بنك أوف أمريكا: بيع مستشاري تداول السلع يساهم في تراجع أسعار الذهب

شهدت أسعار الذهب تراجعًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، متخلية عن بعض مكاسبها التي حققتها في وقت سابق. وفي تحليل حديث صدر عن بنك أوف أمريكا، أرجع الخبراء جزءًا كبيرًا من هذا الضغط البيعي إلى عمليات التصفية المنهجية التي قامت بها صناديق مستشاري تداول السلع (CTA)، والتي ساهمت في تسريع وتيرة هبوط المعدن الأصفر.

دور مستشاري تداول السلع (CTA)

أوضح التقرير الصادر عن البنك أن كسر الذهب لمستويات دعم فنية رئيسية أدى إلى إطلاق موجة من أوامر البيع التلقائية من قِبل صناديق CTA. تعمل هذه الكيانات غالبًا كصناديق استثمارية كبيرة تعتمد على الخوارزميات لمتابعة اتجاهات السوق. عندما انعكس الاتجاه الصاعد للذهب وبدأ في الانخفاض دون نقاط سعرية محددة، قامت نماذجها الحاسوبية بتصفية المراكز الشرائية الطويلة بشكل جماعي، مما ضاعف من ضغط البيع وأدى إلى انخفاض حاد وسريع في السعر.

ولتوضيح الصورة، يُعرف مستشارو تداول السلع بأنهم مديرو استثمار يطبقون استراتيجيات قائمة على قواعد محددة للتداول في أسواق العقود الآجلة والخيارات. وتُعد استراتيجية "متابعة الاتجاه" من أكثر الأساليب شيوعًا لديهم، حيث يقومون بشراء الأصول التي تظهر اتجاهًا صعوديًا واضحًا وبيع تلك التي تتجه نحو الهبوط. ورغم أن هذه الاستراتيجية يمكن أن تحقق أرباحًا كبيرة خلال الاتجاهات المستمرة، إلا أنها قد تؤدي أيضًا إلى تفاقم الانعكاسات الحادة عند كسر الاتجاه، حيث يمكن لعمليات البيع الجماعية أن تغمر السوق على المدى القصير.

العوامل الاقتصادية الكلية الضاغطة

على الرغم من أن عمليات البيع من قِبل صناديق CTA كانت بمثابة محفز فني رئيسي للانخفاض، إلا أن تحليل بنك أوف أمريكا لا يشير إلى أنها السبب الوحيد. فالمعدن الثمين يواجه أيضًا ضغوطًا كبيرة ناجمة عن بيئة اقتصادية كلية مليئة بالتحديات. وقد أدت مجموعة من العوامل المتزامنة إلى إضعاف جاذبية الذهب كأصل ملاذ آمن.

توقعات أسعار الفائدة: أظهرت البيانات الاقتصادية الأخيرة، خاصة في الولايات المتحدة، استمرار التضخم وصمود سوق العمل، مما دفع المشاركين في السوق إلى الاعتقاد بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يبقي على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعًا.
قوة الدولار الأمريكي: أدت توقعات بقاء أسعار الفائدة المرتفعة إلى دعم قوة الدولار الأمريكي. ومع تسعير الذهب بالعملة الأمريكية، فإن ارتفاع قيمة الدولار يجعله أكثر تكلفة للمشترين الذين يستخدمون عملات أخرى، وهو ما يقلل من الطلب عليه.
ارتفاع عوائد السندات: شهدت عوائد السندات الحكومية، مثل سندات الخزانة الأمريكية، ارتفاعًا مستمرًا. وبما أن الذهب لا يدر أي عائد، فإن ارتفاع عوائد السندات يزيد من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعدن، مما يجعل الأصول التي تدر فائدة أكثر جاذبية للمستثمرين.

النظرة المستقبلية وتداعيات السوق

أدى التأثير المزدوج لعمليات تصفية المراكز من قبل صناديق CTA والظروف الاقتصادية غير المواتية إلى خلق نظرة مستقبلية مليئة بالتحديات للذهب على المدى القصير. ويراقب المتداولون الآن عن كثب المستويات الفنية الرئيسية بحثًا عن أي علامات على استقرار الأسعار أو المزيد من التراجع. وستكون قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبيانات الاقتصادية القادمة حاسمة في تحديد المسار التالي للمعدن.

على الرغم من الضعف الأخير، لا يزال بعض المحللين يحتفظون بنظرة إيجابية طويلة الأجل للذهب، مشيرين إلى عوامل داعمة مثل المخاطر الجيوسياسية المستمرة، واستمرار عمليات الشراء من قبل البنوك المركزية في الأسواق الناشئة، واحتمالية التحول في النهاية نحو سياسة نقدية أكثر تساهلاً. ومع ذلك، يبدو أن السوق في الوقت الحالي يتأثر بشكل أكبر بالتدفقات المنهجية ورواية "أسعار فائدة أعلى لفترة أطول". ويُعد تحليل بنك أوف أمريكا تذكيرًا مهمًا بكيفية تأثير مختلف أنواع المشاركين في السوق على أسعار الأصول، لا سيما عند المنعطفات الفنية الحرجة.