تأكيد رابطة كتاب ونقاد الفن على الدور المحوري للصحافة الفنية في توثيق تاريخ الفن المصري

أكدت رابطة كتاب ونقاد الفن، التابعة لنقابة الصحفيين المصريين، في الفترة الأخيرة، على الأهمية البالغة للدور الذي تؤديه الصحافة الفنية في توثيق وحفظ تاريخ الفن المصري على مر العصور. يأتي هذا التأكيد في خضم جدل متصاعد حول العلاقة بين الوسط الفني والإعلام، وما شاب هذا الجدل من تصريحات لبعض الفنانين تطرقت إلى مفهوم الصحافة الفنية وحدودها، وما قد يتم الخلط فيه أحياناً بين التغطية الإعلامية الجادة وما يُعرف بصحافة المشاهير أو «الباباراتزي».

الخلفية والجدل الدائر

شهدت الساحة الفنية المصرية مؤخراً موجة من النقاشات التي أثارتها تصريحات لعدد من الفنانين، والتي بدت وكأنها تقلل من شأن الصحافة الفنية أو تضعها في مقارنة غير منصفة مع أنواع أخرى من الإعلام لا ترتبط بالضرورة بالتحليل النقدي أو التوثيق الفني العميق. وقد أشار البعض إلى أن هذا الجدل يعكس عدم فهم واضح للرسالة الحقيقية للصحافة الفنية، التي تذهب أبعد من مجرد متابعة أخبار المشاهير أو التركيز على الجوانب الشخصية لحياة الفنانين.

وفي رد على هذه التطورات، تدخلت رابطة كتاب ونقاد الفن لتوضيح موقفها والدفاع عن مهنية الصحافة الفنية، مؤكدة على ضرورة التمييز بين الصحافة التي تلتزم بالمعايير الأخلاقية والمهنية وتقدم محتوى ذا قيمة فنية وثقافية، وبين الأساليب التي قد تسعى خلف الإثارة فقط دون تقديم نقد بناء أو توثيق حقيقي، مشددة على أن الخلط بينهما يضر بالصورة العامة للصحافة المتخصصة.

الدور المحوري للصحافة الفنية

شددت الرابطة على أن الصحافة الفنية المصرية لعبت، ولا تزال تلعب، دوراً لا غنى عنه في بناء الذاكرة الجمعية للفن المصري. فمنذ بواكير القرن العشرين، كانت الصحف والمجلات الفنية هي الوعاء الذي حفظ تاريخ الحركة الفنية، من خلال تغطية المعارض، وكتابة المقالات النقدية، وإجراء اللقاءات مع الفنانين التشكيليين، والموسيقيين، والممثلين، والمسرحيين، والأدباء. هذه المادة الأرشيفية الغنية تعد بمثابة سجل حي لرحلة الفن المصري وتطوره عبر العقود، ومصدر أساسي للباحثين والمؤرخين على حد سواء.

لم يقتصر دور الصحافة الفنية على التوثيق السردي للأحداث، بل امتد ليشمل التحليل النقدي العميق للأعمال الفنية، مما ساهم في تشكيل الذوق العام، وتوجيه الحوار الثقافي، ودعم الحركات الفنية الناشئة، وتعريف الجمهور بمدارس الفن المختلفة ورواده. كما عملت الصحافة الفنية كجسر يربط بين المبدع والمتلقي، مقدّمة تفسيرات وشروحات تثري تجربة المشاهد أو المستمع أو القارئ، وتعمق فهمه للأبعاد الجمالية والفكرية للأعمال الفنية.

تحديات ومستقبل الصحافة الفنية

على الرغم من تاريخها الطويل وإسهاماتها الجليلة، تواجه الصحافة الفنية اليوم تحديات عدة، لعل أبرزها التغيرات السريعة في المشهد الإعلامي الرقمي، وتزايد المحتوى غير الموثوق به، والضغط نحو إنتاج محتوى سريع وعابر. وقد أكدت الرابطة أن هذه التحديات تستدعي من الصحفيين الفنيين التمسك بالمعايير المهنية والأخلاقية، وتجديد أساليبهم لتقديم محتوى عميق وموثوق يواكب التطورات التكنولوجية مع الحفاظ على الجودة والمصداقية.

وفي هذا السياق، دعت رابطة كتاب ونقاد الفن إلى تعزيز التعاون بين المؤسسات الفنية والإعلامية، وإلى دعم الصحفيين المتخصصين في هذا المجال لتمكينهم من مواصلة رسالتهم التوثيقية والنقدية، والتي تعد أساساً لا غنى عنه لأي حركة فنية تسعى للنمو والازدهار والرسوخ في وجدان الأمة. إن الحفاظ على مهنية الصحافة الفنية يعد استثماراً في مستقبل الثقافة والفن، وضمانة لاستمرارية توثيق الإبداع وحفظه للأجيال القادمة.

تؤكد تصريحات رابطة كتاب ونقاد الفن على الأهمية الحيوية للصحافة الفنية كحارس أمين لذاكرة الفن المصري وكمحرك رئيسي للحوار الثقافي، مشددة على ضرورة الاعتراف بمكانتها ودورها المتميز في المشهد الإعلامي والثقافي، والتفريق بينها وبين الأنماط الإعلامية الأخرى التي لا تتفق مع رسالتها الجوهرية.