المجلس الوطني الفلسطيني يطالب المجتمع الدولي بحماية الأسرى من التعذيب في سجون الاحتلال

في بيان صدر مؤخراً، وجه المجلس الوطني الفلسطيني نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات حقوق الإنسان، للتدخل الفوري من أجل حماية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وتأتي هذه الدعوة على خلفية تقارير متزايدة حول تعرض الأسرى لسياسات تعذيب ممنهجة وانتهاكات جسيمة لحقوقهم الأساسية، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة.

خلفية قضية الأسرى

تُعد قضية الأسرى الفلسطينيين إحدى القضايا المحورية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث يقبع آلاف الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية. ويواجه هؤلاء الأسرى ظروفاً قانونية معقدة، إذ يخضع الكثير منهم لنظام الاعتقال الإداري الذي يسمح باحتجازهم دون تهمة أو محاكمة لفترات قابلة للتجديد، وهو إجراء يلقى انتقادات واسعة من قبل المنظمات الحقوقية الدولية باعتباره انتهاكاً للقانون الدولي.

ولطالما شكلت ظروف الاحتجاز محور قلق دائم، حيث وثقت منظمات حقوقية فلسطينية ودولية على مر السنين ممارسات تشمل الإهمال الطبي، والتعذيب النفسي والجسدي أثناء التحقيق، وظروف الاعتقال غير الإنسانية. ويمثل المجلس الوطني الفلسطيني، بصفته الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الجهة السياسية التي تتابع هذه القضية على المستوى الدبلوماسي والدولي.

تصاعد الانتهاكات والتطورات الأخيرة

أشار المجلس في بيانه إلى أن الوضع داخل السجون قد شهد تدهوراً خطيراً، خاصة بعد أحداث 7 أكتوبر 2023. وتشير التقارير الصادرة عن هيئات شؤون الأسرى إلى ارتفاع كبير في أعداد المعتقلين، وتزامن ذلك مع تشديد الإجراءات العقابية الجماعية التي فرضتها إدارة السجون الإسرائيلية. ووفقاً للشهادات والتقارير، فإن الممارسات الممنهجة أصبحت أكثر قسوة وانتشاراً.

وتشمل أبرز الانتهاكات التي تم توثيقها مؤخراً ما يلي:

الاعتداءات الجسدية: تعرض الأسرى للضرب المبرح والاعتداءات المنظمة من قبل وحدات القمع الخاصة داخل السجون.
الإهمال الطبي المتعمد: حرمان الأسرى المرضى وذوي الحالات المزمنة من العلاج اللازم والأدوية، مما أدى إلى تدهور حالتهم الصحية ووقوع وفيات داخل السجون.
سياسة التجويع: تقليص كميات الطعام المقدمة للأسرى بشكل حاد، وتقديم وجبات ذات جودة رديئة لا تفي بالاحتياجات الأساسية.
ظروف احتجاز مهينة: اكتظاظ الزنازين، ومصادرة الممتلكات الشخصية والملابس، ومنع زيارات الأهالي والمحامين بشكل شبه كامل.
التعذيب النفسي: فرض العزل الانفرادي لفترات طويلة، والتهديد المستمر، والإذلال المتعمد.

تفاصيل دعوة المجلس الوطني ومطالبه

في هذا السياق، شدد رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، على أن ما يتعرض له الأسرى يرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني. ودعا المجلس الهيئات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والكف عن صمتها. وتمحورت المطالب الرئيسية حول عدة نقاط أساسية، أبرزها:

أولاً، تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة للتحقيق في الجرائم المرتكبة بحق الأسرى والظروف التي أدت إلى وفاة عدد منهم داخل السجون مؤخراً. ثانياً، إلزام إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بتطبيق أحكام اتفاقيات جنيف، وخاصة الاتفاقية الرابعة التي تضمن حقوق السكان المدنيين تحت الاحتلال. وأخيراً، الضغط من أجل السماح الفوري للجنة الدولية للصليب الأحمر وطواقمها الطبية بزيارة السجون والاطلاع على أوضاع الأسرى وتقديم الرعاية لهم دون قيود.

الأهمية والسياق الدولي

تكتسب هذه الدعوة أهميتها من كونها تأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط الدبلوماسية والقانونية على إسرائيل بشأن ممارساتها في الأراضي الفلسطينية. وتعتبر هذه الخطوة محاولة فلسطينية لإعادة تسليط الضوء على ملف إنساني وقانوني حاسم، ووضعه على أجندة المجتمع الدولي. إن استمرار هذه الممارسات لا يهدد حياة الأسرى فحسب، بل يقوض أيضاً أي فرصة لتحقيق استقرار في المنطقة، حيث تبقى قضية الأسرى عنصراً شديد الحساسية لدى الشارع الفلسطيني ومكوناً أساسياً في الذاكرة الوطنية الجماعية.