تصعيد رياضي دبلوماسي: إسرائيل تستنكر قرار إندونيسيا منع رياضييها من بطولة عالمية

أعربت إسرائيل عن استيائها الشديد واستنكرت قرار إندونيسيا، أكبر دولة ذات أغلبية مسلمة في العالم، منع رياضييها من المشاركة في بطولة عالمية للجمباز. جاء هذا الموقف الإسرائيلي رداً على رفض جاكرتا منح تأشيرات دخول للوفد الإسرائيلي للمنافسة في كأس العالم للجمباز الفني الذي كان من المقرر إقامته في إندونيسيا خلال مارس 2023، مما أدى في نهاية المطاف إلى إلغاء البطولة في هذا الموقع.

خلفية القرار الإندونيسي

تتمتع إندونيسيا بعلاقات قوية تاريخياً مع القضية الفلسطينية، ولا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل. لطالما كانت جاكرتا داعمة قوية للفلسطينيين ورافضة للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وقد تجسدت هذه السياسة مراراً في مواقف إندونيسيا تجاه مشاركة إسرائيل في الأحداث الرياضية والثقافية على أراضيها. تأتي هذه الخطوة في سياق سياسي أوسع يعكس تضامن إندونيسيا مع غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام، حيث غالباً ما تربط جاكرتا بين القضايا السياسية وحضورها في المحافل الدولية، وتعتبر الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني قضية مركزية في سياستها الخارجية.

تطورات الموقف والردود

رفضت السلطات الإندونيسية بشكل قاطع إصدار التأشيرات المطلوبة للوفد الإسرائيلي، وهو ما أثار استنكار الاتحاد الإسرائيلي للجمباز. وصف الاتحاد الخطوة الإندونيسية بأنها «مشينة» و«تمييزية»، مؤكداً على أن الرياضة يجب أن تكون جسراً للسلام والتفاهم، لا ساحة للخلافات السياسية. وطالب الاتحاد الإسرائيلي الاتحاد الدولي للجمباز (FIG) بالتدخل واتخاذ إجراءات حاسمة ضد هذا القرار الذي وصفوه بانتهاك للمبادئ الرياضية الأساسية.

من جانبه، أكد الاتحاد الدولي للجمباز (FIG) تلقيه إخطاراً رسمياً من السلطات الإندونيسية يفيد بعدم تمكنها من ضمان مشاركة جميع الوفود، بما في ذلك الوفد الإسرائيلي. وأمام هذا الموقف، أعلن الاتحاد الدولي للجمباز في مارس 2023 عن إلغاء بطولة كأس العالم للجمباز الفني التي كانت مقررة في إندونيسيا. شدد الاتحاد الدولي على مبادئه الأساسية التي ترفض أي شكل من أشكال التمييز وتضمن المساواة في فرص المشاركة لجميع الرياضيين بغض النظر عن جنسيتهم أو انتماءاتهم السياسية. كان من المفترض أن تكون هذه البطولة نقطة مهمة للتصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024، مما أضاف تعقيداً آخر للموقف وتسبب في إرباك للرياضيين المتأهلين.

سوابق ومقارنات

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها إندونيسيا موقفاً مشابهاً. ففي مارس 2023 أيضاً، واجهت إندونيسيا ضغوطاً دولية شديدة وفقدت في النهاية حق استضافة كأس العالم تحت 20 سنة لكرة القدم، وذلك بسبب رفضها القاطع استضافة منتخب إسرائيل لكرة القدم. أدت تلك الحادثة إلى نقل البطولة إلى الأرجنتين، مما كبد إندونيسيا خسارة مالية ومعنوية كبيرة، وأظهر حجم إصرارها على موقفها السياسي حتى على حساب استضافة فعاليات رياضية دولية كبرى. هذه السوابق ترسخ النمط الإندونيسي في ربط السياسة بالرياضة في سياق القضية الفلسطينية.

تداعيات وأهمية الخبر

يكتسب هذا الخبر أهمية كبيرة لأنه يسلط الضوء على تداخل السياسة بالرياضة، وكيف يمكن للخلافات الدبلوماسية أن تؤثر بشكل مباشر على المسابقات الدولية والفرص الرياضية. إن إلغاء البطولة بسبب موقف إندونيسيا يؤكد على أن القضايا الجيوسياسية تستمر في إلقاء ظلالها على الأحداث العالمية، مما يضع الهيئات الرياضية الدولية أمام تحديات في الحفاظ على مبادئ الحياد والشمولية. كما يسلط الضوء على عمق المشاعر المناهضة لإسرائيل في إندونيسيا ويعكس موقفاً شعبياً وحكومياً راسخاً تجاه القضية الفلسطينية، وهو ما يفرض تحديات أمام جهود التطبيع في المنطقة ويزيد من تعقيد العلاقات بين الدول المعنية.