تعديلات ثورية مرتقبة على قانون التسلل في كرة القدم

يتصاعد الحديث عن تعديل جذري وشيك لقانون التسلل في عالم كرة القدم، مع إشارات قوية من جهات ذات ثقل في اللعبة إلى قرب إقرار تغييرات قد توصف بـ "الثورية". يأتي هذا الحراك مدفوعاً بمقترح قدمه الفرنسي آرسين فينغر، رئيس قسم تطوير كرة القدم بالاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، قبل أكثر من عامين، ويهدف إلى إعادة تعريف مفهوم التسلل بشكل يغير ديناميكية المباريات. هذا التعديل المحتمل يحظى باهتمام واسع ويتبعه ترقب كبير من قبل الأوساط الكروية العالمية، لما له من تأثير عميق على أسلوب اللعب والتحكيم.

خلفية قانون التسلل ومقترح فينغر

قانون التسلل الحالي، الذي شهد عدة تطورات عبر التاريخ، يهدف إلى منع اللاعبين المهاجمين من البقاء في مواضع غير مستفيدة بشكل غير عادل. ينص القانون المعمول به حالياً على أن اللاعب يكون متسللاً إذا كان أي جزء من جسده يمكنه تسجيل هدف (باستثناء الأيدي والأذرع) أقرب لخط مرمى الخصم من الكرة ومن اللاعب الثاني من الأخير من الخصم وقت تمرير الكرة إليه. وقد أدى تطبيق هذا القانون، لا سيما مع دخول تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، إلى جدل واسع حول القرارات الهامشية التي تحسمها خطوط دقيقة جداً.

في ظل هذا الجدل، طرح آرسين فينغر، في أواخر عام 2020 أو أوائل 2021، مقترحاً يهدف إلى تبسيط القانون وجعله أكثر وضوحاً وتشجيعاً للعب الهجومي. يقترح فينغر أن اللاعب لا يكون متسللاً إلا إذا كان جسده بالكامل متجاوزاً آخر مدافع (باستثناء حارس المرمى إذا كان هو آخر مدافع). بمعنى آخر، يجب أن يكون جزء واحد على الأقل من جسد المهاجم على خط واحد مع المدافع أو خلفه لكي يعتبر في وضع غير متسلل. يهدف هذا التعديل إلى منح الأفضلية للمهاجمين وتقليل حالات التسلل الناتجة عن أجزاء صغيرة جداً من الجسم.

القانون الحالي: أي جزء من الجسم يمكنه تسجيل هدف متجاوز للمدافع الثاني من الأخير.
مقترح فينغر: يجب أن يكون الجسد بالكامل متجاوزاً للمدافع الثاني من الأخير ليعتبر اللاعب متسللاً.

التطورات الأخيرة والمناقشات

مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB)، وهو الهيئة المسؤولة عن سن قوانين اللعبة، يدرس مقترح فينغر بجدية منذ تقديمه. وقد أُجريت عدة تجارب لهذا القانون الجديد في دوريات الشباب وبعض المسابقات الأدنى في دول مثل السويد وهولندا وإيطاليا، بهدف تقييم تأثيره على سير المباريات وعدد أهدافها، وكذلك ردود فعل اللاعبين والمدربين والحكام.

في الآونة الأخيرة، أكد الحكم الإسباني الدولي السابق إيتورالدي غونزاليس، في تصريحات صحفية، أن مجلس "إيفاب" بات قريباً من اتخاذ قرار حاسم بشأن هذا التعديل. وتشير هذه التصريحات، بالإضافة إلى تقارير إعلامية أخرى، إلى أن النتائج الأولية للتجارب كانت إيجابية بما يكفي لدفع "إيفاب" نحو مرحلة المراجعة النهائية قبل التصويت المحتمل. تركز المناقشات داخل "إيفاب" على موازنة الحاجة لتطوير اللعبة مع الحفاظ على جوهرها، وضمان أن أي تغيير سيؤدي إلى تحسين التجربة الكروية بدلاً من تعقيدها.

دوافع التعديل وأهدافه

يرى الداعمون لهذا التعديل أنه سيحل العديد من المشكلات الحالية التي يواجهها قانون التسلل. أولاً، سيقلل بشكل كبير من الجدل المصاحب لقرارات التسلل الدقيقة التي تتطلب تدخلاً طويلاً من تقنية VAR، مما يؤدي إلى تقطيع أوصال المباريات وتشتيت تركيز اللاعبين والجماهير. ثانياً، يهدف التعديل إلى تشجيع اللعب الهجومي وزيادة عدد الأهداف، حيث سيمنح المهاجمين مساحة أكبر للتحرك ويقلل من خوفهم من الوقوع في مصيدة التسلل عند الانطلاقات السريعة. ثالثاً، سيسهم في وضوح القانون وتبسيطه، مما يسهل على الحكام والجمهور فهمه وتطبيقه. هذا الوضوح يمكن أن يعيد بعضاً من الانسيابية التي افتقدتها اللعبة بسبب التركيز المفرط على الدقة المتناهية التي توفرها التكنولوجيا.

التحديات والآثار المحتملة

على الرغم من الأهداف الإيجابية، قد يواجه تطبيق التعديل تحديات. سيتطلب الأمر فترة تكيف كبيرة للاعبين والمدربين، الذين اعتادوا على تطبيق القانون الحالي لعقود. قد تتغير الاستراتيجيات الدفاعية بشكل كبير، حيث قد يجد المدافعون أنفسهم مضطرين للتكيف مع مساحات أكبر خلفهم. كما قد يؤثر التغيير على أدوار حكام الخطوط ومهام تقنية VAR، التي سيتوجب عليها أيضاً التكيف مع المعايير الجديدة. هناك أيضاً نقاش حول ما إذا كان التعديل قد يغير "طبيعة اللعبة" بشكل مفرط، ولكن المؤيدين يرون أن التطور جزء طبيعي من تاريخ كرة القدم. ستكون ردود الفعل من الأندية والاتحادات الوطنية حاسمة في تحديد مدى سلاسة عملية الانتقال.

الخطوات المستقبلية

من المتوقع أن يستمر مجلس "إيفاب" في جمع البيانات من التجارب الجارية وتحليلها بعناية. الخطوة التالية ستكون مراجعة شاملة للنتائج وتقديمها للمجلس لاتخاذ قرار نهائي. إذا تم إقرار التعديل، فسيتم تحديد جدول زمني لتطبيقه، قد يبدأ بتطبيقات تجريبية أوسع نطاقاً قبل أن يصبح جزءاً لا يتجزأ من قوانين كرة القدم على مستوى العالم. هذا التغيير، في حال إقراره، سيعد واحداً من أبرز التعديلات في قانون التسلل منذ عقود، وقد يفتح صفحة جديدة في تاريخ اللعبة الأكثر شعبية في العالم.