اتهام سياسي سوداني لقوات الدعم السريع بالإرهاب والتطهير العرقي في دارفور

في تصريحٍ حديث يعكس عمق الأزمة في السودان، وجه معتز الفحل، الأمين العام السياسي لحزب التحرير الاتحادي الديمقراطي والقيادي البارز في الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير، اتهامات خطيرة لقوات الدعم السريع. فقد وصف الفحل الميليشيا بأنها منظمة إرهابية تمارس التصفية العرقية في إقليم دارفور، مشددًا على أن ما يحدث حاليًا في مدينة الفاشر تحديدًا من أعمال قتل وتطهير عرقي ممنهج، يشكل جريمة فظيعة تُرتكب بحق المدنيين العزل. وأشار إلى أن المجتمع الدولي تأخر كثيرًا في اتخاذ خطوات حاسمة لتصنيف هذه القوات ككيان إرهابي، وذلك على الرغم من الدعوات المتكررة والمستمرة التي صدرت على مدار السنوات الماضية.

الخلفية التاريخية للصراع في دارفور

الصراع في دارفور ليس وليد اللحظة؛ فله جذور عميقة تمتد لعقود، وقد شهد الإقليم موجات عنف متتالية أودت بحياة مئات الآلاف وشردت الملايين. تأسست قوات الدعم السريع (RSF) من رحم ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت بانتهاكاتها الواسعة لحقوق الإنسان خلال الصراع الذي بدأ في عام 2003. وقد شكلت هذه القوات، تحت قيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، جزءًا أساسيًا من النظام السابق للرئيس عمر البشير، حيث كانت تُستخدم لقمع التمرد في دارفور ومناطق أخرى. وبعد سقوط البشير، اكتسبت قوات الدعم السريع نفوذًا سياسيًا وعسكريًا كبيرًا، لتصبح في نهاية المطاف طرفًا رئيسيًا في النزاع المسلح الحالي الذي اندلع في أبريل 2023 مع القوات المسلحة السودانية. تاريخيًا، ارتبطت قوات الدعم السريع وطلائعها باتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور، بما في ذلك قتل المدنيين، والاغتصاب، ونهب الممتلكات، والتطهير العرقي.

التطورات الأخيرة في الفاشر

تعتبر مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، نقطة محورية وحاسمة في الصراع الدائر حاليًا. تمثل الفاشر آخر المدن الكبرى في دارفور التي لم تسقط بالكامل تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وهي تؤوي مئات الآلاف من النازحين الفارين من العنف في أجزاء أخرى من الإقليم. منذ أواخر عام 2023 وبشكل مكثف خلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت المدينة تصعيدًا غير مسبوق في الاشتباكات، حيث تحاول قوات الدعم السريع السيطرة عليها بشكل كامل. وقد تسببت هذه المعارك في:

مقتل مئات المدنيين وجرح الآلاف نتيجة القصف العشوائي والاشتباكات المباشرة.
نزوح عشرات الآلاف من السكان داخل المدينة ومن ضواحيها، مما فاقم الأزمة الإنسانية.
تدمير واسع النطاق للبنية التحتية والمرافق الحيوية.
عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، مما يهدد حياة الملايين بالجوع والمرض، خاصة مع حصار قوات الدعم السريع للمدينة والطرق المؤدية إليها.

التقارير الواردة من منظمات حقوق الإنسان تشير إلى وجود حملات ممنهجة تستهدف مجموعات عرقية معينة في الفاشر والمناطق المحيطة بها، مما يعزز الاتهامات بالتطهير العرقي.

دعوات تصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية

تأتي تصريحات معتز الفحل لتجدد الدعوات المستمرة، سواء من الداخل السوداني أو من منظمات حقوقية دولية، بضرورة تصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية. ويرى المؤيدون لهذا التصنيف أن حجم الانتهاكات التي ترتكبها هذه القوات، والتي تشمل القتل الممنهج، الاغتصاب الجماعي، التدمير المتعمد للمدن والقرى، والنهب الواسع النطاق، يرقى إلى مستوى الأعمال الإرهابية التي تستهدف ترويع السكان المدنيين وتحقيق أهداف سياسية وعسكرية عبر العنف المفرط. من شأن هذا التصنيف أن يفرض عقوبات أشد على قادة هذه القوات وداعميها، ويحد من قدرتها على الحصول على التمويل والأسلحة، كما أنه سيوجه رسالة واضحة للمجتمع الدولي بشأن طبيعة هذه الميليشيا.

التداعيات الإنسانية والقانونية

إن ما يحدث في دارفور، وخاصة في الفاشر، له تداعيات إنسانية وقانونية وخيمة. فالتطهير العرقي والقتل الجماعي يمثلان جرائم ضد الإنسانية وقد يرتقيان إلى مستوى الإبادة الجماعية، وهي أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي. تستمر المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في التحقيق في الجرائم المرتكبة في دارفور منذ فترة طويلة، وتتزايد المطالبات بتوسيع نطاق تحقيقاتها ليشمل الانتهاكات الحالية. فشل المجتمع الدولي في التصدي بحزم لهذه الجرائم قد يشجع على استمرارها، ويقوض مبادئ العدالة الدولية وحماية المدنيين في النزاعات المسلحة. إن غياب المساءلة يخلق بيئة من الإفلات من العقاب، مما يؤدي إلى مزيد من العنف والمعاناة.

أهمية الموقف ودعوات التحرك الدولي

موقف معتز الفحل يسلط الضوء على الضرورة الملحة للتحرك الدولي لوقف الكارثة في دارفور. فالصراع في السودان، والذي خلف بالفعل أكبر أزمة نزوح في العالم، يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأسرها. حماية المدنيين في الفاشر وفي جميع أنحاء دارفور يجب أن تكون أولوية قصوى للمجتمع الدولي. تتضمن دعوات التحرك:

فرض عقوبات دولية صارمة على قيادات قوات الدعم السريع وكل من يدعمها أو يمولها.
توفير ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق.
ممارسة ضغوط دبلوماسية مكثفة على جميع الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار والتفاوض.
تقديم الدعم الكافي للجهود الرامية إلى توثيق الجرائم وتقديم مرتكبيها للعدالة.

باختصار، فإن الاتهامات الموجهة لقوات الدعم السريع بالإرهاب والتطهير العرقي تعكس واقعًا مريرًا ومأساويًا يعيشه ملايين السودانيين في دارفور. وتؤكد هذه الدعوات على أن الوقت قد حان للمجتمع الدولي لتبني موقف أكثر حزمًا ووضوحًا تجاه هذه الأزمة المتفاقمة، قبل أن تتحول إلى كارثة إنسانية لا يمكن تداركها.