عائلة الشرع في دائرة الضوء: شقيقان في الحكومة وآخر تحت العقوبات

في أعقاب التحولات السياسية الجذرية التي شهدتها سوريا في أواخر عام 2024، ومع صعود هيئة تحرير الشام إلى سدة الحكم في دمشق، برزت عائلة القائد الفعلي الجديد، أحمد الشرع، المعروف بلقب "أبو محمد الجولاني"، بشكل لافت على الساحة العامة. وسرعان ما سلطت الأضواء على الأدوار المتباينة التي يلعبها أشقاؤه، حيث تولى اثنان منهم مناصب حكومية بارزة، بينما يظل ثالثهم شخصية عسكرية خاضعة للعقوبات الدولية، مما يعكس التعقيدات والتناقضات التي تواجه الإدارة الجديدة في سوريا.

خلفية المشهد السياسي الجديد

بعد سيطرة فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام على العاصمة دمشق في ديسمبر 2024 وإعلان نهاية حكم نظام الأسد، بدأت مرحلة انتقالية تهدف إلى تشكيل هيكل حكم جديد. وفي هذا السياق، تم الإعلان عن حكومة تسيير أعمال برئاسة محمد البشير، بهدف إدارة شؤون البلاد خلال الفترة المقبلة. وقد أثارت التعيينات في هذه الحكومة اهتماماً واسعاً، خاصة تلك التي شملت شخصيات مقربة من الدائرة الضيقة للسلطة الجديدة، وفي مقدمتهم أشقاء أحمد الشرع.

الأشقاء في المناصب الحكومية

كشفت التقارير الإخبارية عن تولي اثنين من أشقاء الشرع لمسؤوليات حساسة في الحكومة الانتقالية، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على تركيز السلطة ورغبة القيادة الجديدة في ضمان ولاء المؤسسات الرئيسية. وتوزعت الأدوار كالتالي:

إبراهيم الشرع: تم تعيينه في منصب وزير الداخلية. ويُعد هذا المنصب واحداً من أهم الحقائب الوزارية، حيث يمنحه السيطرة على جهاز الشرطة والأمن الداخلي وكافة الأجهزة التنفيذية المرتبطة به. ويمثل تسليم هذه الوزارة لشقيق القائد الفعلي للبلاد خطوة استراتيجية لضمان إحكام القبضة على الوضع الأمني في مرحلة تتسم بالسيولة وعدم الاستقرار.
محمد الشرع: تولى منصباً إدارياً واقتصادياً مهماً، حيث تشير المعلومات إلى إدارته لهيئة خدمية أو اقتصادية محورية. ويركز دوره على إدارة الموارد وتسيير القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطنين اليومية. ويكتسب هذا الدور أهمية خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الهائلة التي تواجهها البلاد، والحاجة الماسة لإعادة بناء الثقة مع الشارع السوري من خلال تحسين الخدمات الأساسية.

الشقيق الثالث: قائد عسكري تحت طائلة العقوبات

على النقيض من شقيقيه اللذين دخلا العمل الحكومي، يبرز الشقيق الثالث، عامر الشرع، كقائد عسكري ضمن صفوف هيئة تحرير الشام. وبسبب دوره ونشاطه في الهيئة، التي تصنفها الولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية، يخضع عامر لعقوبات دولية. هذا التباين الحاد بين مسارات الأشقاء الثلاثة يجسد الازدواجية التي تواجهها الإدارة السورية الجديدة: فبينما تحاول تقديم وجه سياسي مدني للعالم عبر الحكومة، لا تزال جذورها العسكرية وتصنيفها الدولي يلقيان بظلالهما على المشهد.

دلالات وتأثيرات سياسية

يثير وجود أشقاء الشرع في مناصب قيادية تساؤلات حول طبيعة هيكل السلطة الجديد وما إذا كان يتجه نحو حكم يعتمد على الولاءات العائلية بدلاً من الكفاءة والمؤسسية. ويرى محللون أن هذه التعيينات قد تكون محاولة من أحمد الشرع لتأمين دائرته المقربة في المراكز الحساسة للدولة خلال الفترة الانتقالية المليئة بالتحديات. وفي الوقت نفسه، يمثل وجود شقيق خاضع للعقوبات عقبة أمام محاولات الإدارة الجديدة لكسب الشرعية والاعتراف الدوليين، إذ يسلط الضوء على الماضي العسكري للجماعة التي تقود البلاد حالياً. وستبقى الأدوار التي يلعبها أشقاء الشرع محط أنظار المراقبين، باعتبارها مؤشراً على مدى قدرة القيادة الجديدة على الموازنة بين متطلبات الحكم وبناء دولة مستقرة من جهة، وإرثها الأيديولوجي والعسكري من جهة أخرى.