مدرب العراق يوجه انتقادًا حادًا للاتحاد الآسيوي بشأن معايير تأهل قطر والسعودية

في تصريحات أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط الكروية الآسيوية، وجه مدرب المنتخب العراقي لكرة القدم، أمس 15 يونيو 2024، انتقادات لاذعة للاتحاد الآسيوي لكرة القدم (AFC). تركزت هذه الانتقادات حول ما وصفه المدرب بـ «معايير تأهل» غير عادلة أو متحيزة، والتي يرى أنها تخدم مصالح بعض الدول على حساب أخرى، مشيرًا بشكل خاص إلى آليات تأهل منتخبي قطر والسعودية للبطولات الكبرى. هذه التصريحات النارية جاءت لتلقي بظلالها على الأجواء الرياضية المتوترة أصلاً فيما يتعلق بنزاهة المنافسات الآسيوية.

خلفية الجدل والتأهل الآسيوي

تعتبر عملية التأهل لبطولات مثل كأس العالم وكأس آسيا من أبرز وأكثر القضايا حساسية في كرة القدم القارية. يضع الاتحاد الآسيوي مجموعة من القواعد والمعايير التي تحدد كيفية صعود المنتخبات إلى المراحل النهائية أو البطولات الكبرى. وتشمل هذه المعايير تصنيف المنتخبات، نتائج المباريات، وحتى عوامل أخرى مثل البنية التحتية والقدرة على استضافة البطولات. لطالما كانت هناك اتهامات غير رسمية أو تلميحات بشأن وجود تفضيلات لبعض الاتحادات الوطنية الأقوى ماليًا أو سياسيًا داخل القارة، إلا أن خروج مدرب منتخب وطني بتصريحات علنية بهذا الحجم يمثل تصعيدًا كبيرًا.

تأتي هذه التصريحات في خضم مراحل حاسمة من تصفيات كأس العالم 2026 وكأس آسيا 2027، حيث تتنافس المنتخبات بشدة على المقاعد المخصصة للقارة. وتعد قطر والسعودية من القوى الكروية الصاعدة في آسيا، وقد حققتا مؤخرًا إنجازات كبيرة على الصعيد القاري والدولي، بما في ذلك استضافة قطر لكأس العالم 2022، مما يجعلهما في صلب أي حديث عن الامتيازات أو «التسهيلات» المحتملة.

جوهر انتقادات المدرب العراقي

لم يتردد مدرب المنتخب العراقي في التعبير عن استيائه الشديد من الأوضاع الراهنة. وصرح بأن هناك شعورًا متزايدًا بين العديد من المنتخبات بـ «عدم تكافؤ الفرص» في عملية التأهل. ومن أبرز النقاط التي ركز عليها المدرب في انتقاداته:

معايير التوزيع: ادعى المدرب أن بعض المعايير المستخدمة في توزيع مقاعد التأهل المباشر أو تحديد مسارات التصفيات تبدو موجهة لضمان تأهل منتخبات معينة، دون النظر بشكل كافٍ لأداء الفرق الأخرى.
التأثير غير المباشر: أشار إلى أن القرارات المتعلقة بتوقيت المباريات، اختيار الملاعب المحايدة، وحتى التعديلات الأخيرة على قوانين التصفيات قد يكون لها تأثير غير مباشر ولكنه حاسم لصالح منتخبات دون غيرها.
الشفافية والعدالة: طالب المدرب بزيادة الشفافية في جميع قرارات الاتحاد الآسيوي المتعلقة بالتصفيات، مؤكداً على ضرورة أن يتم التعامل مع جميع الاتحادات الوطنية الأعضاء على قدم المساواة، بعيداً عن أي اعتبارات خارج نطاق الأداء الرياضي.

هذه التصريحات تعكس إحباطاً عميقاً لدى الجهاز الفني العراقي، الذي يرى أن جهود لاعبيه قد تذهب أدراج الرياح بسبب ما يعتبرونه قرارات إدارية غير محايدة.

ردود الفعل والتداعيات المحتملة

لاقت تصريحات مدرب العراق صدى واسعًا، خاصة في الأوساط الإعلامية والجماهيرية العراقية التي أبدت تأييدًا كبيرًا له. اعتبر الكثيرون أن هذه التصريحات جريئة وتلامس قضية حساسة طالما تم تداولها بهدوء خلف الكواليس. في المقابل، لم يصدر عن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم حتى الآن أي رد رسمي مباشر على هذه الاتهامات. وعادة ما يلتزم الاتحاد الآسيوي الصمت في مثل هذه الحالات أو يصدر بيانات عامة تؤكد على التزامه بالعدالة والنزاهة وتطبيق اللوائح بحذافيرها.

قد تؤدي هذه التصريحات إلى عدة تداعيات محتملة. فمن الممكن أن تفتح الباب أمام مطالبات رسمية من قبل الاتحاد العراقي لكرة القدم للتحقيق في هذه المزاعم أو لمراجعة بعض معايير التأهل. كما أنها قد تثير نقاشاً أوسع بين الاتحادات الوطنية الأخرى التي قد تشعر بنفس الإحباط، مما يضع الاتحاد الآسيوي تحت ضغط متزايد لإثبات شفافيته وحياديته.

من جانب آخر، قد ينظر البعض إلى هذه التصريحات على أنها محاولة للضغط على الاتحاد الآسيوي في مراحل حاسمة من التصفيات، أو حتى تبرير محتمل لأي إخفاقات مستقبلية للمنتخب العراقي في بلوغ البطولات الكبرى. ومع ذلك، فإن الخطاب الصريح للمدرب يسلط الضوء على تحدٍ مستمر يواجه الهيئات الرياضية القارية لضمان الثقة والعدالة بين جميع أعضائها.

دعوات لتعزيز الشفافية والعدالة

تؤكد هذه الواقعة على أهمية مبادئ الشفافية والعدالة في إدارة كرة القدم على المستوى القاري. فالثقة بين الاتحادات الوطنية والجهة المنظمة هي حجر الزاوية في استمرارية المنافسة الشريفة. سواء كانت هذه الانتقادات مبنية على حقائق ملموسة أو على مجرد شعور بالإحباط، فإنها تستدعي من الاتحاد الآسيوي مراجعة دورية لآلياته وقراراته، وتعزيز قنوات التواصل مع الاتحادات الأعضاء لتبديد أي شكوك حول نزاهة عملية التأهل. يبقى هذا الجدل مفتوحًا، ومن المتوقع أن تستمر التكهنات والنقاشات حول معايير التأهل في آسيا، وما إذا كانت ستشهد أي تعديلات جوهرية في المستقبل القريب لضمان تكافؤ الفرص للجميع.