جدل واسع يحيط بمشاركة المريخ السوداني في الدوري الليبي

مطلع شهر أكتوبر 2024، أثار إعلان نادي المريخ السوداني عن خططه للمشاركة في الدوري الليبي للمحترفين لموسم 2025-2026 موجة واسعة من الجدل والتساؤلات في الأوساط الرياضية السودانية والعربية. هذا التطور يأتي في سياق الاضطرابات الأمنية والسياسية التي تشهدها السودان، والتي أدت إلى توقف الأنشطة الرياضية المحلية بشكل شبه كامل على مدار العامين الماضيين.

وأكدت إدارة نادي المريخ، أحد أكبر الأندية السودانية وأكثرها تتويجًا، أنها حصلت على موافقة الاتحاد السوداني لكرة القدم (SFA) للمضي قدمًا في هذه الخطوة غير المسبوقة. ويُعزى القرار بشكل أساسي إلى الرغبة في الحفاظ على جاهزية اللاعبين وتنافسيتهم، خاصة وأن النادي يمثل السودان بانتظام في البطولات القارية مثل دوري أبطال أفريقيا وكأس الكونفدرالية.

خلفية الأزمة الرياضية في السودان

منذ اندلاع النزاع المسلح في أبريل 2023، تعطلت الحياة العامة في السودان بشكل جذري، وكان القطاع الرياضي من بين الأكثر تضررًا. توقفت مسابقة الدوري الممتاز وكافة الأنشطة الكروية الأخرى، وتشتت العديد من اللاعبين المحترفين داخل وخارج البلاد. هذه الظروف أدت إلى عزلة الأندية السودانية وضعف قدرتها على الاحتفاظ بنجومها أو تطوير المواهب الجديدة. وقد حاول الاتحاد السوداني تنظيم بعض البطولات المصغرة أو المعسكرات الخارجية، إلا أنها لم تكن كافية لتعويض غياب المنافسة المحلية المنظمة.

ويُعد نادي المريخ، بتاريخه العريق وقاعدته الجماهيرية الكبيرة، رمزًا لكرة القدم السودانية. مشاركته في دوري أجنبي تعكس حجم الأزمة التي يواجهها النادي والرياضة السودانية عمومًا، وتشير إلى أن الحلول المحلية لعودة النشاط الرياضي لا تزال بعيدة المنال.

مسببات الجدل والتساؤلات

أثار إعلان المريخ العديد من النقاط المثيرة للجدل والاستفهام، أبرزها:

الشرعية القانونية والتنظيمية: تتساءل الأوساط الكروية عن مدى قانونية مشاركة نادٍ تابع لاتحاد وطني في دوري محلي تابع لاتحاد آخر. فلوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) والاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF) غالبًا ما تضع قيودًا صارمة على مثل هذه الممارسات لضمان نزاهة المنافسة وتجنب تضارب المصالح. هل سيتم تقديم استثناء خاص في هذه الحالة؟ وما هي تداعياته على المستقبل؟
دور الاتحاد السوداني: تثير موافقة الاتحاد السوداني تساؤلات حول دوره في حل أزمة الكرة السودانية. هل كان هذا القرار هو الخيار الوحيد، أم أنه يعكس عجزًا عن إيجاد حلول بديلة لإعادة إطلاق الدوري المحلي؟ كما يتخوف البعض من أن تفتح هذه الموافقة الباب أمام أندية سودانية أخرى للمطالبة بالمثل، مما قد يفرغ الدوري السوداني من محتواه عند عودته.
تأثير على الكرة السودانية: يرى منتقدون أن هذه الخطوة، رغم أنها قد تحافظ على جاهزية لاعبي المريخ، إلا أنها قد تضر بجهود إعادة بناء وتطوير كرة القدم السودانية على المدى الطويل. فإذا اعتمدت الأندية الكبيرة على اللعب في الخارج، فما هو المصير الذي ينتظر باقي الأندية والمسابقات المحلية؟ هل سيؤدي ذلك إلى هجرة جماعية للمواهب؟
التحديات اللوجستية والمالية: المشاركة في دوري أجنبي تتطلب موارد مالية ولوجستية كبيرة لتغطية تكاليف السفر والإقامة والتدريبات. فكيف سيتم تمويل هذه المشاركة، ومن سيتحمل الأعباء المالية في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في السودان؟ وما هو موقف الاتحاد الليبي والأندية الليبية من استضافة فريق أجنبي في دوريهم المحلي؟

ردود الفعل والتطلعات المستقبلية

تنوعت ردود الفعل على إعلان المريخ بين مؤيد ومعارض. فبينما يرى البعض أنها خطوة ضرورية للحفاظ على كيان النادي ولاعبيه في ظل الظروف الراهنة، يعبر آخرون عن قلقهم العميق بشأن مستقبل كرة القدم السودانية. وقد دعا العديد من الشخصيات الرياضية والخبراء إلى ضرورة وضع استراتيجية واضحة لإعادة إحياء النشاط الرياضي في السودان، بدلًا من الحلول الفردية المؤقتة.

من جانبها، لم يصدر عن الاتحاد الليبي لكرة القدم أو الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF) أي تعليق رسمي بعد على هذه الخطوة، مما يضيف إلى حالة عدم اليقين المحيطة بالمشاركة. يبقى السؤال مطروحًا: هل ستكون هذه المشاركة استثناءً مؤقتًا أم ستصبح نموذجًا يحتذى به في ظل الأزمات الإقليمية، وما هو الثمن الذي قد تدفعه كرة القدم السودانية على المدى الطويل؟