الصليب الأحمر يحذر: استعادة رفات بعض الرهائن من غزة قد تصبح مستحيلة

أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في الآونة الأخيرة عن قلقها العميق بشأن مصير رفات عدد من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، محذرةً من أن جهود استعادتها قد تواجه صعوبات جمة، بل قد تصبح مستحيلة في بعض الحالات. يأتي هذا التحذير ليضيف طبقة جديدة من المعاناة لعائلات تنتظر بفارغ الصبر معرفة مصير ذويها، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، في ظل الحرب المستمرة والظروف المعقدة على الأرض.

تُسلط هذه التصريحات الضوء على التحديات الإنسانية والقانونية الكبيرة التي يفرضها النزاع، وتضع عبئاً إضافياً على كاهل المنظمات الدولية المكلفة بمثل هذه المهام الحساسة. إن عدم القدرة على استعادة الرفات لا يحرم العائلات من حقها في الحداد وإقامة مراسم الدفن اللائقة فحسب، بل يعيق أيضاً أي عملية مستقبلية لتحديد الهوية وتقديم إجابات شافية حول ملابسات الوفاة.

الخلفية التاريخية والتطورات الرئيسية

تعود جذور هذه الأزمة إلى الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل مئات الأشخاص واحتجاز نحو 240 رهينة. ومنذ ذلك الحين، أُطلق سراح بعض الرهائن في صفقات تبادل أو عمليات إنقاذ، بينما تأكد مقتل آخرين. وما زال عشرات الرهائن في عداد المفقودين أو يعتقد أنهم محتجزون في غزة، بما في ذلك عدد غير محدد ممن يُعتقد أنهم لقوا حتفهم في الأسر أو نتيجة للغارات الجوية والعمليات العسكرية.

لطالما لعبت اللجنة الدولية للصليب الأحمر دوراً محورياً كجهة وسيطة محايدة في النزاعات المسلحة، ساعيةً إلى تسهيل تبادل الأسرى والمعتقلين، وتوفير المساعدة الإنسانية، وحماية كرامة ضحايا الحرب، بما في ذلك التعامل مع رفات المتوفين. ومع ذلك، فإن الوضع في غزة، بكثافته السكانية العالية، والدمار الهائل، والقيود الصارمة على الوصول، جعل من مهمتها أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.

أهمية الخبر والتداعيات الإنسانية

تكمن أهمية هذا التحذير في عدة جوانب:

الحق في المعرفة والحداد: لكل عائلة الحق في معرفة مصير أحبائها، سواء كانوا أحياء أم أمواتاً. إن عدم القدرة على استعادة الرفات يحرم العائلات من إغلاق هذا الفصل المؤلم ومن إقامة مراسم الدفن التي تُعد جزءاً أساسياً من عملية الحداد في العديد من الثقافات.
القانون الإنساني الدولي: ينص القانون الإنساني الدولي بوضوح على التزام أطراف النزاع بالتعامل مع رفات المتوفين بكرامة واحترام، وتحديد هويتهم، وتسهيل استعادتهم ودفنهم. يمثل هذا التحذير إشارة إلى انتهاكات محتملة لهذه المبادئ أو صعوبة تطبيقها في ظل الظروف الراهنة.
التأثير النفسي: إن حالة الغموض المستمرة بشأن مصير الرهائن، سواء أحياء أو أمواتاً، تُحدث ضغطاً نفسياً هائلاً على عائلاتهم. ويُعرف هذا النوع من الخسارة باسم "الفقد الغامض"، وهو من أصعب أشكال الفقد التي يواجهها الأفراد.
توثيق الجرائم: تُعد استعادة الرفات وتحديد هويتها خطوة حاسمة في توثيق الوفيات التي حدثت في سياق النزاع، وهو أمر ضروري للمساءلة والعدالة في المستقبل.

التحديات والمعوقات

ترتبط تحذيرات الصليب الأحمر بعدة تحديات رئيسية تحول دون استعادة رفات الرهائن:

الدمار الواسع النطاق: أدت العمليات العسكرية والقصف المتواصل إلى تدمير واسع النطاق للبنية التحتية والمباني في غزة، مما يجعل البحث عن الرفات في أنقاض المباني المدمرة مهمة شاقة وخطيرة.
عدم إمكانية الوصول: تفرض الأوضاع الأمنية المتدهورة والقيود المفروضة على حركة الأفراد والمنظمات الإنسانية صعوبات بالغة على فرق البحث والإنقاذ، بما في ذلك الصليب الأحمر، للوصول إلى المناطق التي قد توجد فيها الرفات.
التعقيدات اللوجستية والفنية: يتطلب تحديد هوية الرفات عمليات معقدة تتضمن الطب الشرعي وتحليل الحمض النووي (DNA)، وهي عمليات يصعب إجراؤها في منطقة حرب تفتقر إلى البنية التحتية والموارد اللازمة.
غياب المعلومات الدقيقة: لا تتوفر معلومات كافية حول مواقع وجود الرفات، أو عدد المتوفين بالضبط، مما يزيد من صعوبة تحديد أولويات عمليات البحث.
الاعتبارات السياسية: غالباً ما تكون قضايا الرفات جزءاً من مفاوضات سياسية معقدة، وقد يتم استخدامها كورقة ضغط، مما يعرقل جهود الاستعادة الإنسانية.

الدور المستقبلي والآفاق

على الرغم من التحذيرات القاتمة، تظل اللجنة الدولية للصليب الأحمر ملتزمة بمواصلة جهودها في مجال الحماية والمساعدة الإنسانية. ويشمل ذلك الدعوة إلى احترام القانون الإنساني الدولي، وتسهيل الوصول الآمن وغير المقيد إلى جميع المناطق المتأثرة بالنزاع، والعمل مع جميع الأطراف المعنية للتوصل إلى حلول إنسانية. إن التوصل إلى هدنة دائمة أو اتفاق سلام شامل من شأنه أن يفتح المجال أمام عمليات بحث واستعادة أكثر فعالية، وهو ما تتطلع إليه العائلات المتضررة بشدة.

في الختام، يمثل تحذير الصليب الأحمر تذكيراً صارخاً بالثمن البشري الباهظ للصراع، والآثار المدمرة التي تتجاوز القتال المباشر لتشمل الألم والمعاناة المستمرة للعائلات، التي قد تُحرم إلى الأبد من معرفة مصير أحبائها أو دفن رفاتهم بكرامة.