محمود قماطي يشدد: سلاح المقاومة "خط أحمر" ولبنان يواجه عدواناً إسرائيلياً مستمراً

أكد نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله، محمود قماطي، في تصريحات أدلى بها يوم السبت الماضي، أن سلاح المقاومة يمثل "خطاً أحمر" لا يمكن التنازل عنه بأي شكل من الأشكال. وشدد قماطي على أن هذا السلاح ليس مجرد أداة دفاعية، بل هو "قوة للوطن ورمز لسيادة لبنان"، مؤكداً في الوقت ذاته أن لبنان يتعرض لـ "عدوان يومي" من قبل إسرائيل. تأتي هذه التصريحات في سياق التوترات الإقليمية المستمرة والجدل الداخلي حول دور حزب الله ومستقبل ترسانته العسكرية.

الخلفية التاريخية والسياسية لسلاح المقاومة

تعود جذور "سلاح المقاومة" إلى فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، حيث تشكل حزب الله كحركة مقاومة عسكرية رئيسية بهدف إنهاء الاحتلال والدفاع عن الأراضي اللبنانية. بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000، حافظ الحزب على ترسانته، مبرراً ذلك بوجود تهديدات إسرائيلية مستمرة واحتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية. يعتبر الحزب سلاحه ضمانة لأمن لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، التي تشمل انتهاكات المجال الجوي والبحري والحدود البرية.

على الصعيد الداخلي اللبناني، يمثل سلاح حزب الله نقطة خلاف جوهرية. بينما يعتبره جزء كبير من المؤيدين ضمانة وطنية للدفاع عن السيادة وحماية البلاد من أي عدوان خارجي، يرى خصومه السياسيون أنه يمثل دولة داخل الدولة، ويتعارض مع مفهوم حصرية السلاح بيد المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية للدولة اللبنانية. هذه الانقسامات تعيق تشكيل حكومات مستقرة وتؤثر على القدرة اللبنانية على اتخاذ قرارات سيادية موحدة، خصوصاً فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والدفاع.

العدوان الإسرائيلي المستمر وتأثيره على لبنان

يشير قماطي بتصريحاته حول "العدوان اليومي" إلى مجموعة من الممارسات الإسرائيلية التي يعتبرها لبنان انتهاكات لسيادته. وتشمل هذه:

التحليقات الجوية المكثفة: طائرات الاستطلاع والحربية الإسرائيلية تخترق الأجواء اللبنانية بشكل شبه يومي، وغالباً ما تُستخدم لجمع المعلومات الاستخباراتية وشن غارات على أهداف في سوريا.
انتهاكات الحدود البحرية والبرية: اعتراض زوارق صيد لبنانية، واختراقات للخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة بعد انسحاب عام 2000.
احتلال أراضٍ لبنانية: استمرار احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقسم من بلدة الغجر، التي يعتبرها لبنان جزءاً من أراضيه، وتطالب الأمم المتحدة إسرائيل بالانسحاب منها.
التدخلات الإقليمية: استهداف مواقع في سوريا يُزعم أنها مرتبطة بحزب الله أو إيران، ما يثير مخاوف من جر لبنان إلى صراعات إقليمية أوسع.

تؤدي هذه الانتهاكات إلى حالة من التوتر الدائم على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وتعيق أي جهود لإحلال سلام دائم أو ترسيم كامل للحدود، كما أنها تضع ضغوطاً متواصلة على الاستقرار الأمني والاقتصادي للبنان.

التطورات الأخيرة ومواقف الأطراف

تأتي تصريحات قماطي في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، خاصة مع استمرار الحرب في غزة والاشتباكات المتقطعة على الحدود اللبنانية الجنوبية بين حزب الله والقوات الإسرائيلية. هذه الاشتباكات، التي بدأت منذ 7 أكتوبر 2023، أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين من البلدات الحدودية على الجانبين، وزادت من حدة الدعوات الإقليمية والدولية لضبط النفس وتطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2006.

ينص القرار 1701 على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، ووقف الأعمال العدائية، ونشر القوات المسلحة اللبنانية على طول الحدود، ونزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان باستثناء الجيش اللبناني. يرى حزب الله أن هذا القرار لم يُنفذ بالكامل من الجانب الإسرائيلي، مما يبرر استمراره في الاحتفاظ بسلاحه. في المقابل، تضغط الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على لبنان لتطبيق القرار كاملاً، بما في ذلك نزع سلاح حزب الله، كشرط أساسي لضمان استقرار طويل الأمد.

على المستوى الداخلي، تتجدد المطالبات بدمج سلاح حزب الله في الجيش اللبناني، خاصة من قبل الأحزاب التي تعتبر نفسها على الحياد في الصراع الإقليمي أو تلك التي تتبنى خطاباً سيادياً للدولة. يعتبر مؤيدو هذا الطرح أن دمج السلاح سيعزز من قدرة الدولة ويقلل من المخاطر التي تتهدد لبنان بالانجرار إلى صراعات لا يريدها الشعب اللبناني.

لماذا تهمنا هذه الأخبار؟

تصريحات قماطي تعكس موقفاً راسخاً لحزب الله وتلقي الضوء على التحديات المعقدة التي تواجه لبنان. إنها ليست مجرد بيانات سياسية، بل هي مؤشرات على استمرار حالة عدم الاستقرار في المنطقة، وترسخ الانقسامات الداخلية حول مستقبل الدولة اللبنانية. فهم هذا السياق ضروري لعدة أسباب:

تؤثر هذه الديناميكيات بشكل مباشر على الأمن الإقليمي، حيث يشكل أي تصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية خطراً على المنطقة بأكملها.
تعيق هذه القضايا الجهود الدولية والمحلية لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في لبنان، الذي يعاني أصلاً من أزمة اقتصادية خانقة.
تكشف عن استمرار الصراع بين المفهومين المتنافسين للدفاع عن لبنان: أحدهما يعتمد على قوة المقاومة المسلحة، والآخر على حصرية السلاح بيد الدولة.

بالتالي، تظل قضية سلاح المقاومة والعدوان الإسرائيلي محورية في النقاش العام والسياسي اللبناني والإقليمي، وتستمر في تشكيل مسار الأحداث في هذه المنطقة الحساسة من العالم.