هيغسيث يصف استئناف التجارب النووية الأمريكية بـ 'الخطوة المسؤولة' وسط جدل دولي

في تصريح أثار جدلاً واسعاً، وصف وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث يوم الجمعة، فكرة استئناف الولايات المتحدة لتجاربها النووية بأنها "خطوة مسؤولة". وجاء هذا التعليق دفاعاً عن مواقف الرئيس دونالد ترامب التي أشعلت انتقادات على الساحة الدولية، مما يشير إلى تحول محتمل في السياسة الأمريكية النووية التي استمرت لعقود.

خلفية الالتزام الأمريكي بوقف التجارب

منذ عام 1992، تلتزم الولايات المتحدة بوقف طوعي للتجارب التفجيرية النووية. ورغم أن واشنطن وقعت على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBT) في عام 1996، إلا أن مجلس الشيوخ الأمريكي لم يصادق عليها قط. ومع ذلك، شكل هذا الوقف غير الرسمي حجر زاوية في الجهود العالمية لمنع انتشار الأسلحة النووية، حيث حذت معظم القوى النووية الأخرى حذوها، مما أدى إلى استقرار نسبي في هذا المجال لعقود.

الدوافع وراء النقاش المتجدد

عادت فكرة استئناف التجارب النووية إلى الواجهة مدفوعة بمجموعة من العوامل الجيوسياسية والتقنية. وتتهم الإدارة الأمريكية كلاً من روسيا والصين بإجراء تجارب نووية منخفضة القوة سراً، في انتهاك لروح معاهدة الحظر الشامل. كما يجادل بعض المسؤولين في البنتاغون بأن إجراء تجربة حية أصبح ضرورياً للتحقق من سلامة وموثوقية الترسانة النووية الأمريكية المتقادمة، ولتطوير رؤوس حربية جديدة.

وقد زاد من حدة هذا النقاش قيام روسيا رسميًا بإلغاء تصديقها على معاهدة حظر التجارب النووية في أواخر عام 2023، وهي خطوة اعتبرها الكثيرون تمهيداً لاحتمال عودتها لإجراء التجارب، مما يضع ضغوطاً إضافية على واشنطن لإعادة تقييم موقفها.

ردود الفعل والمخاوف الدولية

يُعتبر تصريح هيغسيث بمثابة إشارة واضحة على أن الإدارة الأمريكية الحالية قد تتجه نحو سياسة أكثر تشدداً في الملف النووي، وهو ما يتناقض بشكل حاد مع المواقف الدولية السائدة. ويحذر خبراء الحد من التسلح من أن أي خطوة أمريكية لاستئناف التجارب، حتى لو كانت محدودة، ستكون بمثابة عمل استفزازي يقوض عقوداً من الجهود الدبلوماسية.

وقد أعربت منظمات دولية، مثل منظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية (CTBTO)، عن قلقها العميق، مؤكدة أن عودة أي دولة لإجراء التجارب سيهدد المعيار العالمي القائم ضدها، والذي التزمت به معظم دول العالم.

التداعيات المحتملة على الاستقرار العالمي

إن تخلي الولايات المتحدة عن وقفها الطوعي للتجارب النووية قد يؤدي إلى سلسلة من العواقب الوخيمة التي تهدد الأمن العالمي، ومن أبرزها:

انهيار النظام العالمي لمنع الانتشار: قد يؤدي استئناف التجارب إلى تقويض معاهدة الحظر الشامل بشكل كامل، مما يشجع دولاً أخرى على تطوير أو تسريع برامجها النووية.
سباق تسلح جديد: من المرجح أن ترد قوى نووية مثل روسيا والصين على الخطوة الأمريكية بإجراء تجاربها الخاصة، مما قد يشعل سباق تسلح نووي جديد ومكلف وخطير.
زيادة التوترات الجيوسياسية: ستؤدي هذه الخطوة إلى تعقيد العلاقات حتى مع حلفاء الولايات المتحدة، الذين يعارض معظمهم بشدة استئناف التجارب، فضلاً عن تصعيد التوتر مع الخصوم.

في الختام، يمثل دعم شخصية بارزة مثل هيغسيث لفكرة استئناف التجارب النووية نقطة تحول مقلقة، حيث ينذر بتغيير جذري في سياسة القوة النووية الأكبر في العالم، مع ما يترتب على ذلك من مخاطر جسيمة على الاستقرار والأمن الدوليين.