قفزة في تقييم "تابي" السعودية إلى 4.5 مليار دولار إثر صفقة بيع ثانوية
شهدت شركة المدفوعات "اشترِ الآن وادفع لاحقًا" (Buy Now, Pay Later - BNPL) الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، "تابي" السعودية، قفزة ملحوظة في تقييمها، ليصل إلى 4.5 مليار دولار أمريكي. جاء هذا التطور البارز في مطلع فبراير 2024 عقب إتمام صفقة بيع أسهم ثانوية، أتاحت للمستثمرين الأوائل والموظفين بيع حصصهم في الشركة. تُبرز هذه الصفقة ثقة المستثمرين المتزايدة في نموذج أعمال "تابي" وإمكاناتها للنمو المستقبلي في سوق المدفوعات الرقمية المتوسع.

تفاصيل الصفقة وتطورات التقييم
تُعد صفقة البيع الثانوية آلية تمويل شائعة في المراحل المتقدمة للشركات الناشئة، حيث تسمح للمستثمرين السابقين والموظفين ببيع أسهمهم لمستثمرين جدد أو حاليين دون إصدار أسهم جديدة من قبل الشركة نفسها. في حالة "تابي"، شارك عدد من المستثمرين البارزين في هذه الجولة، منهم STV و مبادلة كابيتال (Mubadala Investment Capital) و باي بال فنتشرز (PayPal Ventures) و آربور فنتشرز (Arbor Ventures) و إنديفور كاتاليست (Endeavor Catalyst). هذه المشاركة تؤكد الجاذبية القوية لـ "تابي" كفرصة استثمارية واعدة.
يمثل التقييم الجديد البالغ 4.5 مليار دولار زيادة كبيرة مقارنة بتقييم الشركة السابق. ففي أوائل عام 2023، أتمت "تابي" جولة تمويل من الفئة C جمعت خلالها 200 مليون دولار أمريكي (بين حقوق ملكية وديون)، مما رفع تقييمها آنذاك إلى 1.5 مليار دولار. هذه القفزة الكبيرة خلال فترة قصيرة تعكس النمو المتسارع للشركة ونجاحها في توسيع قاعدة مستخدميها وشراكاتها مع تجار التجزئة، وتأتي في وقت تشهد فيه أسواق التمويل العالمية بعض التحديات، مما يضفي عليها أهمية إضافية.
نبذة عن "تابي" ونموها
تأسست "تابي" في عام 2019، وسرعان ما برزت كلاعب أساسي في قطاع التقنية المالية بالمنطقة. تقدم الشركة حلول دفع مرنة للمستهلكين، تتيح لهم تقسيم مشترياتهم إلى دفعات بدون فوائد، بالإضافة إلى برامج استرداد نقدي. تهدف هذه الخدمات إلى تمكين المتسوقين من التحكم بشكل أفضل في إنفاقهم، وتسهيل الوصول إلى المنتجات والخدمات عبر الإنترنت وخارجها.
تتمتع "تابي" بحضور واسع النطاق في خمسة أسواق رئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والكويت، والبحرين. وقد نجحت الشركة في بناء شبكة واسعة تضم أكثر من 30 ألف شريك من تجار التجزئة، بما في ذلك علامات تجارية عالمية ومحلية كبرى. هذا التوسع الجغرافي والشراكات المتعددة كانا عوامل حاسمة في دفع نمو الشركة وزيادة حصتها السوقية.
من الإنجازات الهامة التي حققتها "تابي" هو وصولها إلى الربحية في كل من المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة. يعد تحقيق الربحية تحديًا كبيرًا للعديد من الشركات الناشئة سريعة النمو، ويؤكد هذا الإنجاز على استدامة نموذج أعمال "تابي" وقدرتها على تحقيق إيرادات قوية بالتوازي مع التوسع.
الأهمية والتداعيات
إن قفزة تقييم "تابي" إلى 4.5 مليار دولار تحمل في طياتها دلالات عميقة متعددة الأوجه:
- بالنسبة لـ "تابي" نفسها: تعزز هذه الخطوة مكانتها كواحدة من أهم شركات التقنية المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتؤكد على صحة استراتيجيتها ونموذج عملها. كما تفتح آفاقًا جديدة للنمو والتوسع، وتوفر سيولة للمستثمرين الأوائل والموظفين، مما يحفز الولاء ويجذب المزيد من المواهب.
- بالنسبة لقطاع "اشترِ الآن وادفع لاحقًا": تدعم هذه الصفقة الثقة في قطاع BNPL ككل، وتُظهر مرونته وقدرته على الازدهار حتى في بيئات اقتصادية متقلبة. كما تسلط الضوء على الطلب المتزايد من المستهلكين على حلول الدفع المرنة، خاصة مع تسارع نمو التجارة الإلكترونية في المنطقة.
- بالنسبة لمنظومة الشركات الناشئة في المنطقة: تُعتبر هذه الصفقة بمثابة إشارة إيجابية قوية على نضج وجاذبية منظومة التقنية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إن قدرة شركة إقليمية على تحقيق تقييمات بهذا الحجم وجذب استثمارات من كيانات عالمية وإقليمية كبرى تزيد من ثقة المستثمرين في المنطقة كمركز للابتكار والنمو. كما أنها توفر معيارًا للشركات الناشئة الأخرى الطموحة.
باختصار، يمثل هذا التطور الأخير في مسيرة "تابي" علامة فارقة لا تقتصر أهميتها على الشركة وحدها، بل تمتد لتشمل المشهد الاقتصادي والتقني الأوسع في المنطقة. إنه يؤكد على التزام المستثمرين بالفرص المتاحة في السوق السعودية والخليجية بشكل عام، ويشير إلى مستقبل واعد للتقنية المالية في الشرق الأوسط.





