الحكومة المصرية تؤكد: زيادة مرتقبة في أسعار البنزين هي الأخيرة مع استمرار دعم السولار

أكدت مصادر حكومية مصرية أن التحركات المرتقبة لأسعار البنزين تهدف إلى الوصول إلى التكلفة الفعلية، في إطار خطة شاملة لإصلاح منظومة دعم الطاقة، مشيرة إلى أن هذه الخطوة قد تكون الأخيرة في سلسلة الزيادات المنهجية التي شهدتها السنوات الماضية. وفي المقابل، شددت الحكومة على استمرارها في دعم مادة السولار (الديزل) نظراً لأهميتها الاستراتيجية في قطاعات حيوية كالنقل والزراعة، وذلك لتجنب أي ضغوط تضخمية قد تؤثر على أسعار السلع الأساسية والمواطنين.

تفاصيل أحدث قرارات التسعير

عكست القرارات الأخيرة الصادرة عن لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية هذه السياسة المزدوجة بوضوح. ففي اجتماعها الدوري خلال الربع الأول من عام 2024، أقرت اللجنة زيادة في أسعار كافة فئات البنزين (80، 92، و95) بهدف تقليص الفجوة بين سعر البيع المحلي والتكلفة العالمية. وفي الوقت نفسه، أبقت اللجنة على سعر السولار دون تغيير، لتؤكد بذلك النهج الحكومي الذي يفصل بين سياسة تسعير البنزين الموجه للاستهلاك الفردي، وسياسة تسعير السولار الذي يعد عصب الاقتصاد.

وتعتمد اللجنة في قراراتها، التي تُراجع كل ثلاثة أشهر، على معادلة تأخذ في الاعتبار عاملين رئيسيين: متوسط سعر خام برنت في الأسواق العالمية، ومتوسط سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري خلال الربع السابق للقرار.

خلفية برنامج إصلاح دعم الطاقة

يأتي هذا التوجه ضمن برنامج إصلاح اقتصادي واسع تبنته مصر منذ سنوات بهدف معالجة الاختلالات الهيكلية في الموازنة العامة للدولة. فلعقود طويلة، شكل دعم الطاقة عبئاً مالياً ضخماً، حيث كانت الدولة تتحمل فروق الأسعار العالمية، مما أدى إلى استنزاف موارد كان من الممكن توجيهها إلى قطاعات أكثر أهمية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية. وتهدف عملية تحرير أسعار الوقود إلى ترشيد الاستهلاك، وتوجيه الدعم إلى مستحقيه الفعليين عبر برامج الحماية الاجتماعية، وتحقيق استدامة مالية على المدى الطويل.

الأهمية الاستراتيجية لدعم السولار

يرجع إصرار الحكومة على مواصلة دعم السولار إلى دوره المحوري في الحياة اليومية والاقتصادية، حيث إنه الوقود الأساسي لقطاعات متعددة وحيوية، من بينها:

نقل البضائع والسلع: تعتمد عليه غالبية شاحنات النقل الثقيل التي تربط بين المحافظات وتوفر الإمدادات للأسواق.
المواصلات العامة: يُستخدم في تشغيل حافلات النقل العام التي تخدم ملايين الركاب يومياً.
القطاع الزراعي: يعد ضرورياً لتشغيل الجرارات الزراعية ومضخات الري، مما يؤثر بشكل مباشر على تكلفة الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي.

لذلك، فإن أي زيادة كبيرة في سعر السولار من شأنها أن تتسبب في موجة تضخمية واسعة، حيث سترتفع تكاليف الشحن والنقل، مما ينعكس مباشرة على أسعار جميع السلع والخدمات النهائية. وتسعى الحكومة من خلال الإبقاء على دعمه إلى حماية استقرار الأسواق وتخفيف العبء عن كاهل المواطنين، خاصة الفئات الأكثر احتياجاً.

التداعيات الاقتصادية والاجتماعية

تمثل السياسة الحالية محاولة لتحقيق توازن دقيق بين متطلبات الإصلاح المالي والاستقرار الاجتماعي. فمن جهة، يساعد تحرير أسعار البنزين على تخفيف الضغط على الموازنة العامة ويشجع على استخدام وسائل نقل أكثر كفاءة. ومن جهة أخرى، أدت الزيادات المتتالية إلى ارتفاع تكاليف النقل على أصحاب السيارات الخاصة وبعض الأنشطة التجارية الصغيرة. وفي هذا السياق، عملت الحكومة على تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، مثل برنامجي "تكافل وكرامة"، لحماية الأسر الأكثر تضرراً من آثار الإصلاحات الاقتصادية. ومع الوصول بسعر البنزين إلى مستوى التكلفة، من المتوقع أن ترتبط تحركاته المستقبلية بالأسعار العالمية وتقلبات سعر الصرف بدلاً من قرارات رفع الدعم.