وزير الدفاع الأمريكي يعرب عن مخاوفه بشأن النشاط البحري لبكين حول تايوان

أعرب وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في لقاءات ومحادثات حديثة مع نظيره الصيني، دونغ جون، عن قلقه البالغ إزاء الأنشطة العسكرية البحرية والجوية المتزايدة والصارمة التي تقوم بها بكين حول تايوان وفي منطقة بحر الصين الجنوبي. تأتي هذه المخاوف في سياق جهود مستمرة بين واشنطن وبكين لإعادة فتح قنوات الاتصال العسكرية عالية المستوى بهدف منع سوء التقدير وتجنب التصعيد المحتمل في إحدى أكثر مناطق العالم حساسية.

تُعد تايوان نقطة محورية في العلاقات الأمريكية الصينية المتوترة، حيث تعتبرها بكين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها وتتوعد بـ "إعادة توحيدها" بالقوة إذا لزم الأمر، بينما تلتزم واشنطن بسياسة "صين واحدة" ولكنها في الوقت نفسه تدعم قدرات تايوان الدفاعية وتعارض أي تغيير أحادي الجانب للوضع الراهن عبر مضيق تايوان.

خلفية اللقاءات والتطورات الأخيرة

شهدت العلاقات الدفاعية بين الولايات المتحدة والصين فترة من التجمد النسبي في الاتصالات عالية المستوى، خاصة بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي آنذاك، نانسي بيلوسي، لتايوان في أغسطس 2022. ومع ذلك، بذلت الإدارتان جهودًا متضافرة لإعادة تأسيس قنوات الاتصال العسكرية، إدراكًا لأهمية الحوار المفتوح في إدارة المنافسة وتجنب الصراعات.

في منتصف شهر أبريل 2024، أجرى الوزير أوستن أول مكالمة هاتفية مباشرة مع الوزير دونغ جون، وهو حدث مهم يمثل اختراقًا بعد ما يقرب من عامين من الصمت. تبع ذلك لقاء مباشر بين الوزيرين في مطلع يونيو 2024 على هامش منتدى حوار شانغريلا الأمني السنوي في سنغافورة. خلال هذه المحادثات، لم تكن قضية تايوان والأنشطة البحرية الصينية بعيدًا عن جدول الأعمال، حيث شكلت محورًا رئيسيًا للمخاوف الأمريكية.

تصاعدت التوترات مؤخرًا بعد تنصيب الرئيس التايواني الجديد، لاي تشينغ تي، في 20 مايو 2024، الذي تعتبره بكين "انفصاليًا خطرًا". ردًا على ذلك، أجرت الصين تدريبات عسكرية واسعة النطاق حول تايوان، أطلقت عليها اسم "السيف المشترك 2024 أ"، شملت محاكاة لحصار الجزيرة واختبار قدرات الجيش الصيني على ضرب الأهداف الرئيسية التايوانية، مما أثار قلقًا إقليميًا ودوليًا واسعًا.

مخاوف واشنطن من أنشطة بكين

عبر وزير الدفاع الأمريكي عن مخاوفه الجدية بشأن النطاق والتواتر المتزايد للعمليات العسكرية الصينية حول تايوان. تشمل هذه الأنشطة تحليق المقاتلات الصينية بالقرب من منطقة الدفاع الجوي التايوانية، وعبور السفن الحربية الصينية للخط الأوسط غير الرسمي في مضيق تايوان، والتدريبات التي تحاكي هجومًا أو حصارًا للجزيرة.

تركز المخاوف الأمريكية على عدة جوانب رئيسية:

خطر سوء التقدير: تزيد الأنشطة العسكرية الكثيفة من خطر وقوع حوادث غير مقصودة يمكن أن تتصاعد إلى صراع أوسع.
زعزعة الاستقرار الإقليمي: تهدد هذه التحركات السلم والاستقرار عبر مضيق تايوان، مما يؤثر على أمن وازدهار المنطقة بأكملها.
تقويض المعايير الدولية: تُنظر إلى بعض هذه الأنشطة على أنها تحدٍ لحرية الملاحة الدولية والقانون البحري الدولي، خاصة في المناطق المتنازع عليها.
التأثير على الشركاء الإقليميين: تشعر الولايات المتحدة بالقلق إزاء التأثير المحتمل على شركائها الأمنيين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مثل اليابان والفلبين وكوريا الجنوبية وأستراليا، الذين يراقبون عن كثب تحركات بكين.

أكد أوستن على التزام الولايات المتحدة بسياسة "صين واحدة" التي تعترف ببكين ولكنها تسمح لواشنطن بالحفاظ على علاقات غير رسمية مع تايوان، وفي الوقت نفسه، شدد على أهمية الحفاظ على الوضع الراهن وعدم تغيير أي من الطرفين له بالقوة.

موقف بكين وسيادتها على تايوان

من جانبه، أكد وزير الدفاع الصيني، دونغ جون، على أن قضية تايوان هي "جوهر مصالح الصين الأساسية، وهي خط أحمر لا يمكن تجاوزه في العلاقات الصينية الأمريكية". وشدد على أن الصين تعتبر تايوان جزءًا لا يتجزأ من أراضيها وأن أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية هو أمر غير مقبول. كما حذر من محاولات استخدام تايوان لاحتواء الصين، مشددًا على أن جيش التحرير الشعبي الصيني "مصمم وعازم وقادر" على الدفاع عن سيادة الصين وسلامة أراضيها.

لطالما اعترضت بكين على مبيعات الأسلحة الأمريكية لتايوان واللقاءات بين المسؤولين الأمريكيين والتايوانيين، معتبرة ذلك دعمًا للانفصاليين وتقويضًا لمبدأ "صين واحدة". ترى الصين أن تدريباتها العسكرية حول تايوان هي استجابة مشروعة لأي أنشطة تعتبرها "انفصالية" أو "استفزازية" من جانب سلطات الجزيرة بدعم من قوى خارجية.

بحر الصين الجنوبي: نقطة توتر أخرى

لم تقتصر مخاوف أوستن على تايوان فحسب، بل امتدت لتشمل سلوك الصين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه. أعرب الوزير الأمريكي عن قلق واشنطن من "الإجراءات القسرية والخطيرة" التي تتخذها الصين، لا سيما ضد السفن الفلبينية. تشهد هذه المنطقة توترات متزايدة، خاصة حول الشعاب المرجانية المتنازع عليها مثل سكند توماس شول (آيونغين شول)، حيث تتكرر حوادث التصادم أو استخدام خراطيم المياه من قبل السفن الصينية ضد السفن الفلبينية.

تتمسك الولايات المتحدة بمبدأ حرية الملاحة الدولية في بحر الصين الجنوبي وتدعم حلفاءها في المنطقة، مؤكدة على أن مطالب الصين الإقليمية الواسعة لا تتفق مع القانون الدولي، وخاصة قرار محكمة التحكيم الدائمة لعام 2016 الذي رفض هذه المطالب.

أهمية الحوار لتجنب التصعيد

على الرغم من الخلافات العميقة حول تايوان وبحر الصين الجنوبي، أقر الجانبان بأهمية استمرار قنوات الاتصال العسكرية. يرى كبار المسؤولين الأمريكيين أن الحوار المفتوح أمر حاسم لمنع تحول المنافسة بين القوتين العظميين إلى صراع مباشر. الاتفاق على استئناف هذه القنوات يمثل خطوة إيجابية، حتى لو كانت التقدم في حل القضايا الأساسية بطيئًا. تهدف هذه المحادثات أيضًا إلى وضع قواعد سلوك واضحة لتقليل مخاطر الحوادث في البحر والجو.

التداعيات الإقليمية والدولية

تداعيات هذه التوترات تتجاوز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين. يشعر حلفاء واشنطن في المنطقة، مثل اليابان وأستراليا والفلبين، بقلق متزايد إزاء الاستقرار الإقليمي وتأثير أي صراع محتمل على ممرات الشحن الحيوية والاقتصاد العالمي. تدعم هذه الدول عمومًا دعوة الولايات المتحدة إلى التهدئة والحوار، بينما تعزز قدراتها الدفاعية وتنسق مع واشنطن لردع أي عدوان.

بالنظر إلى دور تايوان المحوري في صناعة أشباه الموصلات العالمية، فإن أي اضطراب كبير في المنطقة سيكون له آثار اقتصادية عالمية كارثية. لذلك، فإن إدارة التوترات بين بكين وواشنطن حول تايوان لا تزال أولوية قصوى للمجتمع الدولي ككل.