تصريحات خليل الحيّة: قيادي بحماس يؤكد تصميم الحركة على المضي في اتفاق غزة واستمراريته

في تصريحات مهمة بُثت فجر الثلاثاء الماضي، أكد خليل الحيّة، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، تصميم الحركة على المضي قدمًا في أي اتفاق محتمل بشأن قطاع غزة، مشددًا على ثقته في صمود هذا الاتفاق حتى نهايته. جاءت هذه التصريحات، التي أدلى بها الحيّة لقناة "القاهرة الإخبارية" من العاصمة المصرية، في ظل مرحلة حساسة من المفاوضات الجارية بوساطة دولية لتهدئة الأوضاع في القطاع المحاصر ووضع حد للحرب الدائرة منذ أشهر.

خلفية المفاوضات

تأتي هذه التصريحات على خلفية حرب مستمرة في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، والتي أدت إلى أزمة إنسانية كارثية وغير مسبوقة، ومفاوضات متقطعة ومعقدة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين. منذ بدء الصراع، سعت عدة أطراف إقليمية ودولية، أبرزها مصر وقطر والولايات المتحدة، للتوسط في اتفاق ينهي الأعمال العدائية ويخفف من معاناة المدنيين الفلسطينيين. مرت هذه المساعي الدبلوماسية بالعديد من العقبات، حيث تباينت مطالب كل من حماس وإسرائيل بشكل كبير، مما أدى إلى انهيار جولات سابقة من المحادثات أو عدم إحراز تقدم ملموس.

وقف إطلاق النار الدائم: وهو مطلب أساسي لحماس ترفضه إسرائيل التي تؤكد على ضرورة استئناف عملياتها العسكرية بعد أي هدنة مؤقتة للقضاء على قدرات حماس.
الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية: وهو ما تعتبره حماس شرطًا لعودة النازحين وضمان عدم تجدد القتال والسيطرة الإسرائيلية على القطاع.
تبادل الأسرى والمحتجزين: حيث تركز إسرائيل على عودة جميع الرهائن لديها، بينما تطالب حماس بالإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، بمن فيهم ذوي الأحكام الطويلة.
إدخال المساعدات الإنسانية: فتح المعابر وتدفق المساعدات بكميات كافية دون قيود، وهو أمر حيوي لتخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.

تصريحات الحيّة ومضمونها

تشير تصريحات خليل الحيّة بوضوح إلى موقف حماس من المقترحات المطروحة على الطاولة. قوله إن الحركة "مصممة على المضي في الاتفاق إلى نهايته" يعكس التزامًا قويًا بالوصول إلى تسوية، أو على الأقل، التعامل بجدية مع المسار التفاوضي. هذه العبارة يمكن أن تُفهم على أنها رسالة للأطراف الوسيطة والمجتمع الدولي بأن حماس لا تزال شريكًا راغبًا في التوصل إلى حل، على الرغم من التحديات الهائلة والمعقدة التي واجهتها المفاوضات.

التصميم على المضي قدمًا: يؤكد هذا الجانب من التصريح على أن حماس، على الرغم من تحفظاتها أو اعتراضاتها المحتملة على بعض التفاصيل، مستعدة للدخول في الاتفاق وتنفيذه بالكامل، مما يشير إلى وجود إرادة سياسية داخل قيادة الحركة.
صمود الاتفاق: أما تأكيده على أن "اتفاق غزة سيصمد"، فيحمل دلالات أعمق. قد يعكس هذا ثقة حماس في وجود آليات أو ضمانات دولية قوية داخل المقترح الحالي تجعل الاتفاق أكثر استدامة مما سبق. يمكن أن تتعلق هذه الضمانات بالجدول الزمني لتطبيق المراحل المختلفة للاتفاق، أو بوجود رقابة دولية على التنفيذ، أو حتى بآليات لفض النزاعات قد تنشأ أثناء تطبيق بنوده. هذا التصريح يشير إلى أن حماس ربما ترى في المقترح الأخير ما يلبي بعض مخاوفها الأساسية بشأن استمرارية أي هدنة، لا سيما بعد التجارب السابقة التي شهدت انتهاكات أو عدم التزام من أطراف أخرى.

التطورات الأخيرة والمساعي الدبلوماسية

شهدت الأسابيع الأخيرة تكثيفًا للجهود الدبلوماسية، مع جولات مكوكية للمسؤولين من مصر وقطر والولايات المتحدة بين العواصم المعنية. تم تداول أنباء عن مقترح جديد، غالبًا ما يُوصف بأنه يتألف من ثلاث مراحل، يهدف إلى تحقيق وقف تدريجي لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين، والبدء في جهود إعادة الإعمار في غزة. وقد لاقى هذا المقترح دعمًا دوليًا واسعًا، مع ضغوط مكثفة على كلا الجانبين لقبوله.

المقترح الأخير: يشمل المقترح المطروح عادةً مرحلة أولى تتضمن هدنة قصيرة وإطلاق سراح عدد محدود من الرهائن مقابل أسرى فلسطينيين، تتبعها مراحل أطول تتناول قضايا أكثر تعقيدًا مثل الانسحاب التدريجي للقوات وتبادل شامل للأسرى، وصولًا إلى وقف دائم لإطلاق النار.
جولات المحادثات: استضافت القاهرة والدوحة عدة جولات من المحادثات غير المباشرة بين الأطراف، بمشاركة مسؤولين أمريكيين، في محاولة لتقريب وجهات النظر والوصول إلى صيغة توافقية.

أهمية هذه التصريحات وتداعياتها

تكتسب تصريحات خليل الحيّة أهمية بالغة لعدة أسباب. أولاً، إنها تقدم لمحة نادرة عن الموقف الداخلي لحماس تجاه عملية السلام المحتملة، وتشير إلى وجود إرادة سياسية داخل قيادة الحركة للسير نحو حل. ثانيًا، قد تكون هذه التصريحات بمثابة رسالة موجهة إلى المجتمع الدولي والوسطاء بأن حماس مستعدة لتقديم التنازلات الضرورية أو أنها ترى في المقترح الحالي أساسًا قويًا للبناء عليه. وهذا بدوره يمكن أن يعزز الضغط على إسرائيل لقبول شروط معينة أو لإبداء مرونة أكبر في المفاوضات.

إشارة إلى المرونة: قد تعكس تصريحات الحيّة استعداد حماس لمرونة أكبر في بعض بنود الاتفاق، أو ثقة الحركة في أن الإطار العام للمقترح يحقق الحد الأدنى من مطالبها.
توقعات مستقبلية: إذا كانت هذه التصريحات تعكس موقفًا حقيقيًا، فقد تفتح الباب أمام تسريع وتيرة المفاوضات وربما التوصل إلى اتفاق وشيك، رغم أن الطريق لا يزال محفوفًا بالصعاب.

ثالثًا، يمكن أن يؤثر هذا التصريح على معنويات الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، ويمنحهم بصيص أمل في انتهاء قريب لمعاناتهم. ومع ذلك، يظل الحذر سيد الموقف، فالتاريخ أثبت أن الإعلانات الأولية غالبًا ما تتبعها مفاوضات شاقة وتفاصيل دقيقة يمكن أن تعرقل التقدم. فالكلمات وحدها لا تكفي لضمان اتفاق، بل تتطلب التزامًا حقيقيًا من جميع الأطراف وتغليبًا للمصالح الإنسانية والسياسية على المصالح الضيقة.

في الختام، تشكل تصريحات خليل الحيّة نقطة محورية في المشهد التفاوضي الحالي. بينما تبعث برسالة إيجابية حول نية حماس، يبقى السؤال الأكبر حول مدى توافق رؤية الحركة مع رؤية إسرائيل والأطراف الوسيطة لتفاصيل الاتفاق. إن صمود الاتفاق، كما عبر عنه الحيّة، سيعتمد ليس فقط على تصميم حماس، بل على قدرة جميع الأطراف على تجاوز الخلافات الجوهرية والتوصل إلى صيغة مقبولة تحقق الأمن والاستقرار للمنطقة.