كامل الوزير: تشغيل مصنع ألستوم يعزز استراتيجية مصر لتوطين تكنولوجيا النقل المتقدم

في تصريحات حديثة، أكد الفريق مهندس كامل الوزير، وزير النقل المصري، أن تشغيل مصنع شركة ألستوم العالمية في مصر يمثل خطوة استراتيجية محورية نحو تحقيق أهداف الدولة لتوطين تكنولوجيا النقل المتقدم. ويأتي هذا التأكيد في سياق جهود مصر المستمرة لتطوير بنيتها التحتية للنقل وتعزيز قدراتها الصناعية المحلية.

خلفية: رؤية مصر لتوطين الصناعة والنقل

تسعى مصر، ضمن رؤيتها التنموية الشاملة مصر 2030، إلى بناء قاعدة صناعية قوية ومتنوعة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من القطاعات الحيوية، ومنها قطاع النقل. وتدرك الدولة أن التوطين الصناعي ليس مجرد هدف اقتصادي، بل هو ركيزة أساسية للأمن القومي وتعزيز القدرة التنافسية. في هذا الإطار، تشهد البلاد طفرة غير مسبوقة في مشاريع النقل، تشمل توسيع شبكات مترو الأنفاق، وإنشاء خطوط المونوريل الحديثة، وتطوير شبكة القطار الكهربائي السريع التي ستربط أجزاء واسعة من الجمهورية.

لطالما اعتمدت هذه المشاريع الكبرى على استيراد التكنولوجيا والمعدات من الخارج. لكن مع التوجيهات الرئاسية بدعم الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات، برزت الحاجة الماسة لنقل المعرفة وتوطين الصناعات المرتبطة بالنقل. وهنا يأتي دور الشراكات الاستراتيجية مع الشركات العالمية الرائدة مثل ألستوم.

مصنع ألستوم ودوره في المشهد الصناعي

يعد مصنع ألستوم في مصر، والذي يتخذ من المنطقة الصناعية شرق بورسعيد موقعًا له، إضافة نوعية لقدرات مصر الصناعية. وقد تم تصميمه ليكون مركزًا لإنتاج وتجميع وتصنيع مكونات السكك الحديدية وأنظمة النقل الحديثة. من المتوقع أن يلعب المصنع دورًا حيويًا في:

تصنيع عربات القطارات: بما في ذلك عربات المترو والمونوريل والقطارات الكهربائية.
إنتاج المكونات الرئيسية: مثل أنظمة التحكم والإشارات والمعدات الكهربائية.
صيانة وإصلاح المعدات: توفير الدعم الفني وخدمات الصيانة على مدار العمر الافتراضي للمعدات المصنعة محليًا.

هذا التكامل في الأدوار يضمن أن المصنع لن يكون مجرد نقطة تجميع، بل مركزًا صناعيًا يساهم في سلسلة قيمة النقل بأكملها.

الأبعاد الاستراتيجية والفوائد المتوقعة

يمثل تشغيل مصنع ألستوم حجر زاوية في استراتيجية التوطين لما يوفره من فوائد متعددة الأبعاد:

نقل التكنولوجيا والمعرفة: يساهم المصنع في نقل أحدث تقنيات تصنيع وتصميم أنظمة النقل من شركة عالمية رائدة إلى الأيدي المصرية، مما يثري الخبرات المحلية.
توفير فرص العمل: يخلق المصنع مئات الفرص الوظيفية المباشرة وغير المباشرة للمهندسين والفنيين والعمال المصريين، ويقدم برامج تدريب متخصصة لرفع كفاءاتهم.
تقليل فاتورة الاستيراد: من خلال التصنيع المحلي، ستتمكن مصر من توفير مبالغ ضخمة من العملة الصعبة كانت تستخدم في استيراد عربات ومكونات السكك الحديدية.
تعزيز المحتوى المحلي: يشجع المصنع على دمج المكونات والخامات المحلية في عمليات الإنتاج، مما يدعم الصناعات المغذية ويقوي سلاسل التوريد المحلية.
جذب الاستثمارات: يعكس نجاح هذا المشروع جاذبية السوق المصري للاستثمارات الأجنبية المباشرة في القطاعات التكنولوجية والصناعية.
القدرة على التصدير: على المدى الطويل، يمكن أن يصبح المصنع مركزًا إقليميًا لتصنيع وتصدير مكونات النقل المتطور إلى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.

رؤية الوزير للمستقبل

يؤكد الفريق كامل الوزير أن الهدف الأسمى من وراء هذه الخطوات هو بناء صناعة نقل مصرية متكاملة ذات قدرات تنافسية عالمية. فمن وجهة نظره، يجب أن يتحول قطاع النقل من مجرد مستهلك للتكنولوجيا إلى منتج ومطور لها. ويرى أن مصنع ألستوم سيلعب دورًا محوريًا في تدريب الكوادر المصرية على أحدث الممارسات العالمية في التصنيع والجودة، مما يضمن استدامة هذه الصناعة على المدى الطويل.

كما شدد الوزير على أهمية الالتزام بأعلى معايير الجودة والسلامة في المنتجات المحلية، لضمان ثقة المستخدمين وفتح آفاق جديدة للمنتج المصري في الأسواق الإقليمية والدولية.

التطلعات المستقبلية

يمثل تشغيل مصنع ألستوم خطوة أولى ضمن استراتيجية أوسع لتوطين صناعة النقل في مصر. ومن المتوقع أن تتبعها المزيد من الشراكات والمشاريع التي تهدف إلى تعميق التصنيع المحلي وتوسيع نطاق المنتجات والخدمات المقدمة. هذه الجهود ستسهم في تحويل مصر إلى مركز إقليمي رائد في مجال تكنولوجيا النقل، مما يعزز مكانتها الاقتصادية والصناعية على الساحة العالمية في السنوات القادمة.