حماس تخطر الوسطاء بصعوبة الوصول إلى جثامين بعض الرهائن

في تطور يسلط الضوء على التعقيدات الميدانية التي تواجه تطبيق اتفاق الهدنة الإنسانية في غزة، أفادت مصادر مطلعة أن حركة حماس أبلغت الوسطاء، وتحديداً مصر وقطر، بأنها تواجه صعوبات كبيرة في تحديد أماكن جثامين عدد من الرهائن الإسرائيليين الذين قضوا خلال فترة احتجازهم. ويأتي هذا الإبلاغ في وقت حرج، حيث كانت المفاوضات جارية لتوسيع نطاق الهدنة وتبادل المزيد من المحتجزين والأسرى بين الطرفين.

وفقاً للمعلومات التي تم تداولها أواخر نوفمبر 2023، أوضحت حماس أن هذه الصعوبات لا تعني رفضاً لتسليم الجثامين، بل هي ناتجة عن تحديات عملية على الأرض. وأشارت الحركة إلى أن القصف الإسرائيلي المكثف والمتواصل على مناطق مختلفة من قطاع غزة أدى إلى دمار هائل، مما جعل الوصول إلى بعض المواقع التي يُعتقد أن الجثامين موجودة فيها أمراً متعذراً في الوقت الحالي.

خلفية الهدنة وسياق التطورات

دخلت الهدنة الإنسانية المؤقتة حيز التنفيذ بعد أسابيع من القتال العنيف الذي أعقب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. وقد تم التوصل إلى الاتفاق بوساطة قطرية ومصرية وبدعم من الولايات المتحدة، ونص على وقف إطلاق النار لعدة أيام قابلة للتمديد، يتم خلالها تبادل عشرات الرهائن المحتجزين في غزة، معظمهم من النساء والأطفال، مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، غالبيتهم أيضاً من النساء والقاصرين. كما سمح الاتفاق بزيادة تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى القطاع المحاصر.

كان من ضمن بنود التفاهمات، وإن لم يتم الإعلان عنها رسمياً بالكامل، العمل على تسليم جثامين الرهائن الذين تأكدت وفاتهم. وتعتبر هذه المسألة ذات حساسية بالغة لدى الجانب الإسرائيلي، الذي يضع قضية استعادة جميع مواطنيه، أحياءً وأمواتاً، كأحد الأهداف الرئيسية للحرب.

الأسباب المعلنة للصعوبات الميدانية

شرحت المصادر المقربة من حماس أن التحديات التي تواجه عملية البحث والانتشال متعددة الأوجه وتتضمن:

الدمار الواسع: القصف الجوي والمدفعي أدى إلى انهيار مبانٍ وتغير معالم مناطق بأكملها، مما يجعل عمليات البحث عن أماكن محددة تحت الأنقاض مهمة شبه مستحيلة دون معدات ثقيلة وفترات هدوء طويلة.
انقطاع الاتصال: قد يكون بعض الرهائن محتجزين لدى فصائل أخرى أو مجموعات منفصلة داخل غزة، ومع تدمير شبكات الاتصال والبنية التحتية، أصبح التنسيق الداخلي معقداً للغاية.
المخاطر الأمنية: على الرغم من الهدنة، تبقى بعض المناطق غير آمنة للتحرك فيها، إما بسبب وجود قوات إسرائيلية على مقربة أو بسبب الذخائر غير المنفجرة.

وأكدت الحركة للوسطاء أنها تحتاج إلى وقف شامل لإطلاق النار ووقت كافٍ لتتمكن من إجراء عمليات بحث دقيقة لتحديد مصير جميع الرهائن، بمن فيهم القتلى، واستخراج جثامينهم.

التداعيات على مسار المفاوضات

يمثل هذا الإعلان تحدياً كبيراً للجهود الدبلوماسية الرامية إلى تثبيت وقف إطلاق النار والبناء عليه. فمن جهة، قد ينظر الجانب الإسرائيلي إلى إعلان حماس بعين الشك، معتبراً إياه تكتيكاً تفاوضياً للمماطلة أو للحصول على تنازلات إضافية. ومن جهة أخرى، يضع هذا الوضع الوسطاء في موقف صعب، حيث يتعين عليهم التوفيق بين المطالب الإسرائيلية الملحة باستعادة الجثامين والواقع الميداني المعقد الذي تصفه حماس.

ويخشى المراقبون أن يؤدي تعثر هذا الملف إلى انهيار الثقة الهشة بين الطرفين، مما قد يهدد استمرارية الهدنة ويعيد المنطقة إلى دوامة العنف. وتظل قضية الرهائن والجثامين محوراً أساسياً في أي مفاوضات مستقبلية تهدف إلى التوصل إلى تسوية دائمة للصراع، حيث يؤكد هذا التطور على أن الحلول السياسية يجب أن تأخذ في الاعتبار التعقيدات الإنسانية واللوجستية على أرض الواقع.