الاتحاد المصري للجولف يسعى لجعل اللعبة متاحة للجميع: رؤية لكسر حصرية النخبة

أكد محمد أنور، نائب رئيس الاتحاد المصري للجولف، على التزام الاتحاد بتحويل رياضة الجولف في مصر من لعبة تُنظر إليها تقليدياً كترفيه حصري للنخبة إلى رياضة شعبية متاحة لجميع فئات المجتمع المصري. جاء هذا التأكيد في إطار مساعي الاتحاد الطموحة لتغيير الصورة الذهنية السائدة عن اللعبة وفتح أبوابها أمام شرائح أوسع، وذلك في تصريحات أدلى بها مؤخراً في منتصف شهر أكتوبر 2025.

الخلفية: الجولف وصورة النخبة في مصر

لطالما ارتبطت رياضة الجولف في مصر، شأنها شأن العديد من الدول الأخرى، بفئة اجتماعية معينة، غالباً ما تكون من ذوي الدخل المرتفع أو الجاليات الأجنبية وكبار السن. هذا الارتباط التاريخي، والذي يعود أحياناً إلى فترة الاستعمار البريطاني حيث كانت اللعبة تُمارس في الأندية الخاصة، أدى إلى ترسيخ صورة نمطية تعيق انتشار اللعبة وتحد من قدرتها على جذب الشباب والأشخاص من مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية. وقد انعكس ذلك في محدودية عدد اللاعبين المسجلين، وتمركز المرافق الخاصة بها في مناطق محددة أو ضمن نوادٍ راقية تتطلب عضويات مكلفة، مما جعلها تبدو بعيدة المنال عن عامة المصريين.

التطورات الأخيرة: مبادرات لكسر الحصرية

وفي هذا السياق، كشف الاتحاد المصري للجولف، بقيادة محمد أنور، عن حزمة من المبادرات والخطط الاستراتيجية التي تهدف إلى كسر هذه الحصرية وتوسيع قاعدة ممارسي اللعبة. تشمل هذه الخطط عدة محاور رئيسية:

تطوير برامج الناشئين والشباب: إطلاق أكاديميات جولف مصغرة في المدارس والجامعات، وتقديم دروس بأسعار رمزية لتشجيع الأطفال والمراهقين على الانخراط في اللعبة من سن مبكرة.
توفير فرص تدريب بأسعار معقولة: العمل على توفير حزم تدريبية مرنة ومنخفضة التكلفة، وتقديم الدعم للمراكز التدريبية لتقليل أعباء الاشتراك.
إقامة فعاليات ترويجية ومسابقات جماهيرية: تنظيم أيام مفتوحة وعروض توضيحية في الأماكن العامة والمراكز التجارية الكبرى لتعريف المصريين بقواعد اللعبة ومتعتها، بالإضافة إلى تنظيم بطولات للهواة بأسعار مشاركة معقولة.
التعاون مع المؤسسات التعليمية: دمج أساسيات الجولف في المناهج الرياضية المدرسية، وتنظيم دورات تدريبية للمعلمين لتمكينهم من تعليم اللعبة.
استكشاف إمكانيات إنشاء مرافق جديدة: دراسة جدوى إنشاء ملاعب جولف مصغرة (Par 3 courses) أو مناطق تدريب بسيطة (driving ranges) يسهل الوصول إليها في مختلف المحافظات، لا سيما المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، لتقليل الحاجة إلى السفر لمسافات طويلة أو تحمل تكاليف البنية التحتية الكبيرة.

هذه التوجهات الجديدة تعكس رؤية طموحة لمستقبل الجولف المصري، حيث تهدف إلى إزالة الحواجز الاقتصادية والاجتماعية التي تمنع الفئات المختلفة من ممارسة هذه الرياضة، وتحويلها إلى أداة للتنمية الرياضية والاجتماعية الشاملة.

لماذا يهم هذا التوجه؟ الآثار المحتملة

إن تعميم رياضة الجولف يحمل في طياته فوائد جمة تتجاوز مجرد الترفيه الرياضي. فعلى الصعيد الاجتماعي، يسهم في بناء مجتمع أكثر صحة ونشاطاً من خلال تشجيع ممارسة الرياضة في الهواء الطلق، وتعزيز قيم الانضباط والتركيز والصبر لدى الشباب. كما يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للموهوبين المصريين للمنافسة على المستويات الإقليمية والدولية، ورفع اسم مصر عالياً في البطولات العالمية، مما يعزز من مكانتها الرياضية دولياً. اقتصادياً، يمكن أن تساهم زيادة شعبية الجولف في دعم السياحة الرياضية بشكل كبير، حيث تجذب مصر عدداً متزايداً من الزوار المهتمين بالجولف للاستمتاع بالمرافق المتاحة والتنافس في البطولات المحلية، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي من خلال استقطاب الاستثمارات في البنية التحتية الرياضية والسياحية وتوفير فرص عمل جديدة في مجالات التدريب وإدارة المرافق والخدمات المرتبطة بالجولف.

التحديات والآفاق المستقبلية

لا تخلو مساعي تعميم الجولف من التحديات الجوهرية، أبرزها التكاليف المرتفعة المرتبطة بإنشاء وصيانة ملاعب الجولف والمعدات اللازمة، بالإضافة إلى الحاجة الماسة لتغيير التصورات الثقافية الراسخة التي تحد من الإقبال على اللعبة. يتطلب الأمر جهداً كبيراً للتغلب على هذه العقبات، لكن الاتحاد المصري للجولف يرى أن الاستثمار في البنية التحتية المناسبة وتوفير برامج دعم ميسرة، إلى جانب حملات توعية إعلامية وتسويقية فعالة، سيمكن من تجاوز هذه التحديات تدريجياً. المستقبل يحمل في طياته رؤية لمصر حيث لا يقتصر لعب الجولف على شرائح محددة، بل يصبح جزءاً لا يتجزأ من النسيج الرياضي والاجتماعي للبلاد، مقدماً فرصة للجميع للاستمتاع بفوائد هذه الرياضة الفريدة، وتعزيز مكانة مصر كوجهة رياضية واعدة.