مصر: تثبيت أسعار الكهرباء حتى نهاية العام رغم ارتفاع تكلفة الوقود

أعلنت الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، عن استمرار العمل بأسعار شرائح استهلاك الكهرباء الحالية دون أي تغيير حتى نهاية العام الجاري. يأتي هذا القرار ليحسم الجدل والتساؤلات التي أثيرت في الشارع المصري عقب الزيادات الأخيرة التي أقرتها لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية، والتي تؤثر بشكل مباشر على تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية في البلاد.

خلفية القرار وسياق الدعم

تأتي هذه الخطوة في سياق برنامج اقتصادي واسع تتبناه مصر منذ سنوات، يهدف إلى إعادة هيكلة منظومة الدعم لترشيد الإنفاق العام وتوجيه الموارد نحو قطاعات أكثر أهمية مثل الصحة والتعليم. ويشمل هذا البرنامج تحرير أسعار الطاقة بشكل تدريجي، بما في ذلك الكهرباء والمواد البترولية، للوصول بها إلى التكلفة الفعلية للإنتاج والحد من العبء على الموازنة العامة للدولة.

وكان من المقرر تطبيق زيادات جديدة على فواتير الكهرباء عدة مرات خلال العامين الماضيين، إلا أن القيادة السياسية وجهت بتأجيلها مرارًا لتخفيف الأعباء المعيشية عن المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية الصعبة وموجات التضخم المرتفعة. وقد تم تطبيق آخر زيادة في يناير 2024، بعد تأجيلها لمدة 18 شهرًا.

تطورات أسعار الوقود وتأثيرها

شهدت الشهور الأخيرة، وتحديدًا في مارس 2024، قرارًا بتحريك أسعار المواد البترولية مثل البنزين والسولار، وذلك استجابة لارتفاع أسعار النفط عالميًا وتغير سعر صرف الجنيه المصري. هذا القرار أثار مخاوف من أن تتبعه زيادة حتمية في أسعار الكهرباء، نظرًا للاعتماد الكبير لمحطات توليد الكهرباء في مصر على الغاز الطبيعي والمازوت كوقود أساسي للتشغيل.

ويؤدي ارتفاع أسعار الوقود إلى زيادة مباشرة في تكلفة إنتاج الكيلوواط/ساعة من الكهرباء. هذا الأمر يوسع الفجوة بين تكلفة الإنتاج الفعلية وسعر البيع للمستهلك، مما يزيد من قيمة الدعم الذي تتحمله الدولة لتغطية هذا الفارق، ويضع ضغوطًا إضافية على الموارد المالية للحكومة.

الموقف الحكومي وتداعياته

أكدت مصادر مسؤولة أن قرار تثبيت أسعار الكهرباء جاء بناءً على توجيهات رئاسية تهدف إلى حماية المواطنين، خاصة الشرائح الأكثر احتياجًا، من موجة تضخمية جديدة قد تنتج عن زيادة متزامنة في أسعار خدمتين حيويتين. وبذلك، ستتحمل ميزانية الدولة الفارق في التكلفة الناجم عن ارتفاع أسعار الوقود حتى نهاية العام.

يعكس هذا القرار محاولة الحكومة الموازنة بين متطلبات الإصلاح الاقتصادي، التي تقتضي رفع الدعم، والاعتبارات الاجتماعية الملحّة. ورغم أن التثبيت يوفر راحة مؤقتة للمستهلكين، فإنه يعني استمرار الضغط على الموازنة العامة، حيث تقدر تكلفة تأجيل الزيادة بمليارات الجنيهات شهريًا.

نظرة مستقبلية

يشير الخبراء والمحللون إلى أن تثبيت الأسعار هو إجراء مؤقت، وأن خطة إعادة هيكلة أسعار الكهرباء ما زالت قائمة. من المتوقع أن تعاود الحكومة النظر في التعريفة الجديدة مع بداية العام المقبل، حيث يبقى الهدف الاستراتيجي طويل الأمد هو الوصول إلى نقطة تغطية التكلفة التشغيلية لإنتاج الكهرباء بشكل كامل. وتعتمد وتيرة الزيادات المستقبلية على عدة عوامل، منها استقرار أسعار الطاقة العالمية وسعر صرف العملة والوضع الاقتصادي العام في البلاد.