مقاطعة خطاب ترامب في الكنيست وطرد نواب من القائمة المشتركة

في حدث لافت خلال زيارته الرسمية الأولى إلى إسرائيل في مايو 2017، تعرض خطاب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب أمام الكنيست الإسرائيلي لمقاطعة من قبل عدد من النواب العرب، مما أدى إلى طردهم من القاعة في مشهد عكس الانقسامات السياسية العميقة في المنطقة. وقعت الحادثة أثناء إلقاء ترامب كلمة ركزت على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وآفاق السلام، وشكلت نقطة توتر بارزة خلال الزيارة الدبلوماسية.

تفاصيل الواقعة

بينما كان ترامب يتحدث عن الروابط التاريخية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، قام عدد من نواب "القائمة المشتركة"، وهي تحالف سياسي يمثل المواطنين العرب في إسرائيل، بالوقوف ورفع لافتات صغيرة كُتب عليها شعارات تدعم حل الدولتين وتدعو إلى السلام. قاد الاحتجاج رئيس القائمة آنذاك، النائب أيمن عودة، وشاركه نواب آخرون. تعالت أصواتهم لفترة وجيزة قبل أن يتدخل رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، الذي أمر حراس الأمن بإخراجهم من القاعة فوراً. استجاب الحراس للأمر وقاموا بإبعاد النواب من الجلسة بالقوة، بينما واصل ترامب خطابه بعد توقف قصير، محاولاً تجاهل الاضطراب الذي حدث.

خلفية الحدث وسياقه السياسي

جاءت زيارة ترامب في سياق سياسي مشحون بالترقب والغموض. كانت هذه أولى جولاته الخارجية كرئيس، والتي شملت المملكة العربية السعودية وإسرائيل والأراضي الفلسطينية، بهدف استكشاف إمكانية إحياء عملية السلام التي وصفها بـ "الصفقة النهائية". ومع ذلك، كانت إدارته قد أثارت قلق الفلسطينيين والمدافعين عن حل الدولتين بسبب تصريحاتها التي بدت وكأنها تبتعد عن الموقف الأمريكي التقليدي الداعم لإقامة دولة فلسطينية مستقلة. كان протест نواب القائمة المشتركة يهدف إلى لفت انتباه الرئيس الأمريكي والعالم إلى قضية الاحتلال الإسرائيلي والحقوق الفلسطينية، والتي شعروا أنها تُهمَّش في الخطاب السياسي السائد في كل من واشنطن وتل أبيب.

الدوافع وردود الفعل

بررت القائمة المشتركة تصرفها بأنه كان عملاً احتجاجياً مشروعاً وسلمياً ضمن الأطر الديمقراطية، يهدف إلى إيصال رسالة سياسية واضحة في وقت حاسم. وأوضح بيان صادر عنها أن الهدف كان تذكير الرئيس ترامب بأن السلام لا يمكن تحقيقه دون إنهاء الاحتلال وتلبية الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. في المقابل، أثارت الحادثة موجة من الإدانات داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية. وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما حدث بأنه "وصمة عار"، واعتبره العديد من أعضاء الكنيست من أحزاب اليمين والوسط إهانة لضيف أجنبي مرموق وتصرفاً غير لائق بالبرلمان الإسرائيلي. أما الجانب الأمريكي، فقد قلل من أهمية الحادثة، حيث ركز البيت الأبيض على الجوانب الإيجابية للزيارة وعلى متانة التحالف مع إسرائيل.

الأهمية والتداعيات

على الرغم من أن المقاطعة لم تستمر سوى دقائق معدودة، إلا أنها سلطت الضوء بشكل كبير على التحديات التي تواجه أي مبادرة سلام في المنطقة. لقد كشفت الحادثة عن الهوة الكبيرة بين الرواية الرسمية للحكومة الإسرائيلية وموقف شريحة هامة من المواطنين الذين يمثلهم نواب القائمة المشتركة. بالنسبة للمراقبين الدوليين، كانت الواقعة بمثابة تذكير بأن أي محاولة لتحقيق السلام يجب أن تعالج القضايا الجوهرية للصراع، بدلاً من التركيز فقط على العلاقات الثنائية والاتفاقيات الأمنية. كما عززت الصورة النمطية للكنيست كساحة للصراعات السياسية الحادة، وأبرزت الدور الذي يلعبه النواب العرب كصوت معارض قوي داخل النظام السياسي الإسرائيلي.