سوريا: العثور على سجن سري تحت الأرض بريف حمص استُخدم للتعذيب والاعتقال

كشفت مصادر محلية خلال الأيام القليلة الماضية عن العثور على معتقل سري تحت الأرض في إحدى بلدات ريف حمص، يُعتقد أنه كان يُستخدم من قبل الأجهزة الأمنية السورية كمركز للاعتقال التعسفي والتعذيب المنهجي خلال سنوات النزاع. ويضيف هذا الاكتشاف دليلاً مادياً جديداً إلى السجل الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان المنسوبة للحكومة السورية، ويسلط الضوء مجدداً على قضية عشرات الآلاف من المختفين قسرياً في البلاد.

تفاصيل الاكتشاف

تم العثور على السجن بشكل عرضي أثناء قيام مجموعة من السكان المحليين بإزالة الأنقاض من مبنى مدمر يعود لإحدى المؤسسات الحكومية سابقاً. ويقع المعتقل على عمق عدة أمتار تحت الأرض، ويتألف من شبكة من الممرات الضيقة التي تؤدي إلى زنازين فردية وجماعية صغيرة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، مثل الضوء الطبيعي أو التهوية الكافية. ووصف شهود عيان المكان بأنه "قبر للأحياء"، مشيرين إلى الظروف المروعة التي كان يُحتجز فيها المعتقلون.

عُثر داخل الزنازين على أدلة مادية ملموسة تشير إلى طبيعة المكان المأساوية، ومن بين ما تم توثيقه:

كتابات ورسومات تركها المعتقلون على الجدران، تضمنت أسماء وتواريخ ونداءات استغاثة وعبارات تعبر عن اليأس.
بقايا ملابس وأغراض شخصية متفرقة، يُعتقد أنها تعود للمعتقلين الذين مروا من هذا المكان.
آثار دماء وبقع داكنة على الجدران والأرضيات، مما يعزز فرضية ممارسة التعذيب الجسدي الشديد.
أدوات بدائية يُحتمل أنها استُخدمت في عمليات التعذيب، مثل الكابلات الكهربائية والسلاسل المعدنية.

خلفية: شبكة الاعتقال والتعذيب في سوريا

يأتي هذا الاكتشاف في سياق التقارير الدولية والمحلية الموثقة على نطاق واسع، والتي تتهم الحكومة السورية بإدارة شبكة واسعة من مراكز الاعتقال السرية والرسمية التي مارست فيها التعذيب بشكل منهجي وعلى نطاق واسع، وهو ما قد يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية. وقد أصدرت منظمات حقوقية بارزة مثل هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية تقارير مفصلة استناداً إلى شهادات آلاف الناجين، وصور مسربة مثل "صور قيصر"، التي كشفت عن حجم الانتهاكات المروعة داخل المعتقلات السورية.

تعتبر محافظة حمص، التي أُطلق عليها "عاصمة الثورة"، من أكثر المناطق التي شهدت قمعاً عنيفاً منذ بداية الاحتجاجات في عام 2011. وتعرضت أجزاء واسعة من المحافظة وريفها لعمليات عسكرية وحصار، رافقتها حملات اعتقال واسعة استهدفت النشطاء والمعارضين والمدنيين على حد سواء.

الأهمية والتداعيات المحتملة

تكمن أهمية اكتشاف هذا السجن في كونه دليلاً مادياً يمكن أن يُستخدم في جهود المحاسبة والعدالة المستقبلية. وتعمل منظمات حقوقية سورية ودولية على توثيق مثل هذه المواقع كجزء من ملفات القضايا التي تُرفع ضد مسؤولين في النظام السوري أمام المحاكم الأوروبية بموجب مبدأ "الولاية القضائية العالمية".

على الصعيد الإنساني، يعيد هذا الكشف فتح جراح أهالي المفقودين والمختفين قسرياً، الذين لا يزالون يبحثون عن أي معلومة حول مصير أحبائهم. وتُقدر الشبكة السورية لحقوق الإنسان أعداد المختفين قسراً بعشرات الآلاف، مما يجعلها واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في النزاع السوري. ويطالب النشطاء بضرورة تأمين الموقع والحفاظ على الأدلة الموجودة فيه من أجل أي تحقيقات مستقبلية محايدة ومستقلة.