تقديرات عسكرية إسرائيلية: القوات الدولية لن تستطيع تدمير أنفاق غزة

أفادت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى، في تقارير صدرت مؤخراً، بأن أي قوة دولية يتم نشرها في قطاع غزة، بما في ذلك القوات التابعة للأمم المتحدة، لن تكون قادرة على التعامل بفعالية مع شبكة الأنفاق المعقدة والواسعة التي أنشأتها حركة حماس. ويأتي هذا التقييم في سياق النقاشات المستمرة حول الترتيبات الأمنية المحتملة لقطاع غزة في مرحلة ما بعد الصراع، ويُبرز التحديات الهائلة التي تمثلها هذه الأنفاق.

خلفية وتاريخ شبكة الأنفاق

تُعد شبكة الأنفاق في غزة عنصراً محورياً في الاستراتيجية العسكرية لحركة حماس، وقد تطورت على مدار سنوات لتصبح ما يُعرف بـ "مترو غزة". بدأ استخدام الأنفاق في الأصل لتهريب البضائع والأسلحة عبر الحدود المصرية، لكنها تطورت لاحقاً لتشمل شبكة واسعة تحت الأرض تستخدم لأغراض عسكرية بحتة. تشمل هذه الاستخدامات نقل المقاتلين، تخزين الأسلحة، إطلاق الصواريخ، وإنشاء مراكز قيادة وتحكم محصنة. وقد أصبحت هذه الأنفاق جزءاً لا يتجزأ من دفاعات حماس، مما يمنحها ميزة تكتيكية كبيرة في مواجهة القوات الإسرائيلية.

لطالما كانت الأنفاق هدفاً رئيسياً للعمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث تم تدمير أجزاء كبيرة منها في حملات سابقة مثل عملية الجرف الصامد عام 2014 و عملية حارس الأسوار عام 2021، وصولاً إلى العمليات الحالية. ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن الحركة لديها القدرة على إعادة بناء وتوسيع هذه الشبكات، مما يجعل تدميرها تحدياً مستمراً ومعقداً.

جوهر التقييم العسكري الإسرائيلي

تستند التقديرات العسكرية الإسرائيلية إلى عدة عوامل أساسية تشكك في قدرة القوات الدولية على التعامل مع تهديد الأنفاق:

الافتقار إلى الخبرة المتخصصة: ترى المصادر أن تدمير الأنفاق يتطلب خبرة هندسية وعسكرية متقدمة جداً وتقنيات خاصة لا تتوفر عادة لدى قوات حفظ السلام الدولية، التي غالباً ما تفتقر إلى التدريب والمعدات اللازمة لهذه المهام المعقدة.
قيود قواعد الاشتباك: تخضع القوات الدولية لقواعد اشتباك صارمة ومهام محددة قد لا تسمح لها بالقيام بعمليات هجومية واسعة النطاق تتطلبها عملية تدمير الأنفاق بشكل فعال.
الحجم والتعقيد: تُقدر شبكة الأنفاق بأنها تمتد لمئات الكيلومترات تحت الأرض، وتتخللها غرف ومخازن ونقاط وصول متعددة، مما يجعل تدميرها يتطلب جهداً لوجستياً وعملياتياً هائلاً ومستمراً.
المخاطر على القوات: يتضمن التعامل مع الأنفاق مخاطر جسيمة على حياة الجنود بسبب الكمائن المحتملة والأفخاخ المتفجرة والقتال تحت الأرض، وهي بيئة لا يتم تدريب القوات الدولية عليها بالضرورة.

هذا التقييم يُرسل رسالة واضحة مفادها أن إسرائيل قد لا تثق في قدرة أي قوة خارجية على ضمان الأمن الكامل فيما يتعلق بالتهديدات تحت الأرض، وقد تشير إلى استمرار الحاجة إلى التدخل العسكري الإسرائيلي في هذا المجال.

التحديات الفنية والعسكرية لتدمير الأنفاق

تدمير شبكة أنفاق واسعة مثل تلك الموجودة في غزة يطرح تحديات فنية وعسكرية كبيرة. فهو لا يقتصر على مجرد تفجير المداخل، بل يتطلب:

اكتشاف دقيق: استخدام تقنيات متقدمة للكشف عن الأنفاق تحت الأرض، والتي غالباً ما تكون محصنة بعمق ومخفية ببراعة.
رسومات خرائطية مفصلة: رسم خرائط دقيقة للشبكة لتمكين الاستهداف الفعال وتقييم الأضرار.
تكنولوجيا تدمير متخصصة: استخدام متفجرات أو مواد خاصة لضمان انهيار الأنفاق دون التسبب في أضرار جانبية واسعة للبنية التحتية المدنية أو البيئة المحيطة.
التعامل مع بيئة مدنية كثيفة: تقع الأنفاق غالباً تحت مناطق سكنية، مما يزيد من تعقيد عملية التدمير ويتطلب دقة عالية لتجنب إيذاء المدنيين.

تؤكد هذه الصعوبات أن تدمير الأنفاق هو مهمة تتجاوز القدرات التقليدية لمعظم قوات حفظ السلام، وتتطلب تفاعلاً مستمراً بين فرق الهندسة القتالية والاستخبارات والقوات البرية.

التداعيات المحتملة والآفاق المستقبلية

تحمل هذه التقديرات العسكرية الإسرائيلية تداعيات مهمة على أي خطط مستقبلية لإدارة غزة بعد الصراع. فإذا كانت القوات الدولية غير قادرة على التعامل مع الأنفاق، فقد يعني ذلك:

استمرار الحاجة للوجود الأمني الإسرائيلي: قد تستخدم إسرائيل هذا التقييم كحجة للإبقاء على وجود أمني أو سيطرة عملياتية على أجزاء من القطاع، خاصة المناطق الحدودية، لمنع إعادة بناء الأنفاق.
تغيير طبيعة أي قوة دولية: إذا تم نشر قوة دولية، فقد تحتاج إلى تفويض وموارد أكثر قوة وتخصصاً للتعامل مع هذا التهديد، أو أن تقتصر مهمتها على جوانب أخرى من الأمن.
الضغط على المجتمع الدولي: قد تدفع إسرائيل المجتمع الدولي إلى توفير دعم تقني ولوجستي كبير للقوات الدولية، أو حتى تدريبها على تكتيكات مكافحة الأنفاق.

في الختام، تُسلط هذه التصريحات الضوء على أن تحدي أنفاق غزة ليس مجرد قضية عسكرية، بل هو عامل حاسم في أي حل سياسي أو أمني مستقبلي للقطاع، ويؤكد على الحاجة إلى استراتيجيات مبتكرة ومتخصصة لمواجهة هذا التهديد المعقد.