غروسي يحذر: إيران تحتفظ بغالبية مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب

أصدر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي، تحذيراً جديداً بشأن التقدم الكبير في البرنامج النووي الإيراني، مؤكداً أن طهران لا تزال تحتفظ بكميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بدرجة نقاء عالية تقربها من المستوى اللازم لإنتاج أسلحة نووية. وتأتي هذه التصريحات لتسلط الضوء على أن الإجراءات الإيرانية الأخيرة لتخفيف جزء صغير من هذا المخزون لا تكفي لتهدئة المخاوف الدولية العميقة.

تفاصيل المخزون النووي الإيراني

أوضح غروسي في تقاريره وإحاطاته الأخيرة أن إيران، على الرغم من إبطاء معدل إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60% وتخفيف كمية محدودة منه، إلا أن مخزونها الإجمالي يظل كبيراً ومثيراً للقلق. ويعتبر هذا المخزون هو العامل الرئيسي في تحديد ما يعرف بـ "زمن الاختراق"، أي الفترة الزمنية التي قد تحتاجها إيران لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة نووية واحدة، وهو إطار زمني يُقدر الآن بأسابيع قليلة. وتشير بيانات الوكالة إلى أن إيران تمتلك ما يكفي من المواد لصنع عدة أجهزة نووية إذا ما اتخذت قراراً سياسياً بذلك، مما يجعل تصريحات غروسي بمثابة تذكير دائم بالحقائق التقنية على الأرض.

خلفية الاتفاق النووي والتوترات المتصاعدة

تعود جذور الأزمة الحالية إلى تعثر خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA)، المعروفة إعلامياً بالاتفاق النووي، والتي تم توقيعها في عام 2015 بين إيران ومجموعة القوى العالمية. هدف الاتفاق إلى تقييد أنشطة إيران النووية، بما في ذلك تحديد سقف تخصيب اليورانيوم عند 3.67%، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها. لكن في عام 2018، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق بشكل أحادي وأعادت فرض عقوبات صارمة. ورداً على ذلك، بدأت إيران في التراجع تدريجياً عن التزاماتها، حيث رفعت مستويات التخصيب بشكل كبير، وصولاً إلى نسبة 60%، وهي خطوة فنية قصيرة جداً عن نسبة 90% اللازمة للاستخدامات العسكرية.

تحديات المراقبة والمفاوضات المتعثرة

تتفاقم الأزمة بسبب القيود التي تفرضها إيران على قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المراقبة. فقد قامت طهران بإزالة العشرات من كاميرات المراقبة التابعة للوكالة من منشآتها النووية وقلصت من وصول المفتشين الدوليين. وقد وصف غروسي مراراً الوضع بأنه غير مستقر، مشيراً إلى أن الوكالة لم تعد تمتلك صورة كاملة وواضحة عن جميع الأنشطة النووية الإيرانية. هذا النقص في الشفافية يغذي عدم الثقة ويزيد من مخاطر الانتشار النووي، في ظل توقف المفاوضات الدبلوماسية الهادفة لإحياء الاتفاق النووي منذ فترة طويلة.

الأهمية والتداعيات المحتملة

تؤكد تحذيرات غروسي المتكررة على خطورة الجمود الدبلوماسي الحالي. فمع استمرار تقدم البرنامج النووي الإيراني دون قيود الاتفاق الأصلي، يواجه النظام العالمي لمنع الانتشار النووي تحدياً كبيراً. كما أن هذا الوضع يؤدي إلى تصاعد التوترات الإقليمية، خاصة مع إسرائيل والولايات المتحدة، اللتين تعتبران البرنامج النووي الإيراني تهديداً مباشراً لأمنهما. وبهذا، تعمل تصريحات رئيس الوكالة كصوت محايد ومبني على الحقائق، لتذكير المجتمع الدولي بالحاجة الملحة لإيجاد حل دبلوماسي لتجنب أزمة قد تكون لها عواقب وخيمة على الاستقرار العالمي.