قمة شي وترامب تسفر عن هدنة تجارية توقف مؤقتاً فرض رسوم جمركية جديدة

في خطوة أعادت بعض الهدوء إلى الأسواق العالمية، توصلت الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق لوقف التصعيد في حربهما التجارية مؤقتاً، وذلك عقب اجتماع مرتقب بين الرئيسين دونالد ترامب وشي جين بينغ. جاء هذا الاتفاق على هامش قمة مجموعة العشرين التي عقدت في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس في الأول من ديسمبر 2018، حيث اتفق الزعيمان على هدنة تهدف إلى إفساح المجال أمام مفاوضات مكثفة لحل الخلافات العميقة بين أكبر اقتصادين في العالم.

خلفية التوترات التجارية المتصاعدة

شهد عام 2018 تصاعداً خطيراً في النزاع التجاري بين واشنطن وبكين. بدأت إدارة الرئيس ترامب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بمليارات الدولارات، مشيرة إلى مخاوف بشأن الممارسات التجارية غير العادلة للصين، والعجز التجاري الأمريكي الكبير، وسرقة الملكية الفكرية. وردت الصين بإجراءات انتقامية مماثلة، حيث فرضت رسوماً على المنتجات الأمريكية، مما أدخل البلدين في حلقة مفرغة من التصعيد هددت استقرار الاقتصاد العالمي وأثارت قلق المستثمرين والشركات في جميع أنحاء العالم. قبل القمة، كانت الولايات المتحدة قد فرضت بالفعل رسوماً بنسبة 10% على ما قيمته 200 مليار دولار من الواردات الصينية، مع التهديد برفع هذه النسبة إلى 25% بحلول بداية عام 2019.

تفاصيل الهدنة المؤقتة

لم يكن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في بوينس آيرس حلاً نهائياً للنزاع، بل كان بمثابة "وقف إطلاق نار" تجاري لمدة 90 يوماً. هدفت هذه الفترة إلى خلق بيئة مناسبة للمفاوضين من كلا الجانبين للتوصل إلى تسوية شاملة. وتضمنت النقاط الرئيسية للاتفاق ما يلي:

تعهدت الولايات المتحدة بتأجيل خططها لزيادة الرسوم الجمركية من 10% إلى 25% على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار، والتي كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير 2019.
في المقابل، وافقت الصين على شراء كمية "كبيرة جداً" وغير محددة بعد من المنتجات الزراعية والطاقة والصناعية وغيرها من المنتجات الأمريكية للمساعدة في تقليص الفجوة التجارية بين البلدين.
التزم الطرفان بالبدء فوراً في مفاوضات حول تغييرات هيكلية جوهرية تتعلق بنقل التكنولوجيا القسري، وحماية الملكية الفكرية، والحواجز غير الجمركية، والهجمات السيبرانية، والزراعة.
تم تحديد إطار زمني صارم للمفاوضات يبلغ 90 يوماً. وإذا لم يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق بنهاية هذه الفترة، فإن نسبة الرسوم الجمركية البالغة 10% سترتفع إلى 25% كما كان مخططاً.

الأهمية وردود الفعل الفورية

كان لهذه الهدنة أهمية كبرى، حيث جنّبت الاقتصاد العالمي انزلاقاً فورياً نحو مزيد من عدم اليقين. وقد استجابت الأسواق المالية العالمية بشكل إيجابي وفوري للأنباء، حيث سجلت أسواق الأسهم ارتفاعاً ملحوظاً في جلسة التداول التالية للقمة، إذ رأى المستثمرون في الاتفاق بادرة أمل على إمكانية حل النزاع عبر الحوار بدلاً من التصعيد المستمر. ومع ذلك، لم يمثل الاتفاق حلاً للقضايا الشائكة العالقة، بل مجرد تأجيل للمواجهة، مما ترك الباب مفتوحاً أمام جميع الاحتمالات.

الآفاق المستقبلية والتحديات

على الرغم من التفاؤل الحذر الذي ساد في أعقاب القمة، أشار العديد من المحللين إلى أن التحديات الحقيقية لا تزال قائمة. فالخلافات بين الولايات المتحدة والصين تتجاوز الميزان التجاري لتشمل قضايا هيكلية معقدة تتعلق بنموذج الصين الاقتصادي وطموحاتها التكنولوجية. وبالتالي، كانت فترة التسعين يوماً بمثابة اختبار حقيقي لمدى جدية الطرفين في تقديم تنازلات جوهرية للتوصل إلى صفقة دائمة. لقد أدى الاتفاق إلى تحويل النزاع من حرب رسوم جمركية مفتوحة إلى مرحلة مفاوضات مكثفة وشديدة الصعوبة، مع بقاء شبح التصعيد قائماً في حال فشل المحادثات.