فيلم 'المرأة في المقصورة 10': بين التشويق وخيبة الأمل، هل خذل جمهوره؟

تُعد رواية 'المرأة في المقصورة 10' للكاتبة البريطانية روث وير، التي نُشرت في عام 2016، واحدة من أبرز الأعمال في أدب الجريمة والتشويق النفسي خلال العقد الماضي. حصدت الرواية إشادة واسعة النطاق لأسلوبها المثير وبطلتها الصحفية 'لو بلاكلوك' التي تشهد حادثة غامضة على متن سفينة سياحية فاخرة وتجد نفسها في قلب تحقيق محفوف بالمخاطر. مع النجاح الكبير للرواية، كانت التوقعات مرتفعة لأي تحويل سينمائي أو تلفزيوني، وبالفعل، أُنتج فيلم تلفزيوني مقتبس عنها بواسطة شبكة Lifetime في عام 2018. أثار هذا الاقتباس التساؤلات حول قدرته على ترجمة التعقيد النفسي والتشويق السردي للرواية إلى الشاشة، وهل استطاع تلبية آمال الجماهير التي عشقت العمل الأصلي أم خيب ظنونهم؟

خلفية الرواية ونجاحها

قدمت روث وير في روايتها 'المرأة في المقصورة 10' قصة محكمة تتبع فيها 'لو بلاكلوك'، صحفية تعاني من اضطرابات نفسية بعد تعرضها لاقتحام منزلها، وتُكلف بتغطية رحلة بحرية فاخرة. تتحول الرحلة إلى كابوس عندما تعتقد 'لو' أنها شاهدت جثة تُلقى من المقصورة المجاورة لها، لكن لا أحد يصدقها، مما يدفعها للتحقيق بنفسها في مواجهة شكوك الجميع، بما في ذلك شكوكها هي حول صحة عقلها. تميزت الرواية بأسلوب السرد من منظور راوٍ غير موثوق به، وبناء تدريجي للتوتر، وأجواء منعزلة تُشبه ألغاز 'الغرفة المغلقة' التي اشتهرت بها الكاتبة أجاثا كريستي، والتي غالباً ما تُقارن أعمال وير بها.

نالت الرواية استحساناً نقدياً واسعاً وحققت مبيعات عالية، حيث أشادت المراجعات بقدرتها على حبس الأنفاس والتلاعب بعقل القارئ، مما جعلها إضافة قيمة لنوع التشويق النفسي. هذا النجاح أسس قاعدة جماهيرية كبيرة للرواية وخلق مستوى عالٍ من الترقب لأي محاولة لتحويلها إلى عمل مرئي، حيث كان المعجبون يأملون في رؤية عالم وير ينبض بالحياة بنفس العمق والإثارة.

التحدي في الاقتباس التلفزيوني لعام 2018

مع النجاح الباهر للرواية، كان قرار شبكة Lifetime بإنتاج فيلم تلفزيوني مقتبس عنها في عام 2018 خطوة متوقعة. لكن اقتباس رواية بوليسية نفسية معقدة للشاشة، خاصة ضمن قيود إنتاج فيلم تلفزيوني، يمثل تحدياً كبيراً. يتطلب الأمر موازنة دقيقة بين الحفاظ على جوهر القصة والشخصيات، وبين التكييف اللازم ليتناسب مع وسيط جديد وإطار زمني محدود.

أدت الممثلة هيرميوني كورفيلد دور 'لو بلاكلوك'، وحاول الفيلم أن يقدم لمحة عن عالم الرواية المثير. ومع ذلك، فإن الطبيعة المتسارعة للإنتاجات التلفزيونية والميزانيات المحدودة نسبياً غالباً ما تفرض قيوداً على تطوير الشخصيات المعقدة، وبناء الأجواء ببطء، وتصوير التشويق النفسي الدقيق الذي تعتمد عليه قصص مثل 'المرأة في المقصورة 10'. كان السؤال الأهم هو ما إذا كان الفيلم التلفزيوني سينجح في تجاوز هذه التحديات وتقديم تجربة مرضية لجمهور الرواية.

استقبال الجمهور والنقاد: هل خذل الفيلم التوقعات؟

عند صدور فيلم Lifetime التلفزيوني المقتبس من رواية 'المرأة في المقصورة 10'، جاء استقباله من قبل الجمهور والنقاد متبايناً، ولكنه مال بشكل عام نحو خيبة الأمل، لا سيما بين محبي الرواية الأصلية. ارتكزت الانتقادات في جوهرها على عدة نقاط رئيسية:

تبسيط الحبكة وفقدان التعقيد: شعر العديد من المشاهدين أن الفيلم قام بتبسيط شديد للحبكة الأصلية المعقدة للرواية. فبعض التقلبات والتفاصيل الدقيقة التي أضافت عمقاً للقصة والمجهول، تم حذفها أو تعديلها بشكل قلل من تأثيرها، مما أثر على تجربة الغموض الشاملة.
تسطيح الشخصيات: كانت شخصية 'لو بلاكلوك' في الرواية متعددة الأوجه، مع صراعاتها الداخلية وقلقها كعنصر حاسم في السرد. في المقابل، يرى البعض أن الفيلم لم يمنح هذه الجوانب النفسية المساحة الكافية للتطور، مما جعل دوافع 'لو' وتصرفاتها أقل إقناعاً وأقل ارتباطاً بالجمهور.
غياب الأجواء المشحونة: واحدة من نقاط قوة الرواية هي قدرتها على بناء أجواء متوترة ومكثفة، وشعور بالانعزال داخل السفينة الفاخرة. أشار النقاد إلى أن الفيلم لم يتمكن من إعادة خلق هذا الشعور بالضغط النفسي والتوتر الذي يعصف بالبطلة، مما أضعف عنصر التشويق.
مشاكل في الإيقاع: عانى الفيلم في بعض الأحيان من إيقاع متسارع بشكل غير مبرر، مما أدى إلى تسريع الأحداث وفقدان التدرج اللازم لبناء التشويق، بينما في أحيان أخرى بدا الإيقاع بطيئاً لا يخدم السرد. هذا التفاوت أثر على تجربة المشاهدة.
أداء التمثيل: على الرغم من الجهود المبذولة، اعتبر بعض النقاد أن أداء الممثلين، بما في ذلك هيرميوني كورفيلد، كان مقبولاً في أحسن الأحوال، لكنه لم يرتقِ إلى مستوى التوقعات لإضفاء العمق المطلوب على الشخصيات، خاصة الشخصية الرئيسية.

في المقابل، أشار بعض المشاهدين إلى أن الفيلم التلفزيوني كان ممتعاً كعمل مستقل لأولئك الذين لم يقرأوا الرواية، مقدماً قصة تشويق سريعة ومناسبة لليلة مشاهدة تلفزيونية. ومع ذلك، بالنسبة لجمهور الرواية المتطلع، بدا أن الفيلم قد خيب الآمال إلى حد كبير في تحقيق العدالة للعمل الأصلي، ولم يتمكن من نقل جوهره المعقد والمليء بالتشويق إلى الشاشة بكفاءة.

لماذا يهم هذا الاستقبال؟

تبرز حالة فيلم 'المرأة في المقصورة 10' كدراسة حالة لكيفية تأثير التوقعات العالية الناجمة عن رواية ناجحة على استقبال اقتباسها. فغالباً ما يواجه مخرجو ومؤلفو الأعمال المقتبسة تحدياً كبيراً في إرضاء الجماهير المخلصة التي شكلت صوراً وتصورات خاصة بها عن الشخصيات والأحداث. عندما يفشل الاقتباس في لمس هذا الوتر، يمكن أن يؤدي ذلك إلى شعور عميق بخيبة الأمل.

يُسلط هذا الاستقبال الضوء أيضاً على الفروق الجوهرية بين الرواية كوسيط للسرد المرئي. فالكتابة تتيح للمؤلف استكشاف أعماق الشخصيات وأفكارها الداخلية بشكل لا يمكن للمشهد السينمائي أو التلفزيوني تحقيقه بالضرورة ضمن حدود زمنية وميزانية. لذلك، فإن القصة التي تعتمد بشكل كبير على الرواية غير الموثوقة أو التوتر النفسي الداخلي، غالباً ما تكون الأكثر صعوبة في الاقتباس دون فقدان جزء من روحها الأصلية.

الخلاصة: فرصة مفقودة أم بداية جديدة؟

في الختام، يمكن القول إن فيلم Lifetime التلفزيوني 'المرأة في المقصورة 10'، والذي صدر في عام 2018، لم يتمكن من تلبية التوقعات العالية التي وضعها عشاق رواية روث وير الأصلية. على الرغم من محاولته تقديم قصة التشويق إلى جمهور أوسع، إلا أن التبسيط المفرط للحبكة، والتطوير المحدود للشخصيات، وعدم القدرة على إعادة خلق الأجواء النفسية المشحونة، كلها عوامل أدت إلى شعور عام بخيبة الأمل بين الجمهور الذي كان يأمل في رؤية اقتباس أكثر وفاءً وعمقاً.

لذلك، وعلى الرغم من أن الرواية لا تزال تحتل مكانة مرموقة بين أعمال التشويق، فإن 'الفيلم' المقتبس منها يعتبره الكثيرون فرصة ضائعة لم ينجح في الارتقاء إلى مستوى المادة المصدرية. يبقى الأمل قائماً في أن يتمكن اقتباس مستقبلي – سواء كان فيلماً سينمائياً أو مسلسلاً تلفزيونياً بإنتاج أضخم – من تقديم رؤية أكثر إخلاصاً وعمقاً لقصة 'لو بلاكلوك' المثيرة، وتلبية الطموحات التي لم تتحقق بعد.