انطلقت في المنامة فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان البحرين السينمائي، التي تعد بتجربة ثقافية غنية ومثرية لعشاق الفن السابع والمختصين في صناعة السينما على حد سواء. وقد صدر الإعلان عن تفاصيل المهرجان في 28 أكتوبر الجاري، مع التأكيد على أن الفعاليات الرئيسية ستقام في الفترة من 30 أكتوبر حتى 4 نوفمبر الجاري في مراسي البحرين. ويأتي هذا الحدث الفني البارز في إطار جهود متواصلة لتعزيز المشهد السينمائي والثقافي في المملكة، مقدماً برنامجاً حافلاً يجمع بين ورش العمل التفاعلية والحوارات الفنية المعمقة، وذلك تحت شعار (أفلام قصيرة ... حكايات عظيمة)، بتنظيم من نادي البحرين للسينما بالتعاون مع وزارة الإعلام.

خلفية وأهداف المهرجان

يُعد مهرجان البحرين السينمائي من أهم الفعاليات الثقافية التي تحتضنها المملكة، وقد تأسس بهدف رئيسي هو دعم وتشجيع المواهب السينمائية المحلية والإقليمية، وتوفير منصة للتعبير الفني والتبادل الثقافي. فمنذ دورته الأولى، سعى المهرجان إلى إثراء الذائقة السينمائية لدى الجمهور البحريني، وتعريفهم بأحدث التوجهات في عالم السينما، لا سيما الأفلام القصيرة التي غالبًا ما تكون منطلقًا لأصوات جديدة ورؤى مبتكرة. ويحرص نادي البحرين للسينما، بصفته الجهة المنظمة، على تطوير محتوى المهرجان عامًا بعد عام، ليتناسب مع التطلعات المتزايدة للمجتمع الفني، ويساهم في بناء جيل جديد من صناع الأفلام القادرين على المنافسة محليًا وعالميًا. ويحظى المهرجان بدعم حكومي من وزارة الإعلام، مما يؤكد على الأهمية التي توليها الدولة للثقافة والفنون كوسيلة للارتقاء بالمجتمع وتعزيز هويته.

برنامج حافل بالورش والحوارات

تتميز الدورة الخامسة بتركيز خاص على الجانب التعليمي والتطويري، من خلال تقديم مجموعة واسعة من ورش العمل والحوارات الفنية التي تستهدف مختلف شرائح المهتمين بالسينما:

ورش العمل التخصصية: تشمل هذه الورش مجالات حيوية في صناعة الأفلام، مثل كتابة السيناريو، الإخراج السينمائي، التصوير الفوتوغرافي والسينمائي، والمونتاج. وتوفر هذه الورش فرصة للمشاركين لصقل مهاراتهم واكتساب معارف جديدة من خبراء الصناعة، مما يساعدهم على تحويل أفكارهم إلى أعمال سينمائية احترافية. وتُعقد الورش في بيئة تفاعلية تتيح التطبيق العملي وتبادل الخبرات بين المشاركين والمدربين.
الحوارات الفنية المعمقة: يقدم المهرجان سلسلة من الجلسات الحوارية والندوات التي تستضيف نخبة من المخرجين والنقاد والمنتجين السينمائيين من البحرين والمنطقة. تتناول هذه الحوارات قضايا محورية تتعلق بمستقبل السينما العربية، تحديات الإنتاج المستقل، دور التكنولوجيا في صناعة الأفلام، وأهمية الفيلم القصير كسرد بصري مؤثر. تهدف هذه الجلسات إلى إلهام المشاركين وتوسيع آفاقهم الفكرية والفنية، وتشجيع النقاش البناء حول التحديات والفرص في المشهد السينمائي الحالي.
عروض الأفلام القصيرة: بالإضافة إلى الجانب التعليمي، يستعرض المهرجان مجموعة مختارة من الأفلام القصيرة المحلية والعربية والعالمية، بعضها يتنافس على جوائز المهرجان. توفر هذه العروض فرصة للجمهور للاطلاع على أحدث الإبداعات السينمائية القصيرة، والتعرف على قصص ورؤى متنوعة تعكس الثقافات المختلفة، وتقدير فن السرد الموجز والمكثف.

أهمية المهرجان وتأثيره

تكمن أهمية هذه الدورة في قدرتها على بناء جسور التواصل بين الأجيال المختلفة من صناع الأفلام، وبينهم وبين الجمهور. فالورش والحوارات لا تقتصر على نقل المعرفة فحسب، بل هي بيئة خصبة لتوليد الأفكار الجديدة، وتكوين شبكات احترافية، وتمكين المواهب الشابة من خلال الإرشاد والتوجيه. يسهم المهرجان في تعزيز الثقافة السينمائية في البحرين، ويساعد على رفع مستوى الوعي بأهمية الفن كأداة للتعبير عن الذات ورصد الواقع الاجتماعي. كما يضع المهرجان البحرين على خريطة الفعاليات السينمائية الإقليمية والدولية، مما يعزز مكانتها كمركز ثقافي وفني في المنطقة. هذا التركيز على التعليم والتطوير يعكس رؤية واضحة لدعم استدامة صناعة السينما المحلية، وتوفير الأدوات اللازمة للارتقاء بجودتها ومستوى إنتاجها.

في الختام، يُنظر إلى الدورة الخامسة لمهرجان البحرين السينمائي على أنها خطوة هامة نحو تطوير المشهد السينمائي البحريني، بفضل برنامجها الشامل الذي يوازن بين التثقيف والإلهام والاحتفاء بالفن السينمائي، وكل ذلك تحت مظلة الشعار الملهم (أفلام قصيرة ... حكايات عظيمة) الذي يؤكد على القوة الكامنة في القصص الموجزة والمؤثرة.