جنوب أفريقيا تندد بالهجمات المروعة ضد المدنيين في السودان

أدانت جنوب أفريقيا، وهي صوت بارز في القارة الأفريقية، مؤخراً وبشدة الهجمات المروعة التي تستهدف المدنيين في السودان. يأتي هذا الإعلان في خضم تدهور سريع للوضع الإنساني واستمرار الصراع العنيف الذي دفع البلاد إلى أزمة عميقة منذ أوائل عام 2023. ويؤكد البيان قلق المجتمع الدولي المتزايد بشأن انتهاكات القانون الإنساني الدولي.

خلفية الصراع في السودان

يدور النزاع في السودان بشكل أساسي بين اشتباكات القوات المسلحة السودانية (SAF)، بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع (RSF) شبه العسكرية، بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). اندلعت الأعمال العدائية بشدة في 15 أبريل 2023، بعد أشهر من التوترات المتصاعدة حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي والجدول الزمني للانتقال إلى الحكم المدني. وقد أدت هذه الصراعات على السلطة إلى عرقلة عملية الانتقال الهشة التي بدأت بعد الإطاحة بالدكتاتور عمر البشير عام 2019. ومنذ ذلك الحين، انتشر الصراع من العاصمة الخرطوم إلى مناطق حيوية أخرى، لا سيما دارفور، مما أدى إلى دمار واسع النطاق ونزوح جماعي.

موقف جنوب أفريقيا

في بيان صدر مؤخراً عن وزارة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا (DIRCO)، أعربت بريتوريا عن إدانتها القوية للهجمات العشوائية التي تستهدف المدنيين الأبرياء في السودان. شددت الوزارة على أن حماية المدنيين، إلى جانب صون البنى التحتية الحيوية والمنشآت المدنية مثل المستشفيات والمدارس، تمثل التزامات قانونية وأخلاقية غير قابلة للتفاوض بموجب القانون الإنساني الدولي.

دعت جنوب أفريقيا إلى وقف فوري وغير مشروط للأعمال العدائية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع المحتاجين.
أكدت على ضرورة احترام كافة أطراف النزاع للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك التمييز بين المقاتلين والمدنيين، وحظر الهجمات الموجهة ضد غير المقاتلين.
أعربت عن قلقها العميق إزاء التقارير المتزايدة عن العنف الجنسي القائم على النوع الاجتماعي، وعمليات القتل خارج نطاق القانون، والتهجير القسري للسكان.
حثت الأطراف المتحاربة على الانخراط في حوار جاد وفعال للتوصل إلى حل سلمي ودائم للأزمة، معربة عن استعدادها لدعم أي مبادرات إقليمية أو دولية تسعى لتحقيق السلام.

التداعيات الإنسانية للأزمة

لقد أطلق الصراع المستمر واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. اضطر ملايين السودانيين إلى الفرار من ديارهم، إما نازحين داخلياً أو باحثين عن ملجأ في البلدان المجاورة مثل تشاد ومصر وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى. وتشير تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية المختلفة إلى نقص حاد في الغذاء والماء والدواء والمأوى. وقد تم استهداف المرافق الصحية أو تعطيلها، مما أدى إلى تفاقم انتشار الأمراض. استدعى العنف في مناطق مثل دارفور ذكريات مؤلمة للفظائع الماضية، مما أثار مخاوف من التطهير العرقي وزعزعة استقرار المنطقة الأوسع.

الدعوات الإقليمية والدولية

تعد الإدانة الصادرة عن جنوب أفريقيا جزءاً من جوقة أوسع من الدعوات الدولية لوقف العنف في السودان. وقد حثت هيئات إقليمية ودولية مختلفة، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي (AU)، والهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيغاد)، والأمم المتحدة، مراراً وتكراراً الفصائل المتحاربة على وقف القتال وحماية المدنيين. وقد واجهت الجهود الرامية إلى التوسط لوقف إطلاق النار وبدء محادثات السلام تحديات كبيرة، حيث فشلت اتفاقيات متعددة في الصمود. ويواصل المجتمع الدولي الضغط من أجل المساءلة عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي المرتكبة خلال النزاع.

أهمية موقف جنوب أفريقيا

تحمل الإدانة القوية لجنوب أفريقيا وزناً كبيراً نظراً لدورها التاريخي في تعزيز السلام والاستقرار في القارة، بالإضافة إلى مكانتها كعضو رائد في الاتحاد الأفريقي. يضيف صوتها إلى الضغط الأخلاقي والسياسي على الأطراف المتحاربة السودانية، معززاً رسالة مفادها أن مثل هذه الفظائع ضد المدنيين غير مقبولة ولن يتم التغاضي عنها. كما يعمل البيان على تسليط الضوء على الأزمة المنسية في السودان، بهدف حشد المزيد من العمل الدولي والدعم الإنساني. يؤكد هذا التدخل الترابط بين الدول الأفريقية ومسؤوليتها المشتركة في مواجهة التحديات القارية، مع التمسك بمبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي.

آفاق الحل

على الرغم من الدعوات المتكررة للسلام، لا يزال الطريق إلى حل دائم في السودان محفوفاً بالتحديات. فالانعدام العميق للثقة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى جانب التأثيرات الخارجية، يعقّد جهود الوساطة. ومع ذلك، فإن الضغط الدولي المستمر، والمشاركة الدبلوماسية المنسقة، والعمل الإنساني القوي ضرورية لتخفيف المعاناة وتمهيد الطريق لمستقبل يمكن فيه للمدنيين السودانيين العيش بسلام وكرامة. يواصل المجتمع الدولي، بما في ذلك اللاعبون الأفارقة الرئيسيون مثل جنوب أفريقيا، التأكيد على الحاجة إلى عملية سياسية شاملة بقيادة مدنية لاستعادة الاستقرار وتسهيل الانتقال الديمقراطي.