تفاصيل شكوى الزمالك ضد الأهلي بسبب غلاف المجلة: أبعاد الأزمة الجديدة

تصاعدت وتيرة التوتر بين قطبي الكرة المصرية، ناديي الأهلي والزمالك، مع مطلع عام 2024، إثر قرار إدارة نادي الزمالك بتقديم شكوى رسمية ضد النادي الأهلي بسبب ما اعتبرته تجاوزات في غلاف مجلة الأهلي الرسمية. هذه الخطوة أعادت الجدل حول دور الإعلام الرياضي وحدود المنافسة الشريفة بين الأندية، لتُضيف فصلاً جديدًا إلى سجل المواجهات التاريخية بين الغريمين التقليديين.

خلفية التنافس التاريخي والإعلام الرياضي

لطالما شهدت العلاقة بين الأهلي والزمالك مستويات عالية من التنافس، ليس فقط على أرض الملعب ولكن أيضًا في الفضاء الإعلامي. تتسم كلتا المؤسستين بإعلام قوي وموجه لجمهورهما العريض، سواء عبر القنوات التلفزيونية الرسمية أو المجلات والصحف الخاصة بهما. غالبًا ما تتحول هذه المنصات إلى ساحات لصراع إعلامي، يعكس حدة المنافسة وتطلعات الجماهير. تُعد المجلات الرسمية للأندية أدوات هامة للتواصل مع الأنصار وتوثيق الإنجازات، ولكنها في الوقت نفسه قد تصبح مصدرًا للخلافات إذا ما تجاوزت الخطوط الحمراء المتعارف عليها في الخطاب الإعلامي الرياضي.

كما أن قضية "نادي القرن" التي تعود إلى سنوات طويلة، والتي يرى فيها كل نادٍ أنه الأحق باللقب، تمثل نقطة خلاف دائمة وتُستخدم كأداة للمزايدة الإعلامية. هذه الخلفية تُشير إلى أن أي إشارة أو رمز، مهما بدا بسيطًا، قد يُفسر على أنه جزء من حرب إعلامية أوسع نطاقًا.

تفاصيل الواقعة: غلاف مجلة الأهلي المثير للجدل

في أواخر ديسمبر 2023، صدر العدد الأخير من مجلة الأهلي، والذي حمل غلافًا أثار حفيظة إدارة وجماهير نادي الزمالك. تضمن الغلاف صورًا للاعبي الأهلي وشعار بطولة كأس العالم للأندية، التي شارك فيها النادي مؤخرًا وحقق فيها المركز الثالث. النقطة الجوهرية التي أثارت اعتراض الزمالك كانت استخدام نجمة واحدة أسفل شعار النادي الأهلي على الغلاف، إلى جانب عبارات اعتبرها الزمالك تقليلًا من شأنه وتاريخه العريق في البطولات الإفريقية والمحلية. فسر الزمالك هذا التصرف على أنه محاولة لتجاهل عدد البطولات الإفريقية الكبيرة التي يحوزها وتشويه لوضعه التاريخي، خاصة وأن قضية عدد النجوم التي توضع فوق أو أسفل الشعار لتمثيل البطولات القارية والمحلية تُعد حساسة للغاية في كرة القدم المصرية.

ادعى الزمالك أن هذا الغلاف لم يكن مجرد احتفاء بإنجاز الأهلي، بل كان يحمل رسائل ضمنية تهدف إلى استفزاز النادي المنافس والتقليل من إنجازاته، مما يتنافى مع مبادئ الروح الرياضية ويساهم في تأجيج التعصب بين الجماهير.

أسباب شكوى الزمالك والجهات المستهدفة

بناءً على ما رآه الزمالك "تجاوزات إعلامية" ومحاولة لزعزعة الاستقرار الرياضي، قررت إدارة النادي برئاسة الكابتن حسين لبيب تقديم شكوى رسمية ضد النادي الأهلي ومجلة الأهلي. وُجهت الشكوى بشكل أساسي إلى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، وهو الجهة المسؤولة عن مراقبة المحتوى الإعلامي وضمان التزامه بالمعايير المهنية والأخلاقية.

تضمنت الشكوى اتهامات لـ مجلة الأهلي بـ:

مخالفة ميثاق الشرف الإعلامي.
التحريض على التعصب الجماهيري.
التقليل من قيمة نادٍ رياضي كبير له تاريخه وإنجازاته.
استخدام منصة إعلامية رسمية لنشر رسائل استفزازية.

الزمالك طالب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد مجلة الأهلي ومسؤوليها، مشددًا على ضرورة وضع حد لمثل هذه الممارسات التي تضر بالمنظومة الرياضية ككل وتزيد من حدة الاحتقان بين الجماهير.

رد فعل الأهلي والجهات المسؤولة

على الجانب الآخر، لم يصدر عن النادي الأهلي أو مجلة الأهلي بيان رسمي مفصل يرد على اتهامات الزمالك بشكل مباشر حتى وقت تقديم هذه الشكوى. إلا أن موقف الأهلي العام في مثل هذه الحالات غالبًا ما يرتكز على التأكيد على أحقيته في الاحتفاء بإنجازاته وتقديم محتوى إعلامي يعكس تاريخه وتطلعات جماهيره، مع نفي أي نية للتقليل من شأن الأندية الأخرى.

أما المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، فقد أكد في أوائل يناير 2024 استلامه لشكوى نادي الزمالك وبدء التحقيق فيها. من المتوقع أن يقوم المجلس بدراسة محتوى الغلاف المثير للجدل، ومقارنته بالمعايير الإعلامية المعتمدة وميثاق الشرف الصحفي، والاستماع إلى الأطراف المعنية قبل إصدار أي قرار أو توصية. قد تشمل الإجراءات المحتملة توجيه توبيخ، أو فرض غرامات، أو المطالبة بتصحيح، أو حتى إحالة الأمر إلى جهات قضائية إذا ما ثبت وجود مخالفات جسيمة.

الآثار المحتملة وتداعيات الأزمة

تُعد هذه الشكوى مؤشرًا على استمرار حساسية العلاقة بين الأهلي والزمالك وتأثير الإعلام في تأجيج أو تهدئة الصراعات. من المحتمل أن تُسفر هذه الأزمة عن عدة تداعيات:

تأجيج التعصب: قد تزيد مثل هذه الخلافات الإعلامية من حدة التعصب بين الجماهير، مما يُشكل تحديًا أمام جهود نبذ العنف والتشجيع على الروح الرياضية.
تدخل الجهات التنظيمية: تُعزز هذه الواقعة دور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام كجهة رقابية لا غنى عنها لضبط المشهد الإعلامي الرياضي.
سابقة قانونية: قد تُشكل أي قرارات يتخذها المجلس سابقة مهمة في التعامل مع المحتوى الإعلامي للأندية في المستقبل.
تأثير على صورة الأندية: قد يؤثر الخلاف على الصورة العامة للناديين، سواء محليًا أو قاريًا، إذا ما استمرت المناوشات خارج الإطار الرياضي التنافسي الشريف.

في الختام، تُبرز قضية غلاف المجلة أهمية الانضباط الإعلامي في الوسط الرياضي وضرورة الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمهنية، خاصة في بيئة تنافسية شديدة كالتي تجمع بين قطبي الكرة المصرية. إن انتظار قرار المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام سيكون له دور حاسم في تحديد مسار هذه الأزمة وتداعياتها المستقبلية على العلاقة بين الناديين.