إلهام شاهين تؤكد: آراء النقاد أهم من انطباعات الجمهور

أكدت الفنانة المصرية المخضرمة إلهام شاهين، في تصريحات متكررة خلال لقاءات إعلامية ومهرجانات فنية في الفترة الأخيرة، على أن رؤيتها الفنية ومنهجها في اختيار الأعمال يعتمد بشكل أساسي على آراء النقاد المتخصصين في المجال الفني، مفضلة ذلك على الانطباعات العامة أو ردود أفعال الجمهور. تأتي هذه التصريحات لتجدد الجدل حول دور النقد الفني مقابل رأي الجماهير في تقييم الأعمال الإبداعية، ولتسلط الضوء على فلسفة شاهين الراسخة تجاه مسيرتها الفنية.

صرحت الفنانة، التي تُعد من أبرز وجوه السينما والتلفزيون المصرية، أن النقد البناء من قبل المختصين هو البوصلة الحقيقية التي توجهها نحو التطور الفني واختيار أدوارها. وشددت على أن النقاد، بحكم خبرتهم الأكاديمية والعملية، يمتلكون أدوات تحليلية تمكنهم من الغوص في عمق العمل الفني، وتقييم عناصره المختلفة من إخراج وتمثيل وسيناريو، مما يساهم في رفع مستوى الصناعة ككل. في المقابل، ترى شاهين أن ردود فعل الجمهور، وإن كانت مهمة على الصعيد التجاري أحيانًا، غالبًا ما تكون عاطفية أو سطحية ولا تستند إلى معايير فنية صارمة.

خلفية التصريحات ومسيرة الفنانة

تعتبر هذه ليست المرة الأولى التي تعرب فيها إلهام شاهين عن هذه القناعة. فقد دأبت على مدار مسيرتها الفنية الطويلة، والتي انطلقت في سبعينيات القرن الماضي، على التعبير عن هذا الموقف الثابت. ارتبط اسم شاهين بالعديد من الأعمال الفنية الجريئة والتي أثارت نقاشات واسعة، سواء من حيث موضوعاتها أو طريقة تناولها. وقد واجهت في بعض الأحيان انتقادات لاذعة من قطاعات معينة من الجمهور، خاصة فيما يتعلق بأدوار تناولت قضايا اجتماعية أو دينية حساسة.

مسيرة إلهام شاهين الفنية حافلة بالأدوار المتنوعة والجريئة، حيث قدمت أعمالًا سينمائية وتلفزيونية ومسرحية تركت بصمة واضحة في الذاكرة الفنية العربية. حصدت الفنانة العديد من الجوائز والتكريمات في مهرجانات عربية ودولية مرموقة، مما يؤكد تقدير النقاد والمحافل الفنية لموهبتها واجتهادها. هذا التقدير النقدي ربما يكون قد عزز لديها القناعة بأن تقييم المختصين هو الأكثر موضوعية وإنصافًا.

في سياق متصل، تُعرف شاهين بشخصيتها القوية وآرائها الصريحة، والتي غالبًا ما تثير الجدل. هذه الشجاعة في التعبير عن الذات، سواء في الفن أو في الرأي العام، جعلتها شخصية فنية مثيرة للاهتمام، وتحظى بمتابعة إعلامية مكثفة. تصريحاتها الأخيرة، التي تجدد موقفها من أهمية النقد، تأتي في إطار هذه الشخصية الجريئة التي لا تخشى التعبير عن قناعاتها الفنية والشخصية.

دلالات الموقف وتأثيره على المشهد الفني

موقف إلهام شاهين من النقد والجمهور يحمل دلالات عدة في المشهد الفني المعاصر:

الدفاع عن دور النقد: تعكس تصريحاتها دفاعًا قويًا عن أهمية النقد الفني المتخصص في الارتقاء بالذوق العام وتوجيه الصناعة نحو تقديم أعمال ذات قيمة فنية حقيقية، بعيدًا عن الاستقطاب الجماهيري أو الحسابات التجارية البحتة.
تمسك الفنان برؤيته: يؤكد هذا الموقف على حق الفنان في التمسك برؤيته الفنية والتعبير عنها، حتى لو تعارضت مع التوقعات الجماهيرية أو التفضيلات السائدة، ما يعزز فكرة الحرية الإبداعية.
فصل بين الفن التجاري والفن الجاد: يمكن قراءة تصريحاتها على أنها محاولة للفصل بين الأعمال الفنية التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تحقيق شعبية جماهيرية وإيرادات، وبين الأعمال التي تسعى لتقديم قيمة فنية أو فكرية عميقة، وتستهدف شريحة معينة من المتلقين والنقاد.
حوار دائم في الصناعة: تساهم هذه التصريحات في إثارة حوار مستمر داخل الأوساط الفنية حول العلاقة المعقدة بين الفنان، والنقد، والجمهور، والتوازن المطلوب بينها لتحقيق النجاح الفني والجماهيري معًا.

هذا الموقف ليس حكرًا على إلهام شاهين، فكثير من الفنانين حول العالم يميلون إلى تقدير النقد المتخصص على ردود الفعل الجماهيرية، خاصة عندما تكون أعمالهم ذات طابع فكري أو تجريبي. يرون أن النقد يقدم لهم رؤى معمقة ويساعدهم على صقل أدواتهم وتطوير مسيرتهم الفنية بشكل مستمر.

تفاعل الأوساط الفنية والإعلامية

على الرغم من أن تصريحات إلهام شاهين ليست جديدة في جوهرها، إلا أنها غالبًا ما تستقبل بتفاعلات متباينة في الأوساط الفنية والإعلامية. فبينما يرى البعض أنها تعبر عن وعي فني عميق وثقة الفنانة بخياراتها، يعتبرها آخرون نوعًا من تجاهل لرغبات الجمهور الذي يُعد في النهاية أحد أركان نجاح أي عمل فني.

أيد بعض النقاد موقف شاهين، مشيرين إلى أن دورهم يتجاوز مجرد إبداء الرأي إلى تحليل العمل وتفكيك عناصره وتقديمه للمتلقي من زاوية أعمق، وهو ما لا يستطيعه الجمهور بالضرورة. كما رأوا أن الفنان الذي يضع نصب عينيه إرضاء الجمهور فقط، قد يقع فريسة للأعمال التجارية التي تفتقر إلى القيمة الفنية الحقيقية.

على الجانب الآخر، قد يرى بعض المنتجين أو حتى زملائها الفنانين أن إرضاء الجمهور ليس أمرًا يمكن إغفاله بالكامل، خاصة في صناعة تعتمد على الجذب الجماهيري لتحقيق الاستمرارية والربحية. ولكن يبقى الإجماع على أن التوازن بين القيمة الفنية والجاذبية الجماهيرية هو الهدف الأسمى الذي يسعى إليه أغلب العاملين في الحقل الفني.

تظل تصريحات إلهام شاهين دعوة مستمرة للتفكير في معايير تقييم الفن ودور كل من النقاد والجمهور في تشكيل المشهد الثقافي، مؤكدة على أن الفن رسالة قبل أن يكون مجرد تسلية أو تجارة.