ترامب يؤكد استعداد واشنطن لمشاركة تكنولوجيا نووية متطورة مع سول

في تصريحات سابقة صدرت عن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب، وتحديداً يوم خميس محدد خلال فترة رئاسته، عقب لقائه مع نظيره الكوري الجنوبي آنذاك، أعلن ترامب عن استعداد واشنطن لمشاركة تكنولوجيا نووية متقدمة وحساسة للغاية مع سيول. الهدف الرئيسي من هذا العرض هو تمكين كوريا الجنوبية من بناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، في خطوة من شأنها تعزيز قدراتها الدفاعية الاستراتيجية في مواجهة التهديدات المتزايدة في المنطقة، خاصة من كوريا الشمالية.

خلفية الخبر وأهميته

يأتي هذا الإعلان في سياق سعي كوريا الجنوبية الدائم لتعزيز قدراتها العسكرية البحرية. بالرغم من امتلاكها لأسطول غواصات تقليدية قوي، فإن الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية توفر مزايا استراتيجية كبيرة، مثل القدرة على البقاء لفترات أطول تحت الماء بسرعة أعلى وبدون الحاجة لإعادة التزود بالوقود بشكل متكرر. هذه القدرات تعتبر حيوية لتعزيز الردع ضد التهديدات من كوريا الشمالية، التي تواصل تطوير برامجها النووية والصاروخية.

تاريخياً، كانت الولايات المتحدة حريصة جداً بشأن مشاركة تقنيات الدفع النووي البحري. لم تقم بمشاركة هذه التكنولوجيا سوى مع المملكة المتحدة في عام 1958، ومؤخراً مع أستراليا في إطار اتفاقية AUKUS. هذا يجعل العرض لكوريا الجنوبية سابقة مهمة ويوسع دائرة الدول التي تحصل على هذه التكنولوجيا الحساسة، مما يثير تساؤلات حول تبعات ذلك على نظام عدم انتشار الأسلحة النووية.

وفقاً لاتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، يُسمح بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية، لكن الاتفاقية تضع قيوداً صارمة على نقل المواد والتقنيات النووية لغير الدول الحائزة للأسلحة النووية. الدفع النووي البحري يطرح تحديات خاصة تتعلق بالمراقبة والتحقق من عدم تحويل اليورانيوم المخصب، المستخدم في وقود الغواصات، إلى أغراض عسكرية.

التطورات الرئيسية وتفاصيل العرض

تأتي تصريحات ترامب في إطار جهود تعزيز العلاقات الثنائية والتحالف العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وصف العرض بأنه يشمل تقنيات «سرية للغاية»، مما يؤكد مدى حساسية وأهمية هذه الخطوة. لطالما كانت هناك نقاشات داخل كوريا الجنوبية حول تطوير قدرات نووية ذاتية الدفع، ولكن التحديات التقنية والتكاليف الباهظة المرتبطة بمثل هذا المشروع جعلت خيار الشراكة مع الولايات المتحدة مغرياً وربما ضرورياً لتسريع تحقيق هذا الهدف.

الإدارة الأمريكية اللاحقة، برئاسة الرئيس جو بايدن، ورثت هذا النقاش، ومن غير الواضح ما إذا كانت ستمضي قدماً في هذا العرض بنفس الشروط التي طرحتها إدارة ترامب. قد تؤثر أولويات إدارة بايدن بشأن عدم الانتشار النووي ومخاطر التسليح في المنطقة على طبيعة أي اتفاق مستقبلي.

ردود الفعل والتداعيات المحتملة

من المتوقع أن يثير أي اتفاق لمشاركة تكنولوجيا الدفع النووي البحري ردود فعل إقليمية ودولية واسعة:

كوريا الشمالية: ستدين هذه الخطوة بشدة، معتبرة إياها تصعيداً عسكرياً وتهديداً مباشراً لأمنها. من المحتمل أن تستخدم بيونغ يانغ هذا التطور ذريعة لمواصلة تسريع وتطوير برامجها النووية والصاروخية، مما يزيد من التوتر في شبه الجزيرة الكورية.
الصين: ستنظر بكين إلى هذا التطور بقلق بالغ، لأنه يعزز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة ويزيد من نفوذ واشنطن. قد تعتبره الصين جزءاً من استراتيجية احتواء أمريكية في شرق آسيا، مما يؤثر على العلاقات الإقليمية والدولية.
المجتمع الدولي: قد تثير هذه الخطوة تساؤلات حول التزامات الدول باتفاقية NPT، وتخلق سوابق قد تؤدي إلى طلب دول أخرى لتقنيات مماثلة. هذا قد يهدد نظام عدم الانتشار العالمي ويزيد من مخاطر انتشار الأسلحة النووية.

التأثير الاستراتيجي

إذا تم تنفيذ هذا العرض، ستكون له تبعات استراتيجية عميقة:

تعزيز التحالف: سيقوي هذا التحالف الأمريكي الكوري الجنوبي بشكل كبير، ويمنح سول قدرة ردع إضافية ومكانة عسكرية متقدمة.
تغيير التوازن الإقليمي: قد يغير هذا القرار ميزان القوى البحري في شمال شرق آسيا، ويؤثر على الحسابات الأمنية للدول المجاورة.
تحديات عدم الانتشار: يمثل هذا تحدياً كبيراً لنظام عدم انتشار الأسلحة النووية، خاصة إذا لم يتم وضع آليات تحقق ومراقبة قوية تضمن عدم تحويل التكنولوجيا إلى أغراض عسكرية.
التبعات الاقتصادية والتكنولوجية: سيتطلب المشروع استثمارات ضخمة وتدريباً مكثفاً للقوات الكورية الجنوبية، بالإضافة إلى بنية تحتية متخصصة.

يبقى النقاش حول جدوى وسلامة هذه الخطوة مستمراً على المستويين الوطني والدولي، مع الأخذ في الاعتبار أهميتها الجيوسياسية والتحديات التي قد تفرضها على الاستقرار الإقليمي والنظام العالمي لعدم الانتشار.