيتسك وسط تقدم روسي

تفيد التقارير الميدانية والتحليلات العسكرية الصادرة في الأسابيع الأخيرة بتصاعد الضغوط على القوات الأوكرانية على امتداد جبهة دونيتسك الشرقية، حيث تواجه تحديات كبيرة في صد الهجمات الروسية المكثفة. ويأتي هذا التدهور في الموقف الدفاعي الأوكراني في أعقاب سيطرة روسيا على مدينة أفدييفكا الاستراتيجية في فبراير الماضي، مما مكنها من استغلال الزخم لتحقيق مكاسب إضافية في عدة محاور قتالية، وهو ما تصفه بعض المصادر الإعلامية بـ"الوضع الكارثي" في بعض النقاط.

التطورات الميدانية الأخيرة

يتركز الهجوم الروسي الحالي بشكل خاص على عدة مناطق حيوية في دونيتسك. تعد مدينة تشاسيف يار، الواقعة على مرتفعات استراتيجية غرب باخموت، أحد الأهداف الرئيسية للعمليات الروسية. السيطرة على هذه المدينة من شأنها أن تفتح الطريق أمام القوات الروسية للتقدم نحو مدن كبرى مثل كراماتورسك وسلوفيانسك، التي تشكل معاقل رئيسية للدفاع الأوكراني في المنطقة. وتستخدم القوات الروسية تكتيكات الضغط المتواصل والقصف الجوي العنيف لإرهاق المدافعين.

إلى جانب تشاسيف يار، حققت القوات الروسية تقدمًا ملموسًا في محور بوكروفسك، غرب أفدييفكا. وتشير المصادر إلى أن القوات الروسية استولت على عدة بلدات صغيرة، بما في ذلك بلدة أوتشيريتيني، مما أدى إلى خلق نتوء خطير في الخطوط الدفاعية الأوكرانية ويهدد بتطويق الوحدات المدافعة في مناطق مجاورة. ويشكل هذا التقدم السريع اختبارًا حقيقيًا لمرونة الدفاعات الأوكرانية وقدرتها على إنشاء خطوط دفاعية جديدة وفعالة.

الأسباب وراء تدهور الموقف الأوكراني

يعزو المحللون العسكريون الصعوبات التي تواجهها أوكرانيا إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، التي أثرت بشكل مباشر على قدرتها على الصمود في وجه الهجمات الروسية المتجددة:

نقص حاد في الذخيرة: كان التأخير في إقرار حزم المساعدات العسكرية الغربية، خاصة من الولايات المتحدة، سبباً رئيسياً في حالة من "تجويع المدفعية" التي أصابت القوات الأوكرانية، مما قلل من قدرتها على الرد بفعالية على القصف الروسي الكثيف وأضعف مواقعها الأمامية.
التفوق الجوي الروسي: تستخدم روسيا بشكل متزايد القنابل الانزلاقية الموجهة (FABs)، التي يتم إطلاقها من طائرات مقاتلة على مسافات آمنة وتحدث دمارًا هائلاً في المواقع الدفاعية الأوكرانية المحصنة، دون أن تتمكن الدفاعات الجوية الأوكرانية الممتدة على خط الجبهة من اعتراضها بفعالية.
التحديات البشرية: تواجه أوكرانيا صعوبات في تعويض الخسائر والحفاظ على أعداد كافية من الجنود على خط المواجهة الطويل. وقد أدى ذلك إلى إرهاق الوحدات الموجودة في الميدان ويحد من قدرتها على القيام بدورات تناوب فعالة للراحة وإعادة التجهيز.

الأهمية الاستراتيجية لمحور دونيتسك

تعتبر منطقة دونيتسك حجر الزاوية في الأهداف العسكرية الروسية المعلنة، والتي تتمثل في السيطرة الكاملة على إقليم دونباس. بالنسبة لروسيا، فإن التقدم في هذا المحور يمثل نجاحًا استراتيجيًا كبيرًا يقربها من تحقيق أهدافها الحربية ويوفر لها ورقة ضغط سياسية. أما بالنسبة لأوكرانيا، فإن الحفاظ على خطوطها الدفاعية في دونيتسك يعد أمرًا حيويًا لمنع انهيار الجبهة الشرقية بأكملها وحماية المراكز الصناعية والسكانية الرئيسية التي لا تزال تحت سيطرتها في عمق البلاد.

البيانات الرسمية والمواقف المعلنة

أقرت القيادة العسكرية الأوكرانية، في بيانات متعددة خلال شهر مايو 2024، بصعوبة الوضع على الجبهة الشرقية، مؤكدة أن القوات الروسية تفوق القوات الأوكرانية من حيث العدد والعتاد في بعض المحاور. ومع ذلك، تؤكد كييف أن قواتها تبذل قصارى جهدها لتثبيت خطوط الدفاع وتكبيد القوات المهاجمة خسائر فادحة، وتعمل على بناء تحصينات جديدة لمواجهة التقدم الروسي.

في المقابل، تعلن وزارة الدفاع الروسية بشكل شبه يومي عن "تحسين مواقعها التكتيكية" والسيطرة على بلدات جديدة، وتقدم أرقامًا عن الخسائر التي تلحقها بالقوات الأوكرانية في العتاد والأرواح. وتجدر الإشارة إلى أن هذه البيانات الصادرة من طرفي النزاع لا يمكن التحقق منها بشكل مستقل وتندرج ضمن إطار الحرب الإعلامية المرافقة للعمليات العسكرية.

على الرغم من أن وصول حزم المساعدات العسكرية الجديدة التي تم إقرارها مؤخرًا قد يساهم في تخفيف الضغط على القوات الأوكرانية في الأشهر المقبلة، إلا أن الوضع الحالي على جبهة دونيتسك يظل حرجًا. ويتوقف مستقبل القتال في هذه المنطقة على سرعة وصول الإمدادات وفعاليتها، وقدرة أوكرانيا على تعزيز دفاعاتها وسد الثغرات التي أحدثها الهجوم الروسي المستمر.