واتساب يعزز أمن بيانات المستخدمين بتشفير النسخ الاحتياطية السحابية

شهدت منصة المراسلة الشهيرة واتساب خطوة مهمة نحو تعزيز خصوصية مستخدميها وأمان بياناتهم، وذلك بإطلاق ميزة التشفير التام بين الطرفين للنسخ الاحتياطية السحابية. هذه الميزة، التي بدأ طرحها على نطاق واسع في أواخر عام 2021، تعد استجابة مباشرة للمخاوف المتزايدة بشأن حماية المعلومات الشخصية المخزنة على خدمات التخزين السحابي التابعة لأطراف ثالثة مثل جوجل درايف وآي كلاود. لطالما كانت محادثات واتساب مشفرة من طرف إلى طرف على الأجهزة نفسها، لكن النسخ الاحتياطية في السحابة ظلت تمثل نقطة ضعف محتملة حتى هذه الإضافة.

الخلفية وأهمية التشفير

منذ إطلاقها، اعتمدت واتساب نظام التشفير التام بين الطرفين لضمان سرية المحادثات الفردية والجماعية، مما يعني أن الرسائل لا يمكن قراءتها إلا من قبل المرسل والمستقبل، وحتى واتساب نفسها لا تستطيع الوصول إلى محتواها. ومع ذلك، عندما يقوم المستخدمون بنسخ محادثاتهم احتياطيًا إلى خدمات التخزين السحابي للحفاظ عليها في حال فقدان الهاتف أو الترقية إلى جهاز جديد، كانت هذه النسخ الاحتياطية تُخزّن سابقًا دون تشفير كامل من طرف إلى طرف. هذا الوضع أثار تساؤلات جدية حول مدى أمان البيانات، خاصةً وأن الوصول غير المصرح به إلى حسابات التخزين السحابي قد يعرض سجل المحادثات بالكامل للخطر. وقد دفعت هذه الثغرة العديد من المستخدمين للمفاضلة بين راحة الاحتفاظ بنسخة احتياطية وبين الأمان المطلق لبياناتهم.

تأتي أهمية هذه الخطوة من كونها تسد ثغرة أمنية حرجة طال أمدها. فبينما كانت الرسائل محمية أثناء النقل والتخزين على الجهاز، كان الوصول إلى النسخ الاحتياطية السحابية يمثل نقطة ضعف محتملة للاختراق. الآن، حتى لو تم اختراق حساب سحابي لمستخدم، فإن بيانات واتساب الاحتياطية ستظل محمية بواسطة كلمة مرور أو مفتاح تشفير يمتلكه المستخدم وحده. هذا يعزز بشكل كبير من سيطرة المستخدمين على بياناتهم ويقلل من المخاطر المرتبطة بالوصول غير المصرح به من قبل المتسللين أو حتى الجهات الحكومية التي قد تسعى للوصول إلى البيانات المخزنة لدى مزودي الخدمة السحابية.

كيفية عمل الميزة الجديدة

تتيح الميزة الجديدة للمستخدمين خيار حماية نسخهم الاحتياطية في السحابة بتشفير تام بين الطرفين. عند تفعيلها، يُطلب من المستخدم إنشاء كلمة مرور فريدة أو توليد مفتاح تشفير مكون من 64 رقمًا. هذا المفتاح أو كلمة المرور هو الوحيد القادر على فك تشفير النسخة الاحتياطية. وبالتالي، لا يمكن لواتساب أو لمزودي خدمة التخزين السحابي (جوجل أو آبل) الوصول إلى محتوى النسخ الاحتياطية أو قراءته بأي شكل من الأشكال. عند الحاجة لاستعادة النسخة الاحتياطية على جهاز جديد، يجب على المستخدم إدخال كلمة المرور أو مفتاح التشفير الصحيح لفك تشفير البيانات واستعادتها بنجاح.

هذه الآلية تضمن أن المستخدم هو المتحكم الوحيد في بياناته. ومع ذلك، فهي تحمل مسؤولية كبيرة؛ فإذا نسي المستخدم كلمة المرور أو فقد مفتاح التشفير المكون من 64 رقمًا، فلن يتمكن من استعادة نسخته الاحتياطية المشفرة، حتى واتساب لن تستطيع مساعدته في ذلك نظرًا لعدم امتلاكها لأي وسيلة للوصول إلى مفتاح التشفير. هذا يؤكد على أهمية حفظ كلمة المرور أو المفتاح في مكان آمن وعدم نسيانه.

التطبيق والانتشار

بدأت واتساب في طرح هذه الميزة بشكل تدريجي لمستخدمي نظامي أندرويد و iOS في جميع أنحاء العالم اعتبارًا من أكتوبر 2021. وقد استغرق الأمر بضعة أسابيع حتى أصبحت متاحة لجميع المستخدمين، لتكتمل عملية الانتشار في أوائل عام 2022. يمكن للمستخدمين تفعيل الميزة عن طريق التوجه إلى إعدادات واتساب، ثم قسم "الدردشات"، ومنها إلى "النسخ الاحتياطي للدردشات"، حيث سيجدون خيار "النسخ الاحتياطي المشفر من طرف إلى طرف" لتمكينه. بمجرد التفعيل، سيُطلب منهم إعداد كلمة المرور أو المفتاح الخاص بهم.

الآثار والاعتبارات المستقبلية

تُعد هذه الخطوة جزءًا من سعي واتساب الدائم لتعزيز الثقة في منصتها، خصوصًا بعد الجدل الذي أثير حول سياسات الخصوصية وتحديثاتها الأخيرة. من المتوقع أن تُطمئن هذه الميزة ملايين المستخدمين الذين يعتمدون على واتساب في اتصالاتهم اليومية، سواء لأغراض شخصية أو مهنية أو دراسية. كما أنها تضع معيارًا جديدًا لأمان البيانات في تطبيقات المراسلة الأخرى، وتشجع على تبني ممارسات أمنية مماثلة لحماية بيانات المستخدمين في السحابة، مما يعكس اهتمامًا متزايدًا بالخصوصية في العالم الرقمي.

على الرغم من الفوائد الكبيرة، قد يواجه بعض المستخدمين صعوبة في إدارة كلمات المرور أو مفاتيح التشفير، مما قد يؤدي إلى فقدان الوصول إلى نسخهم الاحتياطية في حال نسيانها. وهذا يسلط الضوء على التحدي المستمر في تحقيق التوازن بين الأمان القوي وسهولة الاستخدام. ومع ذلك، فإن الخيار أصبح متاحًا للمستخدمين الذين يفضلون الأمان المطلق على راحة البال، مما يمنحهم مرونة أكبر في إدارة خصوصيتهم الرقمية.