شهدت أسواق المعادن الثمينة تراجعًا ملحوظًا في أسعار الذهب على المستوى العالمي يوم الإثنين 3 نوفمبر 2025، وهو ما يعكس تحولات في المعنويات الاقتصادية وتوقعات السياسة النقدية. هذا الانخفاض جاء في سياق تزايد قوة الدولار الأمريكي وتقليص المستثمرين لرهاناتهم على خفض وشيك لأسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي.

تراجع حاد في أسعار الذهب عالميًا يوم الإثنين 3 نوفمبر 2025

تأثر سعر الأوقية للذهب بتعزيز قيمة الدولار الأمريكي، الذي شهد ارتفاعًا مقابل سلة العملات الرئيسية. عادةً ما يؤدي ارتفاع الدولار إلى جعل الذهب المقوم به أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين من حاملي العملات الأخرى، مما يقلل من جاذبيته ويضغط على أسعاره. كما تلعب توقعات السوق بشأن السياسة النقدية دورًا حاسمًا، حيث قلص المستثمرون بشكل كبير من احتمالات قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في اجتماعاته القادمة، وهو عامل يدعم عادة قيمة الدولار على حساب الذهب.

خلفية وتأثير السياسة النقدية

يُعرف الذهب تقليديًا بأنه أصل لا يدر عائدًا، وبالتالي فإن جاذبيته غالبًا ما تتأثر بحركة أسعار الفائدة. عندما ترتفع أسعار الفائدة أو يتوقع السوق ارتفاعها، تزداد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب مقارنة بالأصول الأخرى التي تدر عائدًا مثل السندات الحكومية أو الودائع المصرفية. من جهة أخرى، يعمل الدولار الأمريكي كملاذ آمن بحد ذاته، وتعتبر قوته مؤشرًا على ثقة المستثمرين في الاقتصاد الأمريكي والسياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. العلاقة بين الذهب والدولار غالبًا ما تكون عكسية؛ فارتفاع أحدهما غالبًا ما يؤدي إلى انخفاض الآخر.

تصريحات باول وتوقعات السوق

جاء هذا التغير في توقعات السوق بشكل رئيسي بعد التصريحات التي أدلى بها جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في الأسبوع السابق. وُصفت تصريحات باول بأنها "متشددة"، حيث أشار إلى أن البنك المركزي قد يحتاج إلى الحفاظ على أسعار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة لفترة أطول مما كان متوقعًا في السابق لمواجهة التضخم، أو حتى رفعها مرة أخرى إذا لزم الأمر. هذه اللهجة القوية قللت من آمال السوق في تخفيف السياسة النقدية قريبًا، مما دفع المستثمرين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم. انخفضت احتمالية خفض الفائدة بنسبة كبيرة في اجتماع السياسة النقدية القادم، ما عزز قوة الدولار وقلل الطلب على الذهب كأصل تحوط ضد انخفاض قيمة العملة.

الذهب كملاذ آمن في ظل التقلبات

على الرغم من كونه ملاذًا آمنًا تقليديًا في أوقات عدم اليقين الاقتصادي أو الجيوسياسي، إلا أن الذهب يتأثر أيضًا بشدة بديناميكيات أسعار الفائدة الحقيقية، وهي أسعار الفائدة الاسمية مطروحًا منها معدل التضخم. فمع ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية، يصبح الاحتفاظ بالذهب أقل جاذبية. وفي الوقت الراهن، يبدو أن تركيز السوق ينصب على قوة الدولار وتوقعات السياسة النقدية أكثر من المخاوف الجيوسياسية، على الأقل في هذا اليوم المحدد، مما يفسر التراجع الحاد. يستمر المستثمرون في مراقبة البيانات الاقتصادية العالمية عن كثب، بما في ذلك أرقام التضخم والنمو الاقتصادي، لتحديد المسار المستقبلي لأسعار الذهب.

التداعيات المحتملة وآفاق المستقبل

يُعد هذا الانخفاض في سعر الذهب بمثابة تذكير بتقلبات السوق وتأثره الشديد بتصريحات البنوك المركزية والبيانات الاقتصادية الكلية. تشمل التداعيات المحتملة ما يلي:

للمستثمرين: قد يواجه حاملو الذهب خسائر على المدى القصير، بينما قد يرى البعض في هذا التراجع فرصة للشراء بأسعار أقل، اعتمادًا على رؤيتهم طويلة المدى لأسعار الفائدة والتضخم.
على الاقتصاد العالمي: قد يشير ارتفاع الدولار إلى ضغوط أكبر على الاقتصادات التي تعتمد على الاستيراد، حيث تصبح السلع المقومة بالدولار أكثر تكلفة. كما يمكن أن يؤثر على أسعار السلع الأخرى التي يتم تسعيرها بالدولار.
لمصنعي المجوهرات والصناعات: قد يقلل انخفاض سعر الذهب من تكلفة المواد الخام على المدى القصير، ولكنه يعتمد أيضًا على ديناميكيات الطلب الإجمالية.

من المتوقع أن تظل أسواق الذهب متقلبة في الفترة المقبلة، حيث يترقب المستثمرون المزيد من الإشارات من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن مسار السياسة النقدية، بالإضافة إلى التطورات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.