مهرجان نقابة المهن التمثيلية يختتم فعالياته بـ 3 عروض مسرحية وورشة الرقص المعاصر

تختتم اليوم الجمعة فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان نقابة المهن التمثيلية، الذي يُعد منصةً حيوية لدعم وتطوير المواهب الفنية في مصر. يشهد اليوم الختامي تقديم ثلاثة عروض مسرحية مميزة، إلى جانب اختتام ورشة عمل الرقص المعاصر التي أثرت التجربة الفنية للمشاركين في المعهد العالي للفنون المسرحية. يهدف المهرجان، الذي يرأسه الدكتور أشرف زكي، إلى إثراء الحركة المسرحية وتقديم أعمال متنوعة للجمهور، ويؤكد على دوره المحوري في المشهد الثقافي المصري.

فعاليات اليوم الختامي: عروض أدبية ورقص معاصر

يتضمن برنامج اليوم الأخير ثلاث مسرحيات متنوعة تُقدم على مسارح مختلفة بالقاهرة، مما يعكس التنوع الفني للمهرجان وقدرته على استقطاب أعمال ذات قيمة فنية عالية تستمد إلهامها من كلاسيكيات الأدب العالمي والمصري. تبدأ العروض في السادسة مساءً على مسرح الفلكي بالجامعة الأمريكية، حيث يقدم المخرج والدراماتورج محمود الحسيني مسرحية «الجريمة والعقاب»، وهي معالجة مسرحية حديثة لنص الروائي الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي. يستكشف العرض أبعادًا نفسية وفلسفية عميقة مستوحاة من الرواية الأصلية، متناولًا قضايا الذنب، التكفير، وصراع الإنسان مع الضمير والمجتمع، مما يتيح للجمهور فرصة للتأمل في قيم العدالة الأخلاقية والمعضلات الإنسانية الخالدة.

وفي الثامنة مساءً، يستضيف مسرح المعهد العالي للفنون المسرحية عرض «أسوار» للمخرج محمد ياسين. يستند هذا العمل إلى نص الكاتب الأمريكي الكبير أوجست ويلسون، الذي يُعرف بمسرحياته التي تتناول تجارب الأمريكيين الأفارقة في القرن العشرين. يقدم العرض رؤية درامية تتناول تحديات الإنسان وصراعاته الداخلية والخارجية في إطار اجتماعي معقد، مسلطًا الضوء على قضايا الهوية، الطبقية، والأحلام المحطمة. يبرز العرض قدرة المسرح على طرح القضايا الإنسانية بجرأة وعمق، مؤكدًا على أهمية الفن في فهم الواقع والتعبير عنه بصدق.

ويُختتم اليوم بمسرحية «قولتلك خللي بالك» في العاشرة مساءً على مسرح نهاد صليحة. هذا العرض من دراماتورجيا وإخراج محمود عبد الرازق، وهو مقتبس من رائعة الكاتب المصري الكبير لينين الرملي «الهمجي». يُعرف الرملي بقدرته الفائقة على مزج الكوميديا السوداء بالنقد الاجتماعي العميق، حيث يقدم «الهمجي» نقدًا لاذعًا للقيم المجتمعية والتناقضات الإنسانية. من المتوقع أن يقدم هذا العرض معالجة معاصرة تعكس قضايا مجتمعية راهنة بأسلوب فكاهي وساخر يدفع المشاهد للتفكير وإعادة تقييم الواقع من حوله.

بالتزامن مع العروض المسرحية، تختتم ورشة الرقص المعاصر فعالياتها اليوم. قاد الورشة الفنان والمصمم الحركي مناضل عنتر، واستمرت جلستها الأخيرة من الواحدة ظهرًا حتى الرابعة عصرًا بالمعهد العالي للفنون المسرحية. هدفت الورشة إلى صقل مهارات المشاركين في فن الرقص المعاصر، وتزويدهم بتقنيات جديدة وأساليب تعبيرية مبتكرة تتجاوز الحدود التقليدية. تسهم هذه الورش المتخصصة في إثراء المشهد الفني المصري ودعم الفنانين الشباب في مجال الرقص، الذي يُعد جزءًا حيويًا من التعبير الثقافي والفني المعاصر.

أهمية المهرجان ودوره في دعم الحركة الفنية

يُعد مهرجان نقابة المهن التمثيلية، تحت قيادة الدكتور أشرف زكي بصفته نقيب الممثلين، حدثًا سنويًا بارزًا في الأجندة الثقافية والفنية المصرية. تأسس المهرجان بهدف رئيسي هو اكتشاف ورعاية المواهب التمثيلية والإخراجية الشابة، وتوفير منصة احترافية لهم لعرض أعمالهم أمام الجمهور والنقاد والمتخصصين في المجال. كما يسعى المهرجان إلى تحفيز الإبداع، وتجديد الخطاب المسرحي، من خلال تقديم أعمال متنوعة تتراوح بين المعالجات الكلاسيكية للنصوص العالمية والمصرية، والأعمال المسرحية المعاصرة التي تتناول قضايا الساعة بجرأة وعمق.

شهدت الدورة الثامنة من المهرجان مشاركة واسعة وغير مسبوقة، حيث بلغ عدد العروض المسرحية المشاركة 32 عرضًا. هذا العدد الكبير يؤكد على الحيوية والنشاط المتواصل للحركة المسرحية في مصر، ويعكس مدى الإقبال على المشاركة في مثل هذه الفعاليات التي تتيح فرصًا ثمينة للتبادل الفني، واكتساب الخبرات، وتكوين شبكات علاقات مهنية قيمة. تنوعت العروض المشاركة لتشمل أعمالًا درامية وكوميدية وتجريبية، مقدمةً بانوراما شاملة لأحدث التوجهات والأفكار في المسرح المصري المعاصر، مما يعزز من مكانته كقوة دافعة للتجديد الفني.

تسهم هذه المهرجانات بشكل فعال في بناء جسور التواصل بين الأجيال الفنية المختلفة، من فنانين صاعدين ونجوم مخضرمين، وتلعب دورًا محوريًا في إثراء المحتوى الثقافي ورفع مستوى الوعي الفني لدى الجمهور المصري. كما أنها فرصة لا تقدر بثمن للمشاركين لتقييم أعمالهم وتلقي ملاحظات بناءة من لجان التحكيم والجمهور، والتعلم من تجارب الآخرين، مما ينعكس إيجابًا على مسيرتهم الفنية المستقبلية ويفتح لهم آفاقًا جديدة في عالم التمثيل والإخراج، ويساهم في استدامة وتطور الصناعة المسرحية في البلاد.